الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإضراب مدرسة الكفاح العمالي، بقلم: نشرة البوصلة. إحياء للذكرى الثالثة والعشرون لاغتيال المناضل الاشتراكي الثوري عبد الله موناصير، يعيد رفاقه ورفيقاته، في تيار المناضل-ة، تباعا، نشر الرصيد الإعلامي لهذا المناضل.

المناضل-ة

2020 / 5 / 23
الحركة العمالية والنقابية


1- الإضراب العمالي يأتي من التناقض بين العمل والرأسمال
الإضراب هو أحد أشكال الرفض والتمرد التي يرد بها البشر المستعبد للحد من الاستغلال والاضطهاد وللتحرر الشامل والنهائي منهما.
وقد أصبح الإضراب اليوم، في العالم أجمع، حدثا مألوفا سواء داخل المقاولات، أو المرافق العمومية، محليا أو على مستوى البلد كله. بل أحيانا يشمل الإضراب بلدانا عديدة دفعة واحدة [فروع الشركات متعددة الجنسية].
وينتج هذا الانتشار الواسع للإضراب، رغم القوانين الهمجية التي تقلصه أو تمنعه، من انقسام المجتمع المتزايد إلى أقلية مالكة مستبدة وأكثرية معدمة ومضطهدة. فنمو ظاهرة الإضرابات ترافق مع نمو الرأسمالية وانتشارها. فالنظام الرأسمالي مبني على احتكار حفنة مستغلين للخيرات ووسائل الإنتاج، مما يجعل المجردين من الملكية مضطرين إلى بيع قدرتهم على العمل ليستمروا على قيد الحياة( الأصح قيود الحياة في المجتمع البرجوازي).
وفي هذه العلاقة يكمن التناقض بين الطبقتين البرجوازية والعاملة: فرب العمل يسعى لشراء قوة العمل بأقل ما يمكن لتضخيم الأرباح بينما العامل من جهته يريد بيعها بما يضمن له ولأسرته مستوى عيش لائق.
وفي هذا التضارب بين المصالح يشكل الإضراب احد أسلحة عبيد الأجرة. فرب العمل يستفيد من ضغط البطالة ليخفض الأجور، حيث يقبل العاطلون عن العمل الاشتغال بأقل اجر. كما يخفض الأجر الفعلي بتطويل يوم العمل وزيادة حدة الاستغلال. ويقف العامل في هذه المواجهة عاجزا بمفرده أمام جبروت رب العمل من جهة وشبح الموت جوعا من جهة أخرى. وطالما بقي العمال فرادى مشتتين استمرت عبوديتهم واسترقاقهم لتتراكم أرباح الرأسماليين. وأمام استحالة المطالبة الفردية ياتي الإضراب كرد فعل جماعي يقف خلاله العمال جسما واحدا لردع اندفاع الرأسمال. وليس الإضراب مجرد تجميع عددي للعمال، بل هو ولادة كيان جماعي له منطقه الخاص: فالعمال يكتسبون الثقة بالنفس وكل فرد يفكر للجماعة ويتصرف كعنصر مشدود إليها.
2- الإضراب يطور الوعي العمالي
يخرج العامل من تجربة الإضراب وقد تحول نوعيا: فعندما يستعين رب العمل بأرباب عمل آخرين لكسر الإضراب، تظهر للعمال تلك الروابط القوية التي تشد الرأسماليين إلى بعضهم، وتنفضح كل الأكاذيب حول المقاولة كوحدة يحكمها هدف مشترك، وبذلك ينتقل اهتمام العامل من رب عمله الفرد إلى الطبقة البرجوازية كلها.
وعندما تنتقل عدوى الإضراب إلى مصانع أو قطاعات أ،خرى ينتقل معها اهتمام العامل من وضعه الشخصي إلى وضع الطبقة الأجيرة كلها، ويكتسب وعيه من جراء ذلك طابعا شموليا. وعندما تتدخل السلطة بوعودها الكاذبة، ويستقدم رب العمل قوات القمع لمهاجمة المضربين، تتجلى أمام العمال في واضحة النهار حقيقة الحكومة والقوانين التي تحكم بها: ففي لحظة يتبدد كل ضباب الأكاذيب البرجوازية حول الدولة راعية المصلحة العامة المزعومة والحكم فوق الطبقات، وتنكشف الحكومة وهي تدافع عن الرأسماليين وتضع القيود في يدي ورجلي العامل.
باختصار، خلال الإضراب يقفز الوعي العمالي في أيام قليلة إلى مستوى لم يصله طوال أعوام وعقود من السير العادي والرتيب لحياتهم.
