الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تائه في أومونيا....

عبد السلام الزغيبي

2020 / 5 / 23
الادب والفن


نافورة ميدان اومونيا الجديدة ذكرتني بنافورة ميدان اثينا القديمة وبقصة طريفة حدثت مع أحد الليبيين من مدينة بنغازي الذين كانوا يترددون على أثينا في شهور الصيف في السبعينيات.. لم أكن شاهد عيان على الطرفة، ولكن رواها لي أحد شهود الواقعة وكان يقيم مع صاحبنا في نفس الهوتيل المشهور في شا ع أثيناس وهو أحد الشوارع المتفرعة من ميدان اومونيا الأشهر في وسط أثينا.( هوتيل الجريكو)، وهو مقصد عرب بنغازي، لوقوعه في وسط المدينة، ولقربه من سوق الخضار واللحمة، ومن ميدان موناستراكي وبلاكا، وهناك ميزة اخرى في الهوتيل وهو المعاملة الخاصة التي يجدها الليبيين من مسؤول الريسبشن وهو يوناني-مصري،اذا يتركهم بمزاجه، أن يولعوا الفرنيلوا، وايطيبوا مكرونة جارية، وياخذوا راحتهم، ويسكنوا في الغرفة اكثر من اثنين ثلاثة اشخاص، بعكس باقي الزبائن المؤدبين..

و ميدان اومونيا توجد بوسطه حديقة كانت تحوي نافورة منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى العام 2000 كما تزينه أشجار النخيل المتوسطية، كما كانت تحيط به مجموعة كاملة من مباني العمارة الكلاسيكية الحديثة شأنه، شأن المناطق الشمالية والغربية من أثينا والتي أزيل نصفها تقريبا. وأسفله إحدى محطات قطار أثينا والتي تحمل اسم "محطة أمونيا" والتي افتتحت في 1895 ومن بعده اضيفت له خط مترو أثينا في العام 2004 . كما أن موقعه يطل على عدة شوارع وميادين رئيسية أخرى في المدينة، بينها شارع يصله بميدان سنتاغما الرئيسي هو الآخر وبين الميدانين توجد منطقة المحال التجارية والأسواق والمطاعم الرئيسية في المدينة.


ملخص الحكاية الطريفة، أن صاحبنا وهو مشهور بالنوادر بين رفاقه أراد أن يبادر ويخرج لوحده للتجول في المنطقة القريبة من الهوتيل تاركا الرفاق ليذهب إلى مكان لا يريد أن يطلعوا على سره، المهم انه خرج وأصحابه غير راضيين على خروجه لوحده لانهم يعرفون انه لا يستطيع التصرف بمفرده وقد اختبروا هذا من قبل في كثير من المرات..لكن مع الحاحه واصراره على الخروج، سمحوا له بذلك بعد أن وعدهم إنه درس موقع الهوتيل ويعرف اسم الشارع الذي يقع فيه الهوتيل في وسط أثينا..

خرج " عبد الرحمن" مساء ذاك اليوم من أيام صيف منتصف السبعينيات من القرن الماضي، باتجاه ميدان اومونيا الأشهر في وسط أثينا..وعند وصوله كانت نافورة ميدان اومونيا مضاءة بكامل ألوانها، وهنا خطرت له فكره يستدل بها عن الشارع الذي يقع فيه الهوتيل..اختار اللون الاحمر الذي يشير باتجاه شارع أثيناس حيث يقع الهوتيل.. و قام بجولته في الشوارع القريبة، رجع إلى مكانه، الذي أطلق منه..وصل إلى ميدان اومونيا لكن لسوء حظه كانت انوار النافورة مطفأة.. هنا وقع ارحيمه في حيث بيص فكيف يخرج من هذه الورطة وكيف السبيل للوصول للهوتيل بعد أن غاب الدليل الوحيد الذي يستدل به عن المكان..بقة صاحبنا تلك الليلة يلف حول الميدان يخرج من شارع ويدخل في شارع..لا يعرف اسم الشارع ولا اسم الهوتيل ولا لغة أجنبية تسعفه في هذه الاوقات الحرجة..

طالت غيبة عبد الرحمن، وانشغل الجميع عليه، وبدأ كل واحد منهم يضع سيناريو لما يمكن أن يكون قد حدث له، منهم من قال إنه ربما تاه في الطريق ولم يعرف الوصول الى الهوتيل وخرج للبحث عنه في الشوارع القريبة دون جدوى.

أحد الأصدقاء الخبثاء قال: "ربما خطفته أحد حسناوات أثينا لانه بالغ الجمال وكامل الرجولة.."، لكنهم جميعا أستبعد أن يكون صديقهم قد أعتكف إلى إحدى البارات اوالمواخير..لان هوايته كانت التفسح والاكل والشرب فقط لاغير..

ومضت الليلة دون رجوع "عبد الرحمن"، وكان الوقت قد تجاوز منتصف الليل، والمارة قليلون، والعتمة بدأت تلف المكان، ومن التعب غلبه النوم، فأرتمى على العشب الاخضر في الحديقة المحيطة بالنافورة ونام، ليستيقظ على صوت عامل الحديقة العجوز، يوقظه، ويقول له: هذا مكان عملي، وأرجوك أن تبحث لك عن مكان تاني تستريح فيه".. وكانت اجابة " عبد الرحمن" وهو يحاول أن يشرح ويوضح للعجوز بلغة الاشارة طبعا، أنه تائه، وأنه يبحث عن الهوتيل، ويبحث عن طريقة للرجوع الى أصحابه.
حن قلب العجوز وهو يرى عبد الرحمن يحكي بأسى وتعابير وجهه تقول أنه صادق في كلامه حتى وأن لم يفهم العجوز شيئا مما يقول، فقط كل مأستطاع فهمه كلمة واحدة كان يكرها على الدوام " هوتيل..هوتيل" ، العجوز عامل البلدية، بفطنت اهل البلد، عرف أن صاحبنا يسكن في هوتيل رخيص الثمن وينزل فيه عادة أجانب، وأخذه من يده وأوصله لغاية باب الهوتيل وهناك كان رفاق رحلة السفر في انتظاره عند المدخل، فرحوا شديدا لقدومه وبرجوعه سالما غانما، شكروا الرجل اليوناني العجوز، وطلبوا من "أرحيمه" أن يذهب ليستريح من عناء وتعب الليلة الماضية، وأن يمكث في الهوتيل حتى صباح اليوم التالي، لانهم كانوا قد خططوا لرحلة بالسفينة الى ثلاث جزر قريبة من اثينا، احتفالا برجوعه سالما، وقال أكبرهم سنا:" أنا حلفت من يوم وغادي، وين ما تمشي كراعي على كراعك، مش ناقصنا فجايع، خير ما أيقولوا شلتوا الراجل معاكم لليونان،

وروحتوا بلاه" أتفقنا يا أرحيمه...وكان رده:" ماشي .. ماشي.. اللي اديروها باهي"...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل


.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج




.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما