الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيء المؤكد فيما يجري في ليبيا اليوم!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2020 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن فهم مشكلة ليبيا المزمنة وأيضا المشكلة الراهنة الا بفهم الحقائق التاريخية والواقعية التالية:
1- الشيء المؤكد أن تركيا - وكذلك ايطاليا - وبضوء أخضر من بعض الدول الكبرى، لن تسمح لقوات تحالف الكرامة بقيادة المشير حفتر بالسيطرة على العاصمة طرابلس مهما كان الثمن!.
2 - والشيء المؤكد الآخر أن مصر، وبضوء من بعض الدول الكبرى، لن تسمح لقوات تحالف الوفاق بقيادة السراج، والتي محورها وجوهرها جماعة الاخوان المسلمين، بتجاوز (سرت)(*) اذا تمكنت من هزيمة وسحق قوات الكرامة في الغرب الليبي مهما كان الثمن!.
3 - والشيء المؤكد الآخر أن دخول تركيا بهذا الشكل القوي والسافر في الصراع الليبي الليبي عقد المشكلة الليبية بشكل أكبر وأخطر إذ أن مصر باتت تنظر لما يحصل في ليبيا بأنه أمر يتعلق بشكل مباشر بأمنها الوطني، فليبيا عبر التاريخ، وخصوصا برقة، تشكل امتداد استراتيجي لمصر.
4 - الشيء المؤكد الآخر أن الغرب يشعر بقلق بالغ من التدخل الروسي ودعمه بقوة لتحالف المشير حفتر وترى في التدخل الروسي اعادة لسيناريو انتصار روسيا في سوريا.
5 - والشيء المؤكد الآخر أن الصراع الجاري في ليبيا له وجهان، وجه سطحي ووجه آخر عميق، الوجه السطحي يبدو من خلاله الصراع للغربيين وربما للعرب أيضا كما لو أنه صراع سياسي ايدبولوجي بين الاسلاميين والعلمانيين ، أو بين أنصار ثورة فبراير وأنصار النظام السابق، أو ربما حتى بين الشرق والغرب، بينما الوجه الحقيقي والعميق كما نعلم نحن الليبيين هو صراع اجتماعي جهوي وقبلي وعرقي عميق ومزمن متعلق بمكونات المجتمع الليبي في غرب ليبيا ، أي بين محور قبيلة ومدينة (مصراتة) وحلفائها من البربر والزاوية وغريان، وبين محور قبيلتي ومدينتي (ورفلة وترهونة) وحلفائهما من القبائل العربية البدوية كورشفانة والفرجان والقذاذفة، فالتاريخ في الغرب الليبي (**) يعيد نفسه!!.
6 - والشيء المؤكد الآخر أن مصر ترفض بشدة وحزم مشروع تقسيم ليبيا بل وترفض حتى الفيدراليةليس حبا في ليبيا وخوفا عليها بل لأن حصول ذلك قد يغري بعض الأقاليم المصرية بالمطالبة بالفيدرالية أو حتى الانفصال، ولكن ومع كل هذه المخاوف المصرية فإن مصر اذا وصلت إلى طريق مسدود ووجدت أن الاخوان المسلمين وحلفائهم الأتراك تمكنوا من احكام قبضتهم على طرابلس والمنطقة الغربية وباتوا يشكلون خطرا على أمن مصر من خلال تمدد نفوذهم لشرق ليبيا (برقة) فإن مصر ، في هذه الحالة، ستبدل موقفها من الحل الفيدرالي بل والحل الانفصالي وتسعى بكل قوتها لدعم الفيدراليين بل وحتى الانفصاليين بشرط أن تضمن ولاء هؤلاء للقاهرة بما يضمن أمن ومصالح مصر.
7 - والشيء المؤكد ما قبل الأخير أن الدول الكبرى لم تتفق بعد على إعادة النظر في مشروع دولة ليبيا التي أسستها اسما وجسما ايطاليا الفاشية عام 1934، ولم تتفق بعد على العودة لمشروع الدولتين (برقة وطرابلس الغرب) ولكن بلا شك وكما ورد في بعض الصحف الايطالية أن الحديث عن حل الدولتين موضوع على طاولة النقاش في كواليس اللعبة الدولية.
8 - والشيء المؤكد الأخير أن ليبيا تقف على شفا جرف هار وهاوية سحيقة من الضياع وغور المجهول، فحتى لو فاز هذا الفريق أو ذاك وتمكن من سحق من خصمه، فمشكلة ليبيا الأساسية ستظل أعمق وأخطر، فما لم يعرف ويعترف الجميع أن دولة ليبيا التي اخترعها اسما وجسما المحتل الايطالي عام 1934 هي دولة مركبة تتركب من بلدين وقطرين عربيين شقيقين وجارين هما برقة و طرابلس الغرب - حالها حال بريطانيا وروسيا وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا - مالم يعرف ويعترف الجميع بهذا - فلن يعرفوا الطريق الصحيح نحو وحدة واستقرار وازدهار واستمرار دولة ليبيا !.
****************
الهامش:
(*) مدينة (سرت) تقع في منتصف ليبيا وهي الحد الفاصل تاريخيا وجغرافيا وطبيعيا واجتماعيا بين ما كان يعرف قبل تأسيس ايطاليا لدولة ليبيا بالقطرين البرقاوي والطرابلسي، فقد ظلت سرت عبر التاريخ، قبل وبعد الفتح الاسلامي، هي الحد الفاصل بين برقة (بنتابولس) وطرابلس الغرب (تريبولس) أو (تريبوليتانيا).
(**) بالرجوع للتاريخ الليبي البعيد والقريب، نجد ونكتشف أن هذا الصراع الاجتماعي الجهوي في الغرب الليبي ، القطر الطرابلسي سابقا، هو السبب الأساسي في فشل مشروع الجمهورية الطرابلسية عام 1918، وفي فشل مشروع حكومة القطر الطرابلسي عام 1919، وفي فشل وتوقف حركة الجهاد والمقاومة ضد الطليان عام 1923، وفي تأخر انتصار ثورة فبراير عام 2011 لعدة أشهر بينما الثورة نجحت في الشرق الليبي (برقة) في غضون أيام معدودة!، بل إن هذا الصراع الاجتماعي الجهوي العرقي بين مكونات المجتمع الليبي في غرب ليبيا بين (الأخوة الأعداء) هو السبب الأساسي في فشل إعادة بناء الدولة الليبية حتى الآن منذ سقوط نظام العقيد القذافي وأولاده!، مع ضرورة الوضع في الاعتبار هنا كي تتضح الصورة أن المشير (خليفة حفتر) قائد تحالف الكرامة وإن كان من سكان شرق ليبيا (برقة) إلا أن أصوله القبلية والجهوية ترجع لقبيلة ومدينة (ترهونة) في غرب ليبيا، ولو كانت أصول المشير (حفتر) ترجع مثلا لمدينة وقبيلة (مصراتة) في غرب ليبيا أو كانت ترجع لأحد قبائل (السعادي) في شرق ليبيا مثلا لتغير المشهد السياسي في ليبيا 180 درجة!، أقول هذا لنعرف حجم وثقل العامل الاجتماعي والجهوي والقبلي في الأزمة الحالية!، فما لم نعرف ونعترف بهذه الحقيقة لن نعرف حقيقة مشكلة ليبيا وطبيعة الحل المناسب لها!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طريق الخلاص
هامل وفي ( 2020 / 5 / 28 - 21:06 )
أرى أن الليبيين ان كانوا عقلاء حقا ملزمون اليوم بالعودة للنظام الملكي الدستوري الذي كان يمثله السنوسي رحمه الله ضامنا لوحدتهم واستقرارهم السياسي والاقتصادي

اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي