الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل لقصيدة 3/ تداعيات لزمن منفلت لعبدالرحمان بكري(الجزء السادس)

محمد هالي

2020 / 5 / 23
الادب والفن



يواصل بكري سرده كالمعتاد، بصور تنقلنا من مشهد لآخر، و قد لعب كل من الكأس، و امرأة الكونتوار، أدوارا كبيرة في المشاهد الكاريكاتورية المقدمة، يمكن اعتبارها بمثابة لوازم مهمة في كل القصائد، فالمرأة ما هي الا الوجه " البروليتاري" الذي يبيع قوة عمله من أجل لقمة عيش زهيدة، هي كذلك تمثل هذا الوضع السيء من ضحالة المهمة التي تقوم بها في حانة معربدة، في مجتمع ذكوري، لا يخرج عن فهم مغلوط، يكنه المجتمع في مثل هذه الاشغال الشقية، بل أن بكري وضح دورها التنشيطي في عرض مفاتنها الجنسية، التي تثير شفق السكير، و تعربده، ليقتات من قنينات صاحب الحانة أكثر، دورها في مثل هذه الحالات هو تنشيط الوضع القائم، تحريك قوافي الاعتباط، و نشرها من خلال التنفيس عن كرب الزبناء الاجلاء، من أجل قضاء ليلة باذخة، تساور كل متطفل لهذه الحانة، ليستمر جلب الفلس، و احتضان الكأس، و متعة المفاتن التي ستفرزها امرأة الكونتوار في تلك الليل الخمرية، فوصف بكري المشهد بهذه الصورة بعناية فائقة:
"المرأة الناسكة في ثوب الغواية
تركت مكانها خلف الكونتوار
دنت من هواجسي
تتلوى في رقصتها الثملة
على إيقاع عيطة شعبية مرساوية
شدني لون طلاء أظافرها الحمراء
اهتزاز جسدها الفارع
وعرقها البروليتاري"
هذا المشهد الواقعي و الذي صوره الشاعر، يبين وجهين أساسيين للعمل الذي تقوم به البروليتاريا، خصوصا في الاعمال الغير المهيكلة، مثل عمل هذه المرأة: عمل خدمة التنظيف ، و تقديم القنينات، و ملأ الكؤوس بعد فراغها، و عمل الرقص، و التسلية، و أشياء أخرى ان اقتضى الحال، إنه عمل متعب، و حاط من الكرامة، خصوصا في مجتمعات شرقية لا ترحم، أما الدور الثاني هو الذي يلعبه الكأس في القصيدة، فهو يوجد ليبن تفاصيل حدث، أو أحداث، يريد بكري أن يضعها موضع نقد، أو مساءلة، كما راينا في الاجزاء الاولى من نفس هذا العنوان" تداعيات لزمن منفلت" فهو في الغالب يسرد موقفا معينا كما فعل مع تيار اليسار، أو تيارات الاسلام السياسي، و في هذه القصيدة يحرك الكأس من أجل هذا الغرض أيضا، لكن الأمر انقلب في هذه القصيدة الثالثة، اذ جعله في خاتمتها بعد أن سرد موقفه من عدة قضايا سياسية، سأعود اليها بعد قليل، لهذا يمكن القول أن الكأس وضف هنا ليكون قفلا لما تم سرده، من هنا كان لابد من الوقوق على هذا التوظيف الفني للكأس، و المرأة داخل القصيدة:
" من شدة اليأس
تبرأت مني طرطقات الكؤوس
في ساعة النشوة"
بعد هذا المدخل الشيق، الذي وصف فيه الوضع الذي أصبحت تعيش فيه مجتمعاتنا من خلال حالة امرأة الكونتوار، و الذي يمثل واقع البروليتاريا في عالمنا الجديد، كوضع يتسم بالعهر، كما يريد ان يكشفه بكري، هو عهر لكون البروليتاريا أصبحت تبيع قوة عملها في وضع هش، وخطير، بعدما تم الاجهاز على كل المكتسبات السابقة، و أصبح البروليتاري يقوم بأدوار مختلفة لكي يحصل على قوت يومه، كما تفعل امرأة الكونتوار أعلاه.
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا