الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستعداد لرفع الحجر الصحي، وشروط رفعه منعدمة مطلقا: جريمة بحق العمال والعاملات. بقلم، بوعزة عمر، يوم 17-05-2020

المناضل-ة

2020 / 5 / 18
الحركة العمالية والنقابية


تستعد الدولة لرفع ما هو بمثابة الإجراء الرئيس للسيطرة على الوباء تدريجيا، بينما يبقى الغموض سيد الموقف، وبخاصة أن لا لقاح متوفر حتى الآن، وحال نظامنا الصحي الرديء جراء عقود سياسات حطمته تحطيما. ما من شيء فعلي، فقط تصريحات ووعود. أما الوسائل الكفيلة بكبح موجة تفشي ثانية وتضمن السيطرة على الوباء، فهي شبه معدومة، وعموما أغلبها لا يكفي بتاتا، بما في ذلك الكمامات الضرورية بكميات وفيرة جدا وبمتناول الجميع بدعم عمومي، ولما لا مجانية، فلن تكلف أكثر مما قد يلحقه تفشي الوباء من أضرار اقتصادية واجتماعية... فضلا عن ملايين القفازات واختبارات اللقاحات والعلاجات، وتحاليل مسح شاملة... الخ.
عدد الأطباء والأسرة الاستشفائية لكل عشرة ألاف مواطن منخفض جدا وهو أقرب إلى الدول الفقيرة منه للدول الناشئة، وأماكن العمل غير آمنة. ومستوى الفقر وكل المصائب المرتبطة به، وبخاصة جودة الحياة، كبير، إذ الدخل الشهري لأغلب المغاربة هزيل، وهذا ما أظهرته الأرقام التي أدلت بها وزارة المالية فيما يخص المستفيدين من الدعم الخاص بالجائحة، وهي تفيد أن أكثر من 50% من الساكنة إما فقير أو في وضعية هشاشة.
استئناف العمل إنقاذا للأرباح...
أعلن بنشعبون، وزير المالية المغربي، يوم الإثنين 27 أبريل 2020، في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أن "المرحلة الأولى تتعلق بالعودة التدريجية لمختلف القطاعات إلى ممارسة أنشطتها في إطار التنسيق مع استراتيجية رفع حالة الطوارئ الصحية"، مبرزا أن "المرحلة الثانية مرتبطة بتنزيل الآليات الملائمة والمتجددة التي ستمكن من وضع الاقتصاد الوطني في منحى للنمو القوي والمستدام، في عالم ما بعد أزمة كوفيد-19". ويضيف: "تعبئة الموارد الضرورية والحرص على أن تعطى الأولوية في صرفها للاقتصاد الوطني".
وشدد الوزير على ضرورة توفير ظروف الإقلاع الاقتصادي لمرحلة ما بعد الأزمة من خلال دعم الشركات "الوطنية" والمنتج "الوطني" والإبقاء على القيمة المضافة محليا، مؤكدا حرص وزارة الاقتصاد المالية وإصلاح الإدارة على اتخاذ ما يلزم من إجراءات من أجل الحد من آثار الأزمة المرتبطة بجائحة فيروس كورونا على احتياطي بلادنا من العملة الصعبة.
وحتى وزارة الصحة، العالمة بخبايا الوباء وتفاصيله، تقول أنه: "منذ بداية جائحة كوفيد 19، عملت وزارة الصحة بشكل وثيق مع مصنعي السيارات بهدف حماية صحة مستخدميهم وضمان استمرارية مقاولاتهم". وأضافت: "ووعيا منها بالدور الرئيسي لقطاع السيارات على المستوى الوطني، يقول البلاغ، "تعمل وزارة الصحة، يوميا، بمعية المصنعين لضمان السلامة الصحية ومواصلة هذا النشاط من أجل تحفيز المنظومة البيئية المغربية لقطاع السيارات من أجل استعادة مستواه قبل الوباء والمساهمة في الإنعاش الاقتصادي للبلاد".
إنها لازمة لازمتنا خلال قرابة 40 سنة على الأقل: "الاهتمام بالجانب الاجتماعي، ومواصلة المشاريع الكبرى والاستراتيجيات القطاعية ودعم الاستثمار الخاص ومواصلة الإصلاحات والحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية".
الهدف هو ضمان استئناف أكبر عدد ممكن من الشركات العمل في استهتار تام بشروط العمل وفي نفس الوقت تكميم أفواهنا، وخنق حرياتنا.
... وتحميل الفاتورة للطبقة العاملة والكادحين
تعمل الرأسمالية وفق منطق يتيح للطبقة البرجوازية شروط أقلَّ تأثرِ بالأزمات، واستخدامها لتحميل أعبائها للطبقة العاملة وكافة الكادحين. ويتعلق الأمر هنا بزهاء ثمانية ملايين نسمة من الساكنة النشيطة التي لا تعاني أمراضا مزمنة، بالتالي فإن دفع هذا الجيش للمعركة دون عُدَّة جريمةٌ مكتملة الأركان.
الدولة بصدد تنظيم نظام عبودية العمل المأجور. إنها تضع مباشرة جماهير العمال والعاملات أمام الوباء وتداعياته، تلقي بهم إلى التهلكة من أجل إنعاش مزعوم للاقتصاد الذي يهدد انهياره المجتمع بأسره بالكارثة. أخطار محدقة تهدد في المقام الأول العاملات والعمال وذويهم.
إن ما كان قائما قبل الجائحة مقبل على الظهور وبعنف أشد، بالتالي هناك مخاطر جمة محدقة بنا بالإضافة لخطر الفيروس نفسه: شروط عمل وحياة أشد قسوة مما كان.
يرى كل "المختصين" أن الوضع سيظل مقلقا خارجَ تراجعِ مؤشر انتقال العدوى من شخص مصاب إلى آخرين تحث 1. بالتالي لا مناص من تقليص جذري لعدد المصابين جراء المخالطة قبل الإقدام على أي عودة للحياة العادية. لا سيما أن مقدرات البلد على مواجهة الوباء شبه معدومة جراء تحطيم الموجود منها أصلا بعقود سياسات نيوليبرالية مدمرة.
يلجأ أرباب العمل لكل أنواع الضغوط لحمل العمال والعاملات على العودة للعمل في شروط متسمة بانعدام مستلزمات الحماية الفعالة الحقيقية: عدد كمامات وافر بشكل يسمح بأن يكون العمل غير مرهق بإضافة رعب الإصابة المحتملة بالعدوى لإرهاق المهام العادية الجسدية والنفسية، والقفازات والمعقمات ونظافة أماكن العمل والراحة والمرافق الصحية، والكشوف المخبرية للجميع... كلها أمور ضرورية للحد من خطورة تفشي الوباء، ولمواجهة خطر موجة ثانية، علما أن البنيات الاستشفائية رديئة للغاية، وأطرها الصحية تعبت بالفعل من تعاملها مع الموجة الأولى للوباء.
ليتحمل الرأسماليون ودولتهم أكلاف الأزمة
نرى أن لا شيء تغير، فالدولة مهتمة بالرأسماليين وأرباحهم، ولم يحرك إجراءاتِها غير الكافية سوى الخوف من رد الفعل العمالي والشعبي الساخط المتفاقم أصلا: إنها تحاول بجهود أقل شراء خضوع الطبقة العاملة وكافة الكادحين، واحتوائه بأضاليل وألاعيب طالما استخدمتها سابقا.
عاجلا، ستشتد تعديات أرباب العمل ودولتهم جراء الأزمة الاقتصادية، ما يطرح ضرورة الاستعداد لمواجهتها برد مضاد منظم من أسفل. علينا تعميم فكرة اهتمام العمال والعاملات بالسياسة لمجابهة حروب البرجوازية الأيديولوجية والتضليلية، ونشر ما يتعين فعله باستعجال من أجل مقاومة فعلية لدكاكة الاستغلال. يجب إمساك الوحش من قرنيه وخلق إمكانيات لرد جماعي مشترك وتضامني ومنظم من أسفل، داخل النقابات العمالية، وبأماكن العمل، وبالأحياء، في كل مكان...
● من الضروري والملح، مواجهة الدولة الراعية للرأسماليين. إنها تكشف منطقها في كل مراحل الأزمة الجارية: ضمان أرباح الرأسماليين على حساب الصحة وشروط حياة الطبقات الشعبية وعملها.
● يجد عدد أكبر من الناس صعوبة في تدبر وسائل العيش بشكل لائق، ومستحقات الكراء والماء والكهرباء... لذا يتوجب فورا توفير دخل لكل محتاجيه، وتعليق كل المستحقات التي بإمكانها الانتظار أسابيع...
● توفير مجاني للكمامات للسيطرة على انتقال العدوى. تشغيل كثيف لدعم جهود الأطقم الصحية المتوفرة والمتعبة بالفعل.
● توجيه الإنتاج للغذاء والأدوية والرعاية الصحية والتضامن...
نريد موارد للصحة (مستشفيات مجهزة بالمقام الأول)، كمامات مجانية وفحوص كثيفة، ووقف كل أنشطة الإنتاج غير الضرورية، وحق التوقف عن العمل لمن يعتبرون ذلك ضروريا جراء تهديد احتمال تلقي العدوى، ومنع التسريحات، وتوفير دخل للجميع، ومعقمات وتعليق مستحقات الكراء والماء والكهرباء، وضمان حق التجمع والتظاهر... من أجل كل ذلك وأكثر، يلزم بناء ميزان قوى طبقي، إنه أمر ملح للغاية.
دلت طريقة تدبير دولة الرأسماليين للازمة الصحية، المقترنة بأزمة اقتصادية، لمن بحاجة إلى دليل على أن تراكم الأرباح هو الاعتبار الوحيد المعمول به. والرأسمال لا يكبح جماحَه حتى تساقطُ الموتى واستشراء الوباء. كفاح الضحايا، وبمقدمتها الأجراء، رجالا ونساء، هو الضامن الوحيد لإنقاذ البشر من الموت، وتأمين ظروف حياة لائقة.
دلت البرجوازية بالأفعال أن ما يسمى "الوحدة الوطنية" في مواجهة كوفيد-19 أكذوبة إضافية، حيث يجري يوميا التضحية بحياة الشغلية على مذبح الأرباح. يجب تبديد أضاليل "أننا في جبهة واحدة" بمواجهة كورونا، وإذكاء الوعي الطبقي لدى العمال ومجمل ضحايا الرأسمالية، فهذا شرط أول للسير نحو الخلاص.
سيكون وقعُ هزة كوفيد19 عميقا على وعي الكادحين والكادحات، ولابد أن يمهد الطريق لقفزة نوعية في إدراك أصل البلاء: نظام اقتصادي –اجتماعي لصالح حفنة تزداد ثراء بتزايد فقر الأغلبية، واستبداد سياسي مُقَنَّع لتأييده. هذا ما يوجب على طلائع النضال العمالي والشعبي مضاعفة الجهود وتنظيمها لامتلاك القدرة على الاستجابة لمتطلبات اللحظة النضالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يكتسب خبرة التعامل بشكل رسمي مع قاعات المحاكم


.. فرصتك-.. منصة لتعليم الشباب وتأهيلهم لسوق العمل




.. طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يعتصمون احتجاجا على الإبادة


.. ا?ضراب لعاملين بالقطاع الصحي في المستشفيات الحكومية المغربية




.. فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية