الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسعار النفط إلى اين؟

علي عبد الرحيم العبودي
باحث عراقي مختص في الاقتصاد السياسي

2020 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


اكتشف النفط عام 1853، في امريكا، ومن ثم، بشكل تدريجي أمتد اكتشافه إلى بقية دول العالم، من ضمنها دول الشرق الاوسط التي تستحوذ على اكبر احتياطي في العالم، إلا ان النفط كمصدر للطاقة، بدأ مع بداية القرن العشرين، وزادت اهميته كمصدر للطاقة عالميا بعد الحرب العالمية الثانية، وتربع على عرش مصادر الطاقة، بعدّ محور الحياة الاقتصادية والتطور في النظام العالمي مع الثورة التكنولوجية التي اجتاحت العالم في الربع الاخير من القرن العشرين .
وبعيدا عن الولوج في تطور استخراج النفط وأهميته ، فأن النفط اليوم يعد من اهم مصادر التطور والتنمية والتقدم على المستوى المحلي والمستوى العالمي، ولهُ الفضل الكبير في ما تشهده البشرية اليوم من تطور على جميع الصعد ، خاصة التطور التكنولوجي الباهر .
فالنفط هو سلعة كغيره من السلع يخضع سعره إلا قانون السوق (عرض وطلب)، إلا انه ينماز بندرته وعدّه كمورد ناضب، لذا عندما يكون النظامين الاقتصادي والسياسي العالميين في حالة من الاستقرار والنمو يزداد الطلب على النفط فترتفع اسعاره، وعندما يكون النظامين في حالة ركود وذعر يقل الطلب على النفط فتنخفض اسعاره نتيجة للعرض الزائد .
وعند تحليل ما يحدث اليوم من انخفاض وتذبذب في اسعار النفط ، فينبغي علينا أولا معرفة العوامل المؤثر على اسعار النفط ، وثانيا فهم الاوضاع والمتغيرات التي تحدث على الصعيدين المحلي والدولي . يُطلب النفط كمصدر للطاقة والتسيير الصناعات التي يدخل فيها كعنصر مهم واساسي، فالنفط يعد العنصر الاساسي في تشغيل المصانع والآلات، كما يدخل كعنصر اساس في منتجات كثير جدا، من مثل، الادوية، الملابس، البلاستيك، الاسمدة، الحرارة والكهرباء...إلخ، فضلا عن ذلك فهو يعد المحرك الاساس لوسائل النقل والمواصلات على المستوى الداخلي وعلى صعيد التجارة الخارجية .
هذه العوامل هي التي تؤثر بشكل مباشر على اسعار النفط عن طريق التوسع أو الانكماش، كما ان هذه العوامل ترتبط بطريقة او بأخرى بالأوضاع والمتغيرات العامة، فلا يمكن تجزئتها فهي تعمل كحلقات مترابطة بعضها بالبعض، فأوضاع الاقتصاد العالمي يؤثر على اوضاع الاقتصاد الاقليمي، وهذا يؤثر بدوره على الاقتصاد المحلي للدولة وبالتالي ينصب التأثير على الاعمال والمصانع الموجودة في هذه الدولة، والعكس بالعكس .
وهذا ما يحدث الآن، فبسبب الاحداث التي يعيشها العالم الآن، وانتشار الفيروس الوبائي (كورونا)، توقفت معظم الانشطة الاقتصادية في الدول التي تعد المستهلكه الاكبر للنفط، خاصة الصين والدول الأوروبية، هذا من جانب، من جانب اخر حرب الاسعار التي تخوضها روسيا مع دول منظمة أوبك، خاصة السعودية كأكبر مصدر للنفط، نتج عن هذا الوضع (قلة في الطلب مع زيادة المعروض من النفط من قبل السعودية وروسيا) انخفاض شديد في سعر النفط بشكل عام .
وعلى الرغم من الصدمات الكثيرة التي شهدتها سوق النفط الدولية منذ عام 1973، إلا ان صدمة اليوم تعد الاخطر والاعمق، وذلك لجملة من الاعتبارات:
أولا: فايروس كورونا: أدى هذا الوباء إلى شل حركة الاقتصاد العالمي بشكل شبة تام، وجعل العالم همه الأول والأكبر هو تسخير كل الجهود لإنقاذ صحة الانسان من هذه الوباء، مما انعكس على انخفاض النمو العالمي بنحو نقطة مئوية مقارنة بتوقعات نهاية 2019. ومما يزيد من الامر سوءا ان هذا الوباء سوف يعيش إلى وقت طويل حسب تصريحات الصحة العالمية، مما سيؤثر على النمو الاقتصادي واستهلاك النفط عالميا .
ثانيا: زيادة الدول المنتجة: قبل عقد من الآن كانت الصناعات النفطية محصورة في دول قليلة ومعدودة، أهمها الدول المنضوية تحت منظمة أوبك (OPEC)، شيئا فشيئا برزت دول كثيرة منتجة للنفط ، فضلا عن عودة الولايات المتحدة المستهلك الاول للنفط ، كمنتج لهُ .
ثالثا: السباق على الاسواق: نتيجة للركود الاقتصادي العالمي وقلة الطلب على النفط، تسعى الدول المنتجة للنفط، خاصة الدول ذات التكاليف الحدية المنخفضة، وأبرزها السعودية وروسيا للحصول على اكبر عدد ممكن من الاسواق لتصريف منتجاتها .
رابعا: التخزين: بسبب الانخفاض الشديد الذي شهده اسعار النفط من جهة، وزيادة الانتاجية النفطية من قبل الدول المنتجة من جهة ثانية، زادت كميات التخزين النفطي من جانبي المستهلكين بسبب اسعاره المنخفضة ، والمنتجين بسبب قلة الطلب عليه .
خامسا: التحولات في القوى : على مدار ثلاث عقود كانت الولايات المتحدة المتربعة على النظام العالمي وكانت بطريقة أو بأخرى تحدث توازنات للحفاظ على اسعار النفط بما يخدم مصالحها، أما اليوم فقد برزت دول كقوى تجارية ودولية منافسة بشدة للسيطرة على النظام العالمي، من ابرزها الصين وروسيا .
وتبعا لذلك، وضمن رؤية استشرافية، ونظرا للأوضاع والمتغيرات التي يشهدها النظام العالمي الآن، فأن ارتفاع أو انخفاض اسعار النفط مستقبلا سوف تتحدد تبعا لمتغيرين اساسيين : أولهما_ جائحة كورونا؛ بمجرد زوال فايروس كورونا سوف ترتفع اسعار النفط بشكل تدريجي، لكنها لن تصل إلى ما كانت عليه، بل سوف تتراوح بين (40-50) دولار للبرميل . وثانيهما_مدى نجاح الاتفاق بين أوبك+روسيا؛ إذ ان التوافق والانسجام بين اوبك وروسيا سوف يسحب العرض الزائد من السوق وبالتالي قلة في المعروض وزيادة في الطلب نظرا لعودة المصانع والشركات والنقل للعمل بعد زوال شبح كورونا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية