الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحث في الدين(5)

داود السلمان

2020 / 5 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا كما يرى فيورباخ في "أصل الدين:" إن تؤمن معناه أن تتخيل أن هناك شيئاً موجوداً وهو غير موجود في الواقع أي أن تتخيل أن صورة ما نبعت فيها الحياة أو أن هذا الخبز لحم والدم خمر أي تعطى له صفات ليست فيه. لذلك أي دين مهما كانت عظمته يخفق اذا أردت ان تجد الله او ان تبحث عن الله في الفلك عن طريق التليسكوب او بعدسة مكبرة في حديقة واسعة أو تبحث عنه في طبقات الارض او تبحث عنه بمشرط التشريح او الميكرسكوب فى احشاء الحيوان أو الانسان ولكنك تجده فقط في ايمان الإنسان في خياله وعقله وقلبه لأن الله بنفسه ليس شيئاً سوى جوهر خيال الانسان وقلبه".
فالدين، والدين الحقيقي المبني على منظومة قوية من المعارف والقيم النبيلة، من الصعب أن يقام ويحظى بمقبولية واسعة من الناس، فكما يقول هتلر السياسي الالماني: " إن تأسيس دين من الأديان أو تقويض دعائمه هو عمل أعظم شأناً من تأسيس دولة أو تقويض دعائمها". اذ بإمكان أي انسان يمتلك مقومات دولة ولديه بعُد سياسي، وتتوافر لديه امكانيات اقتصادية معقولة، وفوق هذا وذاك يمتلك ارضًا يمكن ان تقام عليها ملامح الدولة، وهناك من يمد له يد العون والمساعدة، أي مساندة دولة أخرى مجاورة مثلا، يمكن له بكل يسر أن يشيد تلك الدولة، ويبني اسسها، وتصبح فيما بعد دولة مترامية الاطراف، بسبب حنكته السياسية وعدالته أن كان يمتلك العدالة، والعدالة ضرورة للدولة الناجحة. لكن من الصعب بمكان أن يؤسس دينا معينا تهف اليه القلوب من كل حدب وصوب، وتؤمن بذلك الدين وتنصاع لمؤسسه، وتعد دينه دينا حقيقيًا يمكن من خلاله ان يصل الى الحظرة القدسية وهو الهدف المرتقب والامل السام لكل فلسفات الدين.
لا أدري هل نتفق أم نخالف فيورباخ حينما يرى "إن الشعور بالتبعية عند الانسان هو مصدر الدين ولكن هذه التبعية، أي التي يكون ويشعر الانسان بتبعيته لها هي في الاصل ليست إلا الطبيعة، بالطبيعة هي الأصلي الأول للدين، كما يبرهن على ذلك تاريخ كل الديانات والامم بدرجة كافية".
وسواء كان هذا حقيقة أم محض خيال، فالدين كفلسفة عملية يومية يمارسها المؤمن المنقاد الى نداءات الدين باقية لا تقلع شجرتها أي اهواء أو تحديات خارجية، قيلت هنا أو هناك. الدين غرسة يغرسها الواقع بأفئدة الناس المتدينين منذ نعومة أضفارهم، ومن النادر أن يتخلى المؤمن عن هذا الايمان الراسخ، حتى لو كان بالقهر والاجبار والغلبة تحت تهديد السلاح، وفي التاريخ نقرأ إن الامازيغ حين دخل المسلمون اوطانهم، وغزوهم نعقر دارهم، دخلوا الاسلام ونطقوا الشهادتين، وحين عاد "الفاتحون" من حيث اتوا رجع الامازيغ الى دينهم الاول، ومارسوا دينهم الطبيعي، ولما علم المسلمين خبرهم عادوا لهم تارة أحرى ليعيدوا لهم الاسلام، لكن بعد رجوع المسلمين الى من حيث انطلاقهم، عاد الامازيغ كرة أخرى، وتكررت الحال هذه عدة مرات.
فالمتدين ليس من اليسر والسهولة أن يغير دينه ودين آبائه، نبي الاسلام لما جاء الى جزيرة العرب بدين جديد، وطلب من اهل الجزيرة أن يتبعوه على دينه الجديد، فقد لاقى الصعوبة والنصب، حتى حاربهم وحاربوه ووقعت خسائر كبيرة بين الطرفين، واريقت دماء وزهقت ارواح، وكانت صولات وجولات للطرفين واستمر ذلك سنوات، حتى أخيرًا انتصر عليهم النبي وادخلهم عنوة للإسلام بقوة الخيل والرجال، وذلك في يسمى بفتح مكة، لكن مع ذلك ظلت كثير منهم على دين آبائه لكنه لم يصرح خوفا من السيف الذي لا يرحم، فبايعوا بأيديهم واضمروا في قلوبهم، حتى اطلق عليهم المنافقين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53