الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفكرون أم مقلدون

أياد الزهيري

2020 / 5 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عادتاً ما يتميز المفكر بخصائص وعلامات تدل على صفته كمبدع , وكمخلق لرؤى جديده , وكمنتج لأفكار ونظريات ترفد الأنسانيه بكل ما هو جديد . المفكرون هم تلكم الفئه من البشر الذين يدفعون عجلة التقدم الى الأمام , والذين يساهمون بوضع الحلول التي تساهم بتقليل معاناة الأنسان في كفاحه , وصراعه مع الطبيعه التي يعيش في كنفها . أنهم القوه المحركه لعجلة الحضاره . ربما يسأل سائل , ما هي العله بطرح هكذا موضوع. طبعاً السبب هو التزوير الذي دب في كل مفاصل حياتنا ,فقد أُنتحلت الكثير من الألقاب , وأسبغت الكثير من الصفات من غير وجه حق على أشخاص , جرياً وراء الشهره , وأكتساب الوجاهه المجانيه ,مما ساهم بخلط الأوراق , وما عاد يعُرف الغث من السمين , فضاعت المعايير , وفُقدت المقاييس . عند تتبعنا لحياة الكثير من المفكرين ,ترى أنتاجهم الفكري هو نتيجه لتأمل ومخاض لتفكير, لأيجاد حلول لمشاكل عانت منها مجتمعاتهم , فهم يدرسون واقعهم وينشغلون به , ويبذلون قصارى جهدهم من أجل تحسين واقع أوكسب منفعه أو دفع ضرر , فترى أكثر المجتمعات تقدماً وحيويه , هي تلك المجتمعات التي تزخر بوجود فئة المفكرين .كما ما يثير أهتمامي هي تلك الفئه التي حاولت أنتحال صفة المفكر ,عبر ما ينقله من أفكار, عمل على أستنساخها من مبدعيها الأصلين , وهي نتاج لواقع وظروف معينه , فركبوا الموجه , وبدأو بتهريب هذه الأفكار الى مجتمعاتنا على أنها أفكارهم , ومن صميم أبداعاتهم , ومن خالص مهجهم , أما المقلدون ،فهم كالسلع الصينيه التي تبدل أوراق منشأها وتكتب عليها (صنع في العراق) .
لو دققنا في طبيعة المفكر , لوجدناها طبيعه تأمليه , تتسم أفكاره بالترابط المنطقي , والأتساق في تسلسل أفكاره, ويتسم مشروعه بالوحده الفكريه , كما أنه ذو نموذج معرفي أو أعتقادي واحد , يستبطن رؤيه كونيه واحده , تربط كل حلقات تفكيره في سلسله رؤيويه واحده ومتسقه, ومتناغمه , أما الناقل للأفكار أو بالأحرى مستنسخها ,فهو لا يعدوا أكثر من حامل لها ,من مكان أنشاءها الى مكان أدعاءها , ولكن وبلا شك سوف تفضحه طبيعة ما ينقله من هذه الأفكار , والتي تتسم عادتاً بعدم الترابط , وما يتعريها من التفكك , فتراها باهته , ضبابيه , متناثره , فاقده لكل أتساق , وبالحقيقه هذا ما لمسته شخصياً في بعض كتابات الدكتور عبد الرحمن بدوي . لابأس بما يقوم به البعض من ترجمة أفكار يعتقد بصلاحيتها , وأهميتها لواقع وبيئة الناقل لها , ويتوسم بها مقدار من الواقعيه كبير , تساهم في التغير الأيجابي , ولكن المشكله عند البعض أنه مجرد ينقل لكتاب أخذوا مساحه كبيره من الشهره ,فيسقط الناقل في دائرة الأنبهار فينقل أفكاراً لا تزيد الواقع الا تشويشاً وفوضى , وهنا يمكننا أرجاع الكثير من الفوضى الثقافيه والفكريه , وما تحمله من تناقضات مزقت النسيج المجتمعي العراقي , وأثرت سلباً على نسيجه القيمي. هذا النوع من الناقلين (المستنسخين) تراهم يتصفون بالتبعيه , واللهث وراء كل ما هو جديد , من دون التأمل في مخرجاته , وما يصدر من تطبيقات سلبيه غير محسوبه لها . هذا اللون من الفوضى ساهم بشكل كبير في تمزيق هويه فكريه لمجتمع كانت أحد أسباب أستقراره وأنسجامه , فأنتجت شخصيات سايبي الأنتماء , متماهين مع الأخر لحد التلاشي مما ساهموا بصناعة شروخات بالنسيج القيمي والأجتماعي العراقي . هذا النوع من المثقفين الناقلين يدفعهم هاجس الأنبهار من جانب , وهاجس الشهره من الجانب الأخر . أنه التقليد الأعمى الغير مكترث بما ينقل , وهل هو من الغث أم من السمين , فهو كالمستورد لمعلبات الغذاء ,الذي يجهل ما تحتويه , وما تحتويه من قيمه غذائيه لعلها تحمل أمراض خطيره لمتناولها.
من الثابت أن المفكر الحقيقي يتميز بالأجتهاد وتعتريه نوبه من القلق قبل أن تفيض قريحته من أفكار عظيمه , في حين ترى الناقل لا يجهد نفسه , فالأول منهك القوى بسبب ما يبذله من جهد تتطلبه عمليات الفكر والتأمل , في حين ترى الأخر تنطبع على أساريره علامات الأسترخاء . المفكر عادتاً يكون صاحب مشروع حضاري ,في حين الناقل للفكر لا يشغله هكذا مشروع , فهو مشغول بنفسه عادتاً . كما أن المفكر يمتاز بعمق المضمون , أما الناقل أو المقلد فهو سطحي ولا يكلف نفسه الغوص في أعماق الأفكار . المفكر كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري (يحمل رؤيه وهويه وحلم , وأمل) , يهمه الحق وأكتشاف الحقيقه , أما المقلد فلا تهمه الا مصالحه الذاتيه لأنه يدور حول نفسه. فالمفكر يمتلك فكر وطريقة تفكير في حين يكون الناقل أو المقلد عمله تراكمي ,فقد يجمع الأفكار , وقد لا يجيد حتى ربطها مع بعضها ,فتنتهي عنده مفككة الأوصال ضبابية المعنى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيول دبي.. هل يقف الاحتباس الحراري وراءها؟| المسائية


.. ماذا لو استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟




.. إسرائيل- حماس: الدوحة تعيد تقييم وساطتها وتندد بإساءة واستغل


.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع العقوبات على إيران بما يشمل الم




.. حماس تعتزم إغلاق جناحها العسكري في حال أُقيمت دولة فلسطينية