الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رحابِ كونِ القرآن كلام الله...

حكمت حمزة

2020 / 5 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يغيب عن بال أحد من المطلعين على قضية الدين الإسلامي، اعتدادهم وافتخارهم بما يدعون أنه معجزتهم الخالدة، ألا وهو القرآن، المعروف بأنه كلام الله، الذي نزل على رسول الإسلام محمد، بواسطة جبريل ناقل الوحي. مع تقهقر الكثير من المدلسين ومدَّعي الاعجاز العددي والعلمي...الخ، تبقى قضية كون القرآن كلام الله، صامدة أكثر من غيرها، وقررت أن أتناولها في السطور التالية بشيء من التفصيل.
تبدأ الحكاية من الآية 59 من سورة الاسراء (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا). شرح الآية بالمختصر أن الله لم يرسل معجزات لمحمد رسو ل الإسلام، لأن الأقوام البائدة التي أرسل الله لها أنبياء، طلبوا من الأنبياء معجزات تثبت صحة ادعاءهم، فلما جاؤوهم بالمعجزات، ك>بوا بها ولم يصدقوها.
بناء على ذلك، قرر الله أن ينزل لمحمد، المعجزة الخالدة بلسان عربي، تلك التي لا يحدها زمان ولا مكان، وليست محصورة بعدد محدد من الناس يرونها أو يشاهدوها أو يتأثروا بها، ألا وهي القرآن، القرآن المعجز بلسان عربي، لا يمكن أن يؤتى بمثله، ولا يمكن لبشر أن ينافسه مهما بلغ من الفحولة الشعرية والأدبية، ويستحيل أن يكون من مصدر بشري، كيف لا وهو كلام الله المنزل على محمد. ولكن، هل فعلا هذا الكلام غير بشري ولا يمكن أن يؤتى بمثله؟ هذا ما سنبحث فيه فيما يلي
I. لا يمكن أن يكون القرآن كلام بشر:
هذه العبارة هي الأكثر تداولا على لسان الإخوة المسلمين، وهي أن هذا الكتاب يستحيل أن يكون كلام بشر، ونتوقف هنا لنناقش القضية بأبسط عقلية ممكنة: كيف أعرف أن هذا القرآن ليس كلاما بشريا؟ كل ما نملكه بين أيدينا الآن، من مؤلفات وكتب وقصائد ومسرحيات ونصوص، هي نتاج بشري بحت، ولا يوجد لدينا أي منتج نصي غير بشري يمكن المقارنة به، على سبيل المثال، يمكن من خلال النظر إلى قطعة معدنية مصنوعة بطريقة معينة، أن نعرف إذا كانت مصنوعة يدويا، أم أنها نتاج آلة خراطة المعادن، وبكل سهولة نستطيع الوصول إلى هذا الاستنتاج، لأن لدينا تصورا عما يمكن أن تنتجه اليد العاملة البشرية، وعما يمكن أن تنتجه الآلة، أي أننا نملك خلفية وأساسا نستطيع استخدامه في المقارنة للوصول إلى النتيجة، أما في حال القرآن، فنحن لا نملك على وجه هذه المعمورة إلا نتاج بشري، ولا نشاهد أو نتفحص يوما ما، نتاجا أدبيا غير بشري، نحن شاهدنا إبداعا أدبيا على يد بشر، مثل قصائد محمد مهدي الجواهري ونزار قباني، أبو الطيب المتنبي وجرير، شكسبير وبابلو نيرودا، وكلها أعمال أدبية رائعة ومتميزة ومتفردة، لكن لا يوجد لدينا أي منتج أدبي موثوق أنه غير بشري، وبالتالي لا يوجد لدين أي أسس أو قرائن نستطيع أن نحكم بواسطتها على منتوج ما، أنه بشري أو غير بشري.
II. لو افترضنا جدلا أن القرآن ليس كلام بشر:
دعونا نفترض جدلا أن هذا القرآن ليس كلام البشر، وأنه يستحيل أن يستطيع البشر انتاج شيء مماثل له، سيقفز لنا سؤال آخر أكثر أهمية، وهو أننا كيف نستطيع معرفة أن هذا القرآن، عائد بالمطلق والكامل، إلى الإله خالق الكون المدبر له والمسير لكل شيء فيه؟ هنا نحن أمام فجوة أكبر من أن نستطيع ردمها بسهولة ويسر، فإذا كان القرآن ليس كلام بشر، كيف أتأكد أنه إلهي المصدر؟ وإذا أخذنا المنظومة الدينية بكامل مفاهيمها ومفرداتها، ألا يمكن أن يكون هذا القرآن أيضا من كلام الجن وليس كلام الإله؟ فكما أننا لا نملك منتج أدبي إلهي، كذلك لا نملك منتج أدبي صادر عن معشر الجن، و لا شيء لدينا يمكن أن ينفي كون هذا القرآن هو كلامهم وليس كلام الإله، والتأكيد على أن هذا الكلام صادر عن إله، مجرد ادعاء لا يوجد أدنى دليل عليه، كما هو الحال في ادعاء أنه ليس كلام بشر.
III. بلاغة القرآن:
الادعاء ببلاغة القرآن، لا تحتاج إلى الكثير من الحديث والتفنيد، لأننا نشاهد في الكثير من المواضع، وجود حشو وتكرار لا معنى له، بالإضافة إلى العديد من الآيات عديمة المعنى والفائدة، ناهيك عن كثير فواتح السور التي حيرت الكثير من المسلمين، ولم يجدو ا لها تفسيرا مقنعا حتى هذه اللحظة.
IV. تحديات الاتيان بمثل القرآن:
لست أدري حتى هذه اللحظة ما معنى هذا التحدي وما الغاية منه، فإن كان المقصود تحديا نحويا، جميعنا عندما نكتب باللغة العربية، نرفع الفاعل وننصب المفعول به، المبتدأ والخبر مرفوعان ما لم تدخل على الجملة إن وأخوتها أو كان وأخواتها، والأفعال الموجودة في القرآن هي نفسها الأفعال المستخدمة لدى كل ناطق بالعربية.
أما إن كان من ناحية البلاغة والصور الأدبية والاستعارات، فهذا مما لا يمكن أن تقحم فيه المقارنة، لأن الجمالية الأدبية تحدد بميول الشخص القارئ لها، فلا يمكن أن تجزم بأن شعر المتنبي أفضل من شعر أبي نواس، أو أن الأعشى يسحر الناس بشعره أكثر من بشار بن برد، ناهيك عن موضوع خصوصية لغة القرآن بالعرب، فلا يمن لأحد أن عربي، أن يقول عن القرآن أنه أكثر روعة مما كتبه شكسبير، فلا مجال هنا للمقارنة أبدا.
وإذا تجاوزنا كل ما سبق، ونظرنا إلى تحدي القرآن للإتيان بمثله، بعودتنا إلى أخواننا من الجن، كيف نتأكد أنهم لم يأتوا بمثل القرآن؟ لعلهم أتوا بمثله أو ربما أفضل منه، ونحن ليس لدينا أي أخبار بهذا الخصوص!!
في النهاية، هذه القضية منتهية من الناحية العقلية، ودحض حجج الإخوة المسلمين بهذا الخصوص، لا يحتاج أكثر من هذه السطور، لأن أي محاولة لتقوية هذه الحجج واعطاءها دفعة للأمام، ستعيدنا بشكل أو بآخر إلى الاستدلال الدائري الذي لا ينتج شيئا سوى أنه عليك الايمان به كما جاء، هكذا، دون العقل ودون اعتراضاته واحتجاجه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مخطوطات صنعاء تطعن في صحة القرآن
مروان سعيد ( 2020 / 5 / 29 - 23:12 )
تحية للاستاذ حكمت حمزة وتحيتي للجميع
القرآن قد تغير وتحرف وتم تشكيله وليس بياني ولا واضح وهذا الاثبات
https://www.youtube.com/watch?v=NczK6ISbZbE&t=1011s
وسؤال لماذا حرق عثمان المصاحف الاولى اليس لاانه مختلف كل الاختلاف عن الذي كتبه
ولو كان في شبه قليل لماحرقهم واخفى اثرهم
ومودتي للجميع


2 - الاستاذ مروان سعيد
حكمت حمزة ( 2020 / 5 / 30 - 11:28 )
تحياتي استاذ مروان، وشكرا جزيلا على رابط الفيديو
الدلائل كثيرة على لفط وتحريف القرآن، خصوصا اننا في العالم لدينا أكثر من عشرين مصحف مختلف، وقراءات مختلفة
ورغم أن عثمان احرق المصاحف، إلا أننا لا نزال نواجه هذا الاختلاف، فتخيل لو لم يحرقهم، ماذا كان سيحدث!!
تحياتي

اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل