الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظواهر جديدة، يجب ان توأد فوراً!

فارس محمود

2020 / 5 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


انتشرت في غضون الايام القليلة المنصرمة تقاليد يندى لها الجبين فعلاً. فمن جهة، انتشرت عبر قنوات التواصل الاجتماعي افلام تصور القاء جماعة مقتدى الصدر القبض على شباب هنا وهناك، وبالاخص في مدينة الثورة، شباب في مقتبل العمر يحيط بهم جمع من حثالة الصدر، يقوم الشاب منكس الرأس بالاعتذار من مقتدى ووالده ويعد بعدم بتكرار هذا الامر مرة اخرى، (التطاول على مقتدى او والده!)، والاشادة بمكانة و"قدسية" عائلة الصدر.
من جهة اخرى، راينا افلام مصورة، تقوم فيها عوائل وعشائر باحضار "ابنها المذنب" وتحلق راسه بعنف وقسوة امام الكاميرات وتعتذر نيابة عن "ابنها العائق"، وتحذر بان هذا سيكون جزاء كل من يتمادى على مقتدى والحكيم وعائلاتهما!
ان خطوة بلطجية الصدر هي امر ليس غريب عليهم. ان هذه ليست دلالة قوة واقتدار. انها دلالة ضعف كبير. لماذا تلجأ جماعات الصدر الى مثل هذه الاعمال؟! ان هذه السلوكيات هي سلوكيات جماعات وتيارات افتضحت ماهيتها، ودورها ومكانتها بوصفها تيارات معادية للاغلبية الساحقة من جماهير العراق، تيارات لاصلة لها باحترام الانسان، سمو شأنه وقيمته، ولا تعد هذه الامور جزء من تقليدها الاجتماعي والسياسي. انها تقاليد انظمة استبدادية قرووسطية متهرئة لاربط لها باي مدنية، باي تحضر، باي قيم سامية للبشر، ولا باي صلة بالقرن الواحد والعشرين ومنجزات البشر فيه.
اماط هذا التيار المتغطرس اللثام عن وجهه الكالح. لقد سعى للظهور كذباً ورياءاً بوصفه تيار "اصلاح"، وفشل في ذلك. لقد سعى لركوب موجة احتجاج الجماهير وفشل هذه المرة، على عكس سابقاته، فشلاً ذريعاً قل نظيره. سعى للظهور بوصفه ممثل المجتمع امام وبوجه ممثلي السلطة والاحزاب، ولكن لم ينل سوى تخويل نزر قليل من البشر. بعد زيارته لايران، ابان مقتل سليماني والمهندس، وللكشف عن وجهه القمعي السافر وتحطيم الانتفاضة، فشل ايضاً فشلاً ذريعاً.
ان ممارساته واساليبه الاخيرة هي لتيار لايعرف ماذا يفعل، تيار متخبط. يتصور هذا التيار وبلطجيته انه، عبر القمع وعبر هذه الاساليب الهزيلة بالاستفراد بالانسان ومحاصرته واذلاله، يستطيعان بث الرعب في افئدة المجتمع. كم هم واهمين!! جماهير العراق نفضت عن ساعديها، واعلنت الحرب على هذه السلطة المليشياتية بكل اجنحتها الطائفية، القومية، العشائرية و... ترفع راية ازاحة قوى النهب والجريمة المنظمة من حياة مجتمع متطلع للحرية، للرفاه، للمساواة والمدنية.
اما فيما يخص اعمال "حلق الشعر" و"حلق الشوارب" (التقليد الذكوري البالي) وغيرها. لحسن الحظ ان البشرية قطعت اشواطاً بعيدة عن العصور البائدة. ان عالم اليوم هو عالم القرن (21). انه ليس عالم "النبي" ابراهيم حيث ينذر اسماعيل للذبح ما ان يحلم بذلك، كاي ملك من املاكه. ليس بجزء من ملكية عائلة او عشيرة او اي تركيبة اقتصادية او اجتماعية تفعل به ماتشاء. ان انسان اليوم، وبفضل منجزات البشرية الداعية للتحرر والمساواة، هو انسان مستقل، له شخصيته، له كرامته، له قراره، له خياراته. لا يستطيع كائن من ان يكون او اي اطار سياسي او اجتماعي ان يفرض عليه مايقول وما يعتقد وما لايقول ومالايعتقد!
ان ماجرى بحلق الراس او الشوارب هو اسلوب وتقليد اذلالي بشع وانتهاك صارخ لحرية الفرد. ان هذا الاسلوب هو اسلوب تملقي لرؤساء واصحاب تلك العوائل او العشائر بهدف التقرب لتيار الصدر او الحكمة. ان ارادوا ان يتملقوا لاحد ما في السلطة، فهذا شانهم، ولكن ليس على حساب شاب لا ذنب له سوى كونه "انتمي" الى هذه العائلة او العشيرة دون محض ارادته، دون قراره! لماذا على الشاب ان يدفع ثمن تعقب طرف اخر لمصالحه من حريته ورايه ومواقفه؟!
قد يكون هذا اسلوب يهدف الى درء مخاطر هذا التيار الاجرامي، تيار الصدر او غيره. لماذا يدفع ابنائنا ثمن همجية واستهتار جماعة بلطجية؟! ليس هذا بحل. ان الحل يقتضي الدفاع عن انفسنا وابنائنا بوجه هذه التطاولات وفرض التراجع عليها. ينبغي ان نضع حد لهم ولاستهتارهم. يجب ان لانسلّم او نركع لهم.
ماذا يريدون من وراء هذا؟! ببساطة انه استبداد سياسي محض. استبداد بعثي اخر. ان كان الاول باسم "البعث" و"الامة العربية" و"الرسالة الواحدة" و"قائد الضرورة"، فان هذا استبداد اخر باسم "القدسية"، "قدس الله سره"، "مرجع الامة"، وغيرها. ان هدف كلا القدسيتين واحد: "كفوا السنتكم عنا!"، "لاتنتقدونا!"، "اسكتوا عن مساوئنا"، "الزموا الصمت على ممارساتنا"، "لاتشككوا بسلطتنا وحكمنا"، والهدف منه هو تركيع الناس واستسلامها والرضوخ لهم، وبالتالي، الابقاء على سلطتهم واستهتارهم ومعاداتهم للجماهير دون اي مس من قبل الجماهير. ان كانت احدهما ديكتاتورية قومية، فالاخرى ديكتاتورية دينية وطائفية. لا فرق. لكل منهم مبرراته، شعاراته، مقدساته، بيد ان الهدف واحد، صيانة سلطتهم المتداعية من المساس.
في عالم اليوم ليس ثمة مقدس سوى الانسان. فقط الانسان، كرامته، مشاعره، جسده، افكاره، رغباته هي المقدسة. اما غير ذلك، فكله امر يمكن انتقاده، يمكن نبذه، يمكن تسفييه! لقد ولّى عصر "المقدسات"، "القديسين"، "المعصومين" و...! انه عالم القرن (21)!
يجب دحر هذه التقاليد الاستبدادية. ان جماهير العراق تنشد مجتمعاً جديداً، مجتمعاً مفعم بالحرية والمساواة والرفاه. ان احد اركان هذا المجتمع الجديد هو تهميش هذه القوى والتقاليد وارجاعها الى جحورها مرة وللابد دون اسف عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاب كويتي «مبتور القدمين» يوثق رحلته للصلاة في المسجد


.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ




.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب