الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الدوران في الدائرة (3 )

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من نافلة القول أن غاية التفكر مساهمة ً في إنجاح العيش المشترك في إطار مثل المجتمع الوطني هي التأكيد على جدوى و ضرورة هذا التشارك من منظور إنساني حضاري . ذلك يفترض مقاربة علاقة بين الناس تكون ملائمة للتعارف و التجاور و التعاون و التضامن بخلاف الفردية والأنانية اللتين يتسم بهما الالتقاء الظرفي بين التاجر و بين المشتري العابر !
بكلام مبسط ، إن العيش المشترك الوطني هو شرط لا بد منه للاستقرار و الإنتاج والتقدم ، يتطلب توفره عملا متواصلا على الصعد الثقافية و العلمية و التربوية من أجل تحسين قواعده وإقناع الناس بقبولها و الالتزام بها باسم المصلحة العامة .
إن الإشكال المزمن الذي يعترض آلية العيش المشترك في لبنان و سورية و الأردن و العراق هو معطى ملموس لا يحتاج إلى براهين ودلائل على وجوده ، و لا نجازف بالقول أن مرده عائد إلى اعتداء السلطة الحاكمة حاليا ،على الدولة أو بالأحرى إلى مصادرة الدولة و ارتهانها ، كما صودرت وارتهنت في السابق الأديان و الشرائع في مراحل انحطاط الممالك و الدول قبل أفول نجمها . ينبني عليه أن كف أذى السلطة المعتدية هو مسألة مصيرية ووجودية . مهما يكن فإن التجارب التي تراكمت منذ سنوات 1970 إلى الآن ، تثبت أن هذه السلطة الحاكمة أضرت كثيرا المجتمع الوطني و مثلت عن جدارة بداية الانحطاط الذي يكاد في الراهن أن يبلغ مداه .
الرأي عندي أن القضية الوطنية بمجملها وصلت إلى مفترق طرق ، فأما أن تسقط السلطة و أما أن تسقط الدولة . بتعبير آخر أما الثورة على السلطة من أجل اقتلاعها و إما الضياع . استنادا إليه ، إن المسألة الرئيسة الآن هي " الثورة الوطنية " بما هي خشبة الخلاص من الغرق .
من البديهي في هذا السياق القول أن " الثورة الوطنية " لا تستورد و لا تأتي على شكل هبات و مكرمات ، فكل مجتمع يخلق ثورته الوطنية بنفسه على مقاساته ، هذه سيرورة ضرورية تنطلق بين الحين و الحين في المجتمعات الوطنية النابضة حيوية ، إعادة للتأسيس بعد الانعطافات المفصلية ، أو تجديدا أو ترميما كما تقتضي الظروف .
فما يلزم ببساطة هو دولة تسهر على حسن سير العمل في إطار العيش المشترك ، أي أنها تفرض المساواة المطلقة بمنع التمييز على أساس الحسب و النسب و العرق والدين و العقيدة بالإضافة إلى ضمانة الأمن وتوزيع الخدمات المتوفرة في مجالات فرص العمل و التعليم و الطبابة و الحد الأدنى من مستلزمات العيش ، توزيعا عادلا .
و لكن هل أن أسقاط السلطة ممكن في هذا الزمن ؟ كون السلطة ذات قوة كبيرة ، ذاتية و خارجية ، الأمر الذي يجعل من كفاحها أصعب من معركة التحرير الوطني ضد الاستعمار حيث بالإمكان أحيانا الاستفادة ضده من دعم الرأي العام الخارجي ، في مقابل العنف الداخلي الذي لا يخضع إلا لميزان القوى الداخلي و لقانون الغاب . ربما يكون هذا واحدا من الأسباب التي تجعل الاستعمار يستخدم الحرب الداخلية ، بالوكالة ، كوسيلة للتمدد .
مجمل القول أن العنف ليس ملائما في هذا الزمان في مقارعة السلطة الفاسدة و المتآمرة لأن الاستعمار يقف دائما خلفها متـأهبا لدعمها و الدفاع عنها . هذا لا يعني على الإطلاق أن اسقاط هذه السلطة مستحيل ، و لكنه يتطلب أيجاد الأساليب و الوسائل الكفيلة بتعطيل دورها كوكيل أو وسيط ، يعمل في الداخل في خدمة الخارج . بكلام آخر ان النضال التحرري ضد السلطة الوكيلة ليس صراعا عنيفا بين قوتين متناقضتين ، الغلبة فيه هي حكما للقوة الأكبر ، أي للسلطة و دعامتها الخارجية ، فالجماعة التي تحكمها مثل هذه السلطة لا تقتدر منطقيا على مضاهاة هذه الأخيرة ماديا ، أي بالسلاح و المال و عدد المرتزقة ، و لكنها تستطيع بالقطع التفوق و الانتصار عليها بالعقل و الوعي و الحيلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا