الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخوان وصياغة الرواية البديلة

محمد نبيل صابر

2020 / 5 / 30
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تعانى جماعة الاخوان فى مقرها الرئيسى -مصر- من خسارات متوالية فى الحاضنة الشعبية التى طالما وفرت لها قاعدة ارتكاز فى مواجهة أنظمة الحكم فى مصر منذ وفاة جمال عبد الناصر 1970، ووفرت لها أيضا مساحات للتفاوض مع انظمة السادات ومبارك، وخاصة فى عهد الاخير ، حيث ارتكز الاتفاق غير الرسمى بين مبارك والاخوان على التحرك بحرية فى مناطق تلك الحاضنة الشعبية عبر المساجد والجمعيات الخيرية فى مقابل التماهى مع الخيارات السياسية للنظام واتباع قواعد النظام فى المجال السياسى . كما كانت تلك الحاضنة الشعبية هى اماكن كمون الجماعة حين تتجاوز الدور المرسوم لها او ترغب فى استعراض القوة فيرد عليها النظام باستخدام اليد الثقيلة كما حدث فى قضايا سلسبيل وتنظيم النقابات وخلافه، فتتراجع الجماعة الى تلك الحاضنة حتى يتم عقد اتفاق جديد مع النظام وهكذا...
ولا يمكن نكران الأثر الكبير الذى خلفه الانتاج الدرامى الضخم "الاختيار" فى الموسم الدرامى الاهم "شهر رمضان" فى مصر ، والذى ادى الى تذكير جموع الطبقات الشعبية التى لا تنتمى ايدلوجيا الى الاخوان، او ما اصطلح على تسميتهم "حزب الكنبة" ممن بقوا على الحياد، بالمآسى التى عشناها منذ صعود الاخوان الى السلطة فى عام 2012 وحتى الآن عبر الصراع مع الجماعات الارهابية المختلفة وتضحيات الجيش والشرطة المصرية فى سيناء والصحراء الغربية وغيرها من المدن ، بل وحتى الضحايا من المدنيين للاعمال الارهابية المرتكبة داخل المدن.
ولقد تسبب ذلك الأثر وارتباط مختلف الطبقات فى مصر والعالم العربى وخاصة الاجيال الصغيرة التى لم تعاصر تلك الاحداث، الى اضطراب ردود فعل جماعة الاخوان، فتراوحت تلك الردود من السخرية من العمل الفنى ذاته ، وابطاله ، الى مهاجمة رعاية الشئؤن المعنوية بوزارة الدفاع المصرية للعمل ، الى الدفاع عن الارهابى هشام عشماوى .. الى البدء فى صناعة الرواية البديلة للاحداث
يخبرنا تاريخ الجماعة الى تعرضها الى ضربة عنيفة كادت ان تودى بها تماما سواء على المستوى التنظيمى او على مستوى الحاضنة الشعبية فى الستينات ، فى اطار صراع الجماعة مع جمال عبد الناصر، فمن جهة كانت كاريزما عبد الناصر بلا منافس تقريبا فى الجماعة وخارجها وعلى امتداد الوطن العربى باكمله، مدعوما بمشروع اجتماعى وثقافى وسياسى واقتصادى يزيد من قبوله لدى الجمهور العربى ، واصلاحات اقتصادية واجتماعية سريعة فى مصر ادت نمو الطبقة الوسطى فى مناخ فكرى الغى تأثير الجماعة فى الطبