الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلجيكا: -البحث المستمر عن زيادة الإنتاجية يعزز انتشار الفيروس-

المناضل-ة

2020 / 5 / 21
الحركة العمالية والنقابية


يعمل يوهان (اسم مستعار) كعامل في معمل يُصنع أدوات لصالح القطاع الطبي، ولكنه تابع لقطاع المعادن. بما أن المعمل اعتبر ضروريا، فقد اشتغل خلال الشهرين الماضيين. يوهان أيضًا مناضل نقابي نشيط في FGTB داخل شركته. تحدثنا معه عن كيف يعيش الحجر مع عائلته، وما الذي يعنيه، على عكس العديد من الأشخاص الآخرين، التواجد جسديًا كل يوم في مكان عمله في الأسابيع الأخيرة، ورؤيته للسياسة، وما يعتقد حول رفع الحجر وآفاق الحركة النقابية خلال هذه الأزمة. جرت المقابلة الأسبوع الماضي وترجمت من الهولندية. مقالة نُشرت بموقع اليسار المناهض للرأسمالية (بلجيكا). نقلها إلى العربية فريق الترجمة بجريدة المناضل-ة الموقوفة.
مرحبًا يوهان، أنت تشتغل في نشاط إنتاجي ضروري، وكان عليك الاستمرار في العمل. كيف جرى الأمر في مكان العمل خلال الأسابيع الماضية؟ هل جرى مراعاة قواعد السلامة؟ كيف جرى تطبيق التدابير الإضافية؟ هل تلقيتم ولازلتم تتلقون الوسائل الضرورية (أقنعة وما يكفي من الصابون وإلخ). كيف تجري قواعد التباعد الجسدي؟
خضعنا، كأجراء وأجيرات، لتكييف مستمر للقواعد. قاد اعتبارنا ضمن الأنشطة الضرورية إلى أن نشهد تكييف الإجراءات وتعزيزها أسبوعيا. في الجوهر، كانت النظافة الصارمة ضرورية سلفا في شركتنا، بالمقابل كان علينا التكيف لتطبيق التباعد الجسدي. كانت المشكلة الرئيسية هي نقص الأقنعة في بلجيكا. لقد واجه وفدنا النقابي، مثل الجميع، هذه الظاهرة الوبائية الجديدة تمامًا. أما الحكومة فجاءت قراراتها في الأسابيع الأولى متأخرة! فهل تستخلص النقابة منه الدروس أيضًا؟ اليوم، إذا كنت تعمل في مستودع أو قاعة إنتاج، بأفضل إرادة في العالم، لن تستطيع دائمًا الحفاظ على المسافة المطلوبة. هذا ببساطة غير ممكن. ستحدث لحظات، تجري فيها المخالفة للحفاظ على سيرورة عملية الإنتاج. ما يمكن، إلى حد ما، هو تقليل احتمالات الإصابة، ليس أكثر.
منذ 4 مايو، سُمح مرة أخرى لمختلف أنواع المقاولات بالعمل بشكل كامل، بشرط مراعاة سلسلة من قواعد السلامة. ما رأيك بهذا؟
لدي شعور متناقض. يجب أن تعرف أنه نظرًا لجميع سياسات التقشف التي تم تطبيقها في الماضي، فإن العديد من العائلات تعاني ببساطة من صعوبات مالية مزمنة. حتى مع تعويضات البطالة التقنية، يصعب على العديد من أسر العمال ـ ات الصمود. ضع في اعتبارك أن متوسط الدخل هو 1700 يورو. ليس بالشيء الكثير في مواجهة ارتفاع أسعار الكراء والغذاء. لذا هناك ضغط هائل للعودة إلى العمل!
من ناحية أخرى، عشنا في بلجيكا حجرا خفيفا. إن معظم المعامل التي بدأت الإغلاق، قامت به بفعل ضغط من القاعدة نحو القمة. كانت هناك ضغوط من العمال الميدانيين الذين رفضوا العمل دون إجراءات صحية ظرفية لأن المعامل لم تتوقع أي شيء. ومع ذلك، استمر معظمهم في العمل تقريبًا كما لو لم يحدث شيء.
السؤال الآن هو معرفة هل بالإمكان العودة إلى العمل. ليس من قبيل المصادفة أن مركز تفشي الوباء في إيطاليا كان في لومباردي، القلب الصناعي للبلاد. إن هدف أي مقاولة هو العمل بأكبر قدر ممكن من الكفاءة لتحقيق إنتاجية عالية، والتي تتعارض مع "مكافحة الفيروس" أثناء الوباء. إنهما قيمتان متعارضتان لأن هذا البحث المستمر عن زيادة الإنتاجية على وجه التحديد هو الذي سيعزز تفشي الفيروس.
والسؤال هو معرفة ما إذا كان المرء قادرًا بشكل فعال على العمل في إطار وسائل الإنتاج الحالية وطريقة الإنتاج الحالية دون نشر الفيروس. إن العمل عن بعد عملي للغاية عندما يكون ذلك ممكنًا، ولكن حين تكون عاملاً وجوده الجسدي ضروري في المعمل، فإنك تضع عائلتك بأكملها تحت الضغط وفي خطر. لا أدري إلى أي مدى أقوم بتعريض زوجتي أو أطفالي للخطر. للتأكد من أنهم في مأمن، يجب أن أعيش بشكل منفصل، بعيدًا عن عائلتي. نعم، شعر الكثير منا بالخوف من حاملي الفيروس. ويمكن لجميع أولئك الذين واللواتي يعودون الآن إلى العمل أن يُعرضوا عائلاتهم للخطر عن غير قصد.

باعتقادك ما الذي يجب أن تفعله النقابات في الأيام القادمة في المعامل؟ ما رأيك في فكرة وجوب امتلاك الأجراء ونقاباتهم حق الفيتو بصدد العودة للعمل أم لا؟
من الواضح أن النقابات نشطة للغاية في مجال السلامة بأماكن العمل. حول مسألة حق الفيتو: في النهاية، معناه بدون عاملين لن يوجد إنتاج. الأمر بهذه البساطة، لكن كما يعلم الجميع، تكمن قوة النقابة في دعم العمال ـ ات. يجب على أعضاء لجنة الوقاية والحماية في العمل (CPPT) القيام بعملهم كمندوبين. هكذا يكون حق الفيتو هذا موجود بالفعل، وينبغي تنظيمه باتفاقية جماعية.
لديك أنت وشريكتك التي تعمل حاليًا من المنزل أيضًا أطفال متمدرسين. كيف تدبرتم الأمر في الأسابيع الأخيرة؟ كآباء وأمهات، ما رأيك في حقيقة إمكانية استئناف الدراسة قريبا جدا؟ كيف تُوفقون بين العمل والدعم المدرسي ورعاية الأطفال طوال اليوم؟
كما تعلم، كنا أباءا عاملين وأمهات عاملات قبل الحجر. إذا كنت تعمل ضمن مجموعة، فأنت لست أكثر من ذلك: والدين عاملين. كنا نتدبر الأمر، ولكننا كنا طيلة نصف الأسبوع، كل بدوره، عازبان عمليا بالنسبة لعائلتنا. لقد كان واقعنا قبل أزمة Covid-19، ولا يزال واقعنا اليوم. ورغم ذلك فإننا نمتلك سكن جيد إلى حد ما مع فناء ودخل جيد. ولكن بالنسبة للعديد من العائلات التي تعيش في شقة بالمدينة، في عزلة تامة، لا بد أن الأسابيع القليلة الماضية شكلت جحيماً.
من الواضح أن الحكومة لا تهتم بأسر العمال ـ ات الأساسيين، بل أسر الطبقة المتوسطة العليا. من غير المفهوم وغير العادل للغاية السماح بإعادة فتح الحدائق في المقام الأول. جرى السماح بممارسة الركض وركوب الدراجة، ولكن ليس لعب كرة القدم مع ابنك البالغ من العمر خمس سنوات. إن جميع التدابير التي تم اتخاذها حاليًا بهدف تخفيف الحجر هي في الواقع لفائدة أولئك الذين يمتلكون القدرة بالفعل على الاسترخاء في بيوتهم. من غير العدل أن يقوم مالكو سكن ثاني قرب البحر بالتطاول على قطعة من الشاطئ هي ملك للمجتمع. وفي الوقت نفسه، لا يزال الأشخاص الذين أنقذوا الاقتصاد وأبقوا المجتمع على قيد الحياة محرومين من أي فرصة للترفيه! كيف يعقل هذا؟ خذ مثالا بسيطا: زيارة حديقة الحيوانات. بالنسبة لي، سيكون من الطبيعي اجتماعيًا منح العائلات الفقيرة اشتراكا مجانيا في الوقت الحالي. لا سيما أن 20٪ من الأطفال يعيشون في فقر، سوف يتمكنون من تنسم الهواء النقي (وهذا سيلقي مسحة اجتماعية على طريقة تدبير الحكومة للأزمة!). من الناحية الرمزية، سيكون أحسن بكثير من إعادة فتح الحدائق كي تتمكن الطبقات الوسطى من التسوق هناك.
إذا كان لدى الحكومة "رد فعل اجتماعي" صغير، فسوف تمنح العائلات ذات الموارد القليلة قبل الآخرين فرصة للسماح لأطفالهم بالعودة إلى المدرسة (مع جميع إجراءات الوقاية اللازمة بالطبع). إن هذا الإجراء الاجتماعي سيخفف أيضا من عبء الأقسام الدراسية المزدحمة. كان يمكن أن يستفيد هؤلاء الأطفال من المزيد من الدعم خلال أزمة Covid-19. ولكن الآن، من المعروف جيدًا أنه إذا ولدت في عائلة فقيرة في بلجيكا، فستكون لديك فرص أقل. ومع ذلك، أعتقد أن أكثر ما يفتقده أطفالي اليوم هو ممارسة الرياضة والهواء الطلق. هذا أكبر نقص بالنسبة لهم. لحسن الحظ، لإبقائهم مشغولين، كانت لدينا الوسائل المالية لتزويدهم بلوحات إليكترونية وجهاز كمبيوتر. ولكن لو لم يكن ذلك بإمكاننا، لكان مستحيلا متابعة الدروس المنزلية. فجميع الواجبات المدرسية ترسل عبر الإنترنت. تحافظ ابنتي البالغة من العمر 8 سنوات على حياتها الاجتماعية بفضل اللوحة الإليكترونية. إنها تتحدث إلى أصدقائها وصديقاتها المفضلين لبضع ساعات كل يوم. وابني البالغ من العمر 5 سنوات محظوظ لأن لديه غرفة كبيرة حيث يمكنه إطلاق العنان لخياله. هل هذا وضع مثالي؟ لا، بالطبع لا. كنا نأمل أن يتم إعادة فتح المدارس على الأقل بدلاً من المتاجر. نحن نعتقد أن إعادة فتح المتاجر ليست سوى تدبير دعم للاقتصاد. قررت الحكومة دعم الذين يعتمدون على أنفسهم كثيرًا، ولكن من سيذهب للتسوق في هذه الظروف؟ وبالتالي، بالنسبة لنا، فإن ضحايا هذا الخيار هم الأطفال.
ماهي المسائل، برأيك، التي يجب أن تنكب عليها النقابات واليسار في الأسابيع والأشهر القادمة؟
كتب فريدي، أحد أصدقائي، على الفايسبوك، ما أخشاه أيضًا: "خوفي هو أن يكون العالم بعد ما نشهده الآن أكثر شبها بعالم ما قبل، بل أسوأ". ما يبدو هو أن الشركات الكبيرة (متعددة الجنسيات) على وشك ابتلاع الشركات الصغيرة، إن هذا الخوف يبدو مبرراً. كيف يمكننا أن نحسب بالفعل أن نصف مليار شخص في العالم سيقعون في براثن بالفقر...؟
وفكر في كل تلك العمليات اليومية المهددة بالتغيير بشكل جذري أو الاختفاء. أصبحت المدفوعات النقدية هي القاعدة، ما يتيح جمع المزيد من البيانات كل يوم وخفض إضافي للخصوصية. هذه البيانات التي قد تتعرض لسوء الاستخدام التجاري والسياسي. يقضي العمل بالمنزل على الاتصالات الأفقية والتضامن في المقاولة، ويدفع بالأجراء للقيام باتصالات فردية فقط مع رؤسائهم أو أرباب عملهم. وهذا ليس مثاليا للعمل النقابي، على سبيل المثال. إن المزيد من التسوق عبر الإنترنت، ما يناسب أمازون، يزيد من إفقار الحياة الاجتماعية والتجار الصغار. ماذا عن الزيادات الكبيرة الأكيدة في الأسعار؟ إنني أشعر بالفضول لرؤية كيف أن الضغط باسم الأزمة الذي سيقوم به عالم الأعمال سيبطئ من النضال ضد تغير المناخ وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وبعد ذلك، باسم الأزمة، سوف يتظاهرون بأنه يتعين على الجميع تقديم تضحيات، وأنه بانتظار أيام أحسن، يجب وقف النضال ضد التهرب الضريبي والجنات الضريبية! وطالما أن الأمر هكذا، ما المانع أن يلجؤوا لمبرر مكافحة الفيروس كي يجري تقييد حق التظاهر؟
في الحقيقة، أخشى حقا أنهم سيبدؤون في تطبيق عقيدة استراتيجية الصدمة حرفياً. يشرح كتاب نعومي كلاين الذي يحمل نفس الاسم تمامًا، كيف تستخدم الرأسمالية هذا النوع من الأزمات لتعزيز النيوليبرالية. يمكننا أن نرى هذا بالفعل في التدابير المعتمدة. في غنت Gand، التي تحكمها أغلبية ليبرالية تقدمية، أرادت المدينة أن يتخلى العمال الاجتماعيون في منازل الاستراحة (مركز المساعدة الاجتماعية) CPAS عن تعويض العطلة (جرى سحب الإجراء في غضون ذلك بعد احتجاجات من النقابات وPTB داخل المجلس البلدي). يحدث كل هذا بينما يصفق نفس هؤلاء السياسيين لعمال وعاملات الصحة! كيف يمكن أن يكونوا منافقين؟ لكن حتى الحكومات التقدمية مرتبطة بالنموذج المجتمعي الذي هو الرأسمالية.
وعدت الحكومة الممرضات بمكافأة؟ تم التخلي عن الفكرة... رغم أن الوباء لا يزال مستعرا، إن أول شيء يفعلونه هو التخلص من "الأبطال" مكافئة لهم.
إن الهدف الخفي هو استغلال هذه الأزمة لتحطيم كل مكاسب الطبقة العاملة، مع الحركة النقابية، لذا يجب علينا أن نقوم بهجوم مضاد. ولكن كنقابة، ما نفتقده بشدة هو رؤية بديلة تقدم بديلا أعمق من التوزيع الأفضل للكعكة. منذ سقوط الجدار، ما هو مشروع مجتمع اليسار الذي يتجاوز آفاق الرأسمالية؟ بأي بديل أيديولوجي للسعي من أجل بناء مجتمع عادل.
إن عملنا النقابي، القائم على الميثاق الاجتماعي، هو عمل نقابي توافقي، لكن هل سيبقى هذا النموذج الذي بات ضعيفا قائماً بوجه الأزمة؟ السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هو ما هو نوع العمل النقابي الذي يجب أن نمارسه في المستقبل. لم يعد النموذج القديم للنضال النقابي القائم على الدور الريادي لسلسلة من الشركات الكبرى كافيا، كما أن العمل النقابي التوافقي تتعرض لضغوط كبيرة. تواجه النقابات تحديات كبيرة، ولكن في الوقت نفسه، ظلت الحركة النقابية في بلجيكا قائمة. إذا كان هناك الآن بلد يمكننا فيه، بصفتنا نقابيين، البحث عن طريقة جديدة، فهو بلجيكا. لكن لا شيء من هذا سيحدث تلقائيا، بل يتعين علينا دائمًا الكفاح لبلوغه.
المصدر: https://npa2009.org/actualite/international/entretien-avec-un-travailleur-essentiel








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يغازل الطبقة العمالية مستغلا انشغال ترمب في مارثون الم


.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون




.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس


.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا




.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل