الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى النكبة ، تفكر في القضية الفلسطينية

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 5 / 17
القضية الفلسطينية


.
من نافلة القول أن المعطيات المتعلقة في القضية الفلسطينية تثبت أن الأساليب و الوسائل التي اعتمدت حتى الآن من أجل الخلاص من المصيدة الاستعمارية لم تـُجد ِ نفعا . و بالتالي فمن المنطق أن يتوقف المرء في ذكرى النكبة ليتفكر في هذه القضية الوجودية ، كما اعتبرتها الأجيال في النصف الأول من القرن الماضي ، إلى أن حاولت نظم الحكم ،على أثر الهزيمة الماحقة التي لحقت بهافي جزيران 1967 طمس الحقيقة و إسكات الضحايا عن المطالبة بحقوقهم .
من البديهي استنادا إليه أن نتفحص التجربة المستمرة على نفس المنوال منذ 72 عاما ، بالرغم من الهزائم و الإخفاقات المتتالية ، بطريقة منطقية ، عقلانية ، صادقة و جديدة . لا سيما أن المستعمر صار في عقر البلدان التي كان معوّلا على دولها أن تقود سيرورة التحرير من الاستعمار و التحرر من سلطة الحاكم الغشيم و رجل الدين الظلامي التي أوصلت الناس إلى الحائط المسدود ! فمن نافلة القول أن بصيرة هذه السلطة كانت محدودة و خطتها مغلوطة و نواياها كانت سيئة ، الأمر الذي جعلها تعادي الناس خوفا منهم قبل افتضاحها و تتواطأ مع المستعمر ضدهم بعد انكشاف طبيعتها
إني أزعم أن متغيرات و متبدلات طرأت بمرور الوقت ، لا بد أن تتلازم مع اختلاف في طريقة مقاربة القضية الفلسطينية بين 1948 و 2020 . بكلام أكثر وضوحا و صراحة إن الإشكال الذي تمثله هذه القضية في سنة 2020 ليس نفس الاشكال الذي فرضه المستعمر في سنة 1948 .
أقتضب هنا ، لأعدد جملة العناصر التي باتت جزءا مكونا للقضية الفلسطينية ، علما أنه بالإمكان العودة إليها ، توضيحا و تفصيلا في مقاربات قادمة :
1ـ الفلسطينيون : أعتقد أن المسألة الفلسطينية تعني الآن ، بالدرجة الاولي سكان الضفة الغربية وقطاع غزة ، بالإضافة إلى الفلسطينيين المعروفين " بالعرب " في ظل دولة إسرائيل . أي الفلسطينيون الذين يتواجدون في الواقع في الخطوط الأمامية على محاور الهجمة الاستعمارية الإسرائيلية الثلاثة و هي :
أ ـ محو مجتمع انساني من الوجود ، بصرف النظر عن الأساليب المتبعة ، انطلاقا من التسليم بأن الغيتو مفروض على سكان قطاع غزة ، و أن سكان الغيتو ، أي غيتو معرضون مبدئيا للإزالة .
ب ـ ترحيل أكبر عدد ممكن من سكان الضفة الغربية ، و إعطاء الباقين محمية خالصة لهم ، في سياق سيرورة ضم أراض واسعة من الضفة الغربية إلى الدولة الإسرائيلية ، بعد إخلائها بالكامل من الفلسطينيين . ذلك توخيا غايتين :
1ـ تجنب زيادة عدد الأقلية العربية في دولة اسرائيل ، حيث يتناهى أن السكان العرب يشكلون حوالي 20 بالمائة من إجمالي عدد سكانها ( يعيش حاليا على كامل الأرض الفلسطينية 12 مليون نسمة تقريبا ، نصفهم من اليهود و النصف الآخر فلسطينيون غير يهود )
2 ـ من البديهي أن مقومات الاكتفاء الذاتي ليست متوفرة في " المحمية " الفلسطينية في الضفة الغربية ، و بالتالي من المرتقب أن تتفاقم الأزمة المعيشية فيها ، لا سيما أنه محتمل أن يجري ربطها بقطاع غزة ، بواسطة شريان ضيق . مجمل القول أن الأزمة المعيشية تمثل بيئة ملائمة لمصالح ، الإسرائيليين و غير الإسرائيليين ، على الصعد ، الاجتماعية و الاقتصادية و الأمنية
ج ـ " العرب " في إسرائيل : من المعلوم أن تواجدهم نواة مجتمع مختلط ! و أن هذه المسألة تمثل مصدر قلق أساس كونها نقيض مفهوم " الدولة القومية للشعب اليهودي " ، و فحواه أن " غير اليهودي " ليس مثل " اليهودي " .

من البديهي أن التمييز الذي تمارسه الصهيونية بين الناس على أساس الدين ، ليس مرده إلى هذا الدين أو إلى الحرص على رسالته الروحانية ، و إنما إلى حاجتها للدين من أجل بلوغ أهدافها الاستعمارية ـ الامبريالية . ( مصادرة الدين من أجل استخدامه كأداة للسلطة )
ما أود قوله في هذا الصدد هو أن " العرب " الإسرائيليين ، يشكلون الشهود الباقين على الجريمة الاستعمارية الصهيونية ، الذين من الصعب إخفائهم على عكس اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان و سورية و العراق الذين مسحهم الاقتتال و ثورات الربيع العربي .
لا بد أيضا في سياق الكلام عن الفلسطينيين ، إلى أن مسألة اللاجئين تغيرت ، و بالتالي يفترض منطقيا في تناولها أن يُؤخذ بالحسبان ، أن نسبة كبيرة من اللاجئين هاجروا و استوطنوا بلادا غير بلادهم ، و أن فلسطينيي المنفى صاروا بعد مضي 72 سنة على نفيهم ، في غالبيتهم من أبناء الجيل الثاني و الثالث . فمن الطبيعي أذن أن تكون اختياراتهم مبنية على معطيات مختلفة عن تلك التي اعتمد عليها جيل النكبة . فالأولاد هم " ملك الحياة " .
2 ـ أصل الآن إلى الموقف من الإسرائيليين . فالرأي عندي أن هؤلاء هم مثل اللاجئين الفلسطينيين أي أنهم في غالبيتهم ، أبناء الجيل الثاني و الثالث ، بعد جيل المستوطنين الأوائل . و بالتالي هم لم يعانوا مثل أسلافهم من التمييز العنصري و معاداة السامية في أوروبا ، بالإضافة إلى أن الظروف التي أتاحت للمستعمرين البريطانيين في نهاية القرن التاسع عشر ، تشجيع اليهود على الانضواء في الحركة الصهيونية استعدادا "للعودة إلى الوطن القومي اليهودي" ، لم تعد قائمة و لم تعد مقبولة في هذا الزمان .
و هنا يكمن في أغلب الظن التحدي الكبير أمام الحركة الصهيونية الذي يتمثل بسباق من أجل خلق وضع قائم لا يمكن الرجوع عنه قبل ظهور حقيقة ما جرى بما هو ببساطة احتلال استيطاني تطلب إقصاء السكان الأصليين بواسطة أبشع الأساليب و الوسائل . الطريف في هذا السياق أن الحركة الصهيونية تجند لمساعدتها بعض نظم الحكم العربية تحت عناوين مثل التطبيع و حوار الأديان
من المعلوم أن تشويه التاريخ من خلال سردية مغرضة هو من الوسائل التي تركز عليها الدعاية الصهيونية إلى جانب اختلاق الأخطار التي تتهدد الكيان الإسرائيلي أو تضخيم الأثار المترتبة عن مطالبة الفلسطينيين بحقوقهم . هذا يفسر على الأرجح مواظبة أجهزة الدولة الصهيونية على شحن الأجيال الإسرائيلية بالكراهية و على تمييزهم من العرب و الحد من الاختلاط بهم و الإكثار من الموانع ألتي تباعد بينهم ، في الطرقات و في العلاقات بين الأشخاص مثل الزواج !
مهما يكن إذا كانت الحركة الصهيونية تدعي امتلاك الأرض التي منحها الرب " للشعب المختار" منذ آلاف السنين ، و بالتالي ليس للفلسطينيين حق في العيش عليها ، فإن رد الفعل على هذا الهراء لا يكون بالقطع في نكران حق الإسرائيليين من الجيل الثالث في العيش حيث ولدوا وترعرعوا .
مجمل القول أن الإسرائيليين ليسوا جميعا مستعمرين و مغتصبين و عنصريين ، مثلما أن الفلسطينيين في المقابل ليسوا جميعا مناضلين مخلصين تقدميين في سبيل قضية شعبهم . ينبني عليه أنه يتوجب على الاسرائيليين المناهضين للاستعمار و العنصرية القيام بدور كبير في حركة التحرير الوطني الفلسطينية كما يتوجب في المقابل على هذه الأخيرة أن تتوجه الي الإسرائيليين بخطاب واضح ومنطقي يركز على أن الهدف الأساس في كفاح الاستعمار الغربي بوجهه الصهيوني ، هو المساواة بين الناس و عدم التمييز بينهم على أساس العرق و الدين و العقيدة ، أي التركيز على نوع من العلمانية المعولمة أذا جاز التعبير ,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة