الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدر زوجتي

محمد أبو قمر

2020 / 5 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غضب أحد معارفي علشان رفضت مصافحته خوفا من العدوي ، غضب بشدة وقال لي : إنت هاتعمل زي الناس الكفرة ؟؟!! ، وقعد يديني محاضرة في إن كل شيء بتاع ربنا ، ولو إنت قاعد في قمقم وربنا عايز يجيبلك كورونا هايجيبلك كورونا ، العمر واحد والرب واحد ، وإنت هاتموت في ميعادك سواء بكورونا أو من غير كورونا .
مشي صاحبي زعلان وهو بيقولي استغفر ربك وخلي توكالك عليه واطلب منه يتوب عليك علشان آخرتك متبقاش سودا ، السلام لله ، ومهما حاولت تحمي نفسك إللي ربنا عايز يبتليك بيه مش هاتقدر تمنعه ، وكل شيء بأمره.
معظم الناس في مصر بيفكروا بالطريقة دي ، إللي مكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين ، المرض من عند ربنا والشفا برضه من عنده ، والرزق إللي مكتوبلك هايجيلك لو إنت نايم تحت اللحاف .
الفهم ده لأمور الحياة بالنسبة لكورونا علي سبيل المثال هو إللي بيوسع دايرة العدوي ، لأن الناس بناء علي الاتكالية دي لما بيتقابلوا بيسلموا عادي وبيحضنوا بعض عادي ويبوسوا بعض عادي لأن كل شيء زي ما بيقولوا بتاع ربنا.
والفهم ده برضه بالنسبة للرزق عطل الابداع ومنع الناس من القيام بأي مبادرة لتحسين أحوالهم المعيشية لأن الرزق زي ما بيقولوا محسوب ومتقدر ، وتجري يابني آدم جري الوحوش غير رزقك لن تحوش.
والفهم ده برضه خلا التعليم عند معظم الناس مجرد الحصول علي مكانة اجتماعية مش علشان الحصول علي المعرفة إللي تمكنه من تغيير نمط حياته أو تمكنه من فهم الظواهر وتفسيرها تفسير علمي وعلشان كده تلاقي مثلا أستاذ في الجامعه حافظ مادته لكن ما بيفهمش فيها أي حاجه .
والثقافة دي برضه هي إللي خلت الناس تقيم بعضها علي أساس إللي بيصلي يبقي بيعرف ربنا ، ولا بيصافح ورامي حموله علي ربنا يبقي مؤمن بالقدر وبالمكتوب وإللي ما بيصليش يبقي عاصي وآثم قلبه ، وإللي بيرفض المصافحة يبقي مش مؤمن إن أي مصيبة هي من عند ربنا وإن النجاة من المصايب هي إنك تسلم أمرك لله وتتكل عليه وتسلم وتبوس وتحضن وإنت رامي حمولك كلها عليه.
والثقافة دي برضه هي إللي خلت أحد المشايخ يزغ مراتي وأنا ماشي معاها بالعصاية بتاعته في صدرها وهو بيقولها اتحشمي يامرأة ، ولما اعترضت ومسكت فيه الناس كلها اتلمت وشتموني وبهدلوني وواحد منهم قالي : الشيخ خايف عليك لأن مراتك مش لابسه حجاب وابزازها نافرة هاتقطع البلوزة ، وواحد قالي إنت باين عليك ديوث ومعرص.
مش عايزين نحط راسنا في الرمل ، الفكر ده منتشر في ربوع مصر ، ومشكلة انتشار العدوي ، والنظرة إلي الهدف من العليم ، ومشكلة تدخل الناس في حياة الناس ، ومشكلة توقف الإبداع وتعطل المبادرة ، ومشكلة ضياع عقل الأمة ، ومشاكل الأخلاق، كل مشاكل المجتمع بما فيها مشكلة الأخلاق وضيف كمان مشكلة الكراهية والطائفية والتطرف والتكفير والارهاب ، من غير لف ولا دوران هي مشكلة دينية ، مشكلة خطاب ديني خرافي غيبي متفسخ خالي من أي رؤية اجتماعية أو أخلاقية أو علمية ، الناس جابت الكلام ده منين؟ ، من الدعاة والمشايخ ، من خطب الجمعة ومن الدروس المسائية في الجوامع ، من تحالف الاعلام الغبي المنحط الوضيع الجاهل مع رجال الدين الفاقدين للأخلاق وللعلم والغرقانين في الجهالة ، الاتكالية دي دخيلة علي مجتمعنا ، رجل الدين الغبي هو إللي بيقول للناس المرض من عند ربنا والشفا من عنده ، وهو إللي بيقولهم الزرق إللي مكتوبلك هايجيلك حتي لو إنت نايم تحت السرير ، وهو إللي بيقولهم المرأة السافرة بتتعاون مع الشيطان في حربه ضد الله ، الشيخ الغبي الجاهل في خطابه لغي العلم وحط ربنا بداله ، لغي العقل وحط في أدمغة الناس قيمه هو وعاداته هو ومعارفة البائدة وثقافته إللي جايبها من مجاهل الزمن ، وصلت لدرجة إن الشيخ الغبي بيقول للناس في الدرس المسائي إن عود الكبريت لما تحكه في الغلبة بيولع لأن ربنا عايزه يولع ولو ربنا مش عايزه يولع والله لو مت جنبه ما هايولع .
بلاش نحط راسنا في الرمل وكفايا سكوت ، الخطاب الديني أفسد حياة الناس ، الناس بقت بتصلي لإرضاء بعضها ، النساء بتتحجب خوفا من بعضها ، الناس بتسلم وتحضن وتبوس علشان ما يتقالش عليها مش مؤمنة بالقضاء والقدر ، الناس استبدلت قدرتها علي الإبداع بالدعاء ، الناس بقت متعرفش إيه الصح وإيه الغلط من نفسها ، تفكيرهم وقف وعفولهم غابت واعتمادهم كله بقي علي إللي بيقوله نصاب في التلفزيون أو في خطبه المليانة بالأكاذيب والخرافات.
مشاكلنا كلها في الثقافة الدينية إللي قدر رجالها الجهلاء يزيحوا كل المعارف ويقتلوا الوعي ويعطلوا العقل ويقضوا علي قدرة الناس علي الإبداع ويكرههوهم في العلم ويخدعوهم بكذبة إن ربنا سخر الكفرة علشان يخترعوا كل مستلزمات حياتهم ، الشيخ بيلبس ساعة ويقول علي إللي اخترعها إنه كافر ، وشخاخ تاني يقولك إن مهما عمل الدكتور مجدي يعقوب من خير هايدخل النار برضه ، وشخاخ تالت يقولك ربنا هايشيل السيئات من علي المسلم يحطها علي راس المسيحي علشان المسلم يدخل الجنة والمسيحي يصطلي بالنار لأنه كافر.
علاقتنا الخاصة جدا والفردية جدا والسرية جدا بالخالق أصبحت علاقة عامة جدا ومفضوحة جدا ومهينة جدا بالمشايخ ، برجال الدين علي وجه العموم .
صاحبي زعل مني علشان رفضت مصافحته خوفا عليه وخوفا علي نفسي وزمانه بيقول عليّ إني كافر، والشيخ زغ مراتي بالعصايا علشان بزازها حلوة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الداء
عادل حسين ( 2020 / 5 / 28 - 02:21 )
لاشك ان المصريين مرضى بالثقافه الاسلاميه المتخلفه والقضاء والقدر والخير والشر والرزق وعدم الرزق والحسد والعين وباقى المنظومه الباليه الساذجه , انها امراض اجتماعيه خطيره متجذره والذى ينميها رجال الدين بما لديهم من سطوه وحضور وتأثير فى عقول الحمقى والبلهاء , من المؤكد ايضا ان رجال السياسه الفاسدين مشتركين ومتواطئين فى الجريمه المجتمعيه , لو كان عندهم اراده التغيير لتم التغيير منذ عقود , هم ورجال الدين الكذبه مشتركين فى الجريمه


2 - شكر وتقدير
محمد أبو قمر ( 2020 / 5 / 29 - 00:41 )
خالص تحياتي وتقديري لحضرتك