وهذا الدور الكاشف الذي تقوم به الإضرابات يجعل الحكومة تفعل كل شيء لإحاطتها بالسرية، فتمنع أخبارها من الانتشار، وتبذل كل ما في قدرتها لوقفها وبأسرع ما يمكن.
3- نمو الإضراب وتسييره
الإضراب المهني (الاقتصادي) هو الشكل الأولي للإضراب . ففيه يكون هدف العمال الوصول إلى تقاسم أفضل لصالحهم لتلك القيمة التي أنتجوها ويستحوذ الباترون على قسم منها (الربح).
وهذا الإضراب نفسه ، رغم طابعه الخبزي، يؤدي إذا خيض بحزم وكفاحية إلى المس بجزء من سلطة الطبقة الرأسمالية. فالعمال المضربون يريدون منع الباترون من شراء قوة العمل بالثمن الذي يريد . وعندما يعتصمون بأماكن العمل أو يقيمون حراسة لإضرابهم فإنهم يمنعون الباترون من إدخال من يشاء إلى "مقاولته".
وتنمو بذور المس بسلطة الرأسمال هذه بقدر ما يتسع الإضراب من داخل المقاولة ليشمل القطاع، تم البلد كله. وأيضا بقدر ما يتطور شكل الإضراب من التوقف عن العمل، ومغادرته، إلى الاعتصام بأماكن العمل، ومن هذا الاعتصام إلى تشغيل المصنع لحساب العمال.
هكذا يتحول نزاع شغل بسيط إلى امتحان قوة لمعرفة من هو السيد داخل المقاولة، وفي مجمل الاقتصاد والدولة: الطبقة البرجوازية أم الطبقة العاملة ؟
وما أن ينطلق الإضراب حتى تظهر حاجيات تنظيمه وتسييره. فكل إضراب يتطلب:
- تجميع الدعم من فرع الإنتاج، وباقي أنصار النضال العمالي محليا ووطنيا وتوزيعه.
- توزيع المؤونة، وباقي متطلبات الحياة على المضربين وأسرهم.
- منع دخول كاسري الإضراب إلى المصنع.
- تنظيم التنشيط الثقافي للمضربين وكذا تنظيم اجتماعات نقاش سير المعركة.
- تنظيم الإعلام للدفاع عن قضية العمال أمام الرأي العام.
- البحث عن معلومات حول نوايا الخصم. تتطلب كل هذه الوظائف أجهزة تنسق عملها في إطار أوسع على مستوى المقاولة أو فرع الإنتاج أو المدينة أو البلد كله.
وتتنوع أجهزة تسيير المعركة حسب تجارب العمال ومستوى وعيهم. وقد تتخذ إحدى الأشكال الثلاث الآتية:
1) يمكن أن يتسم تسيير الإضراب من قبل نقابة بشكل بيروقراطي. أي من طرف مسؤولين نقابيين لا ينزلون عند العمال إلا نادرا لجس نبضهم لا غير.
2) يمكن أن تقوم نقابة بإدارة المعركة بشكل ديمقراطي، أي بواسطة اجتماعات عامة للمضربين النقابيين الذين يبقى قرار تطور المعركة بيدهم.
3) الشكل الأكثر ديمقراطية هو لجنة الإضراب، المنتخبة من طرف كافة المضربين بمختلف انتماءاتهم النقابية وحتى غير المنتمين. ويكون أعضاء هذه اللجنة قابلين للعزل في أية لحظة. واللجنة نفسها خاضعة لقرارات الاجتماعات العامة المنتظمة للمضربين.
وهذا الشكل هو الأكثر ضمانا لوحدة العمال المضربين وانتصارهم. فالتعدد النقابي والسياسي بين العمال قد يضر بسير المعركة. فعندما تقوم أجهزة كل نقابة باتخاذ قرار السير في اتجاه قد لا يوافق عليه آخرون، يؤدي ذلك إلى تعثر النضال بل حتى فشله.
أشكال الإضراب وتوقيته
أشكال الإضراب
تطور الإضراب مع تطور الإنتاج الرأسمالي نفسه، وردا على أساليب البرجوازية ودولتها لتكسيره ومحاربته. ويبقى الإضراب كوسيلة قابلا دوما للتطوير حسب الوضعية الملموسة، أي ظروف الزمان والمكان.
وقد أوحى تنظيم العمل داخل وحدات الإنتاج والمرافق العمومية بأشكال إضراب غير تقليدية ومتلائمة مع الخصوصيات:
- الإضراب الدائر : يضرب العمال في مشغل تلو الآخر، أو فئة تلو الأخرى بالتناوب دون أن يتوقف الجميع دفعة واحدة. وهو يفرض دراسة دقيقة لسيرورة العمل للتمكن من شله. وميزة هذا الإضراب ما له من انعكاسات على عمل العمال غير المضربين. مثلا اضطربت الحركة بإحدى محطات القطار بفرنسا طيلة ستة أيام رغم أن مدة الإضراب لم تتجاوز ثلاث ساعات لكل عامل مضرب.
- الإضرابات القصيرة والمتكررة : تتم دراسة وثيرة الإضراب وتوقيتها وفق خطة مضبوطة.
- الإضراب المبرقع : يتم تخفيض المردودية بتنقيص مقصود لوتيرة الإنتاج. مثلا لا ينتج العامل إلا نصف المعتاد. علما أن تخفيض الإنتاج في أحد الأقسام يؤثر على باقي الأقسام المرتبطة به.
- الإضراب بالتمسك بشكليات العمل (إضراب المغالاة) : يبدي العمال نشاطا مفرطا، ويتمسكون بالشكليات مما يؤدي إلى تعثر العمل وبطئه الشديد. مثلا مستخدم بالإدارة يتوقف عند كل وثيقة إدارية كثيرا من الوقت للتأكد من تفاصيل عمله بها متيقنا بكل مبالغة من أدق الأمور مما يؤدي إلى تراكم العمل وثقل تسييره. وهو عمل كان ينجزه بكل خفة. هذا النوع من الإضراب فعال في قطاعات كالبريد والجمارك والملاحة الجوية.
- إضراب السدادة BOUCHON : يمكن إيقاف العمل في مصنع كبير بإضراب عمال مشغل صغير فيه (عمال موقع حساس). ضرر هذا الإضراب على الباترون بالغ فهو رغم التوقف الكلي للإنتاج مضطر لتحمل الأكلاف العامة وتحملات الصيانة، وفوق ذلك أجور غير المضربين.
- الإضراب مع الاعتصام: كان هذا الشكل ميزة الإضرابات الجماهيرية في فرنسا عام 1936، وعاد للظهور في مايو 1968 . وأصبح سلاح العمال المعتاد للرد على التسريح الجماعي . كما أن اللجوء إلى هذا الشكل يتم لمنع الباترون من تشغيل عمال جدد لكسر الإضراب.
- الإضراب المصحوب بالمسيرات: إلى مقرات الإدارة بالعاصمة، أو مقرات السلطات المحلية أو غيرها من مؤسسات الدولة (البرلمان – الوزارة – مجلس استشاري لكذا وكذا) .
- على مستوى التأطير : يلاحظ في العقود الأخيرة أن سعي الدولة للتحكم في الإضرابات باستعمال النقابات أدى إلى اتساع الإضرابات البرية GREVE SAUVAGE أي غير الخاضع لتوجيهات المنظمات النقابية. وهي ظاهرة شملت حتى بلدان مثل ألمانيا وانجلترا حيث يمنع القانون صراحة الإضراب البري.وهذه الظاهرة تجد تفسيرها في التبقرط المتزايد للنقابات وابتعادها عن انشغالات القواعد العمالية.
اختيار توقيت الإضراب :
من المعتاد أن يلجأ العمال إلى الإضراب في الوقت الذي يحتاجهم رب العمل أمس الحاجة.أي في فترات الازدهار حيث تكثر الطلبيات، وتتراءى له فرص الربح الوفير. أو حينما يكون ملتزما بعقود مع الزبائن، أو غير ذلك من مستلزمات البيع والشراء.
ولنفس السبب غالبا ما يتجنب العمال الإضراب في فترات الكساد حيث مخزونات المصنع مكتظة بالسلع التي لم تجد من يشتريها.
كما يمكن لاعتبارات أخرى متنوعة أن تؤخد في الحسبان لتحديد وقت إضراب ومدته. ويلعب المستخدمون بالمصالح الإدارية للشركة، بحكم اطلاعهم على تسييرها، دورا هاما في توفير المعلومات المساعدة على اختيار الوقت الأنسب لإعلان الإضراب. كما يمكن الاعتماد على ظروف خارجية عن العمل لإعلان الإضراب. ومن الأمثلة الشهيرة في هذا المضمار مثال عمال مصفاة بترول بفرنسا قرروا الإضراب ساعة وصول الرئيس شارل دوغول فتم قبول مطالبهم فورا.
كما يمكن أن يضطر العمال إلى الإضراب والاعتصام بغض النظر عن أي اعتبار في حالة إقدام رب العمل على طرد النقابيين أو تسريح جماعي.
ليس ثمة قاعدة عامة، بل تحليل ظروف الزمان والمكان ومناقشتها الجماعية هو السبيل لخوض الإضراب في أفضل الشروط.
البوصلة-العدد الخامس- أكتوبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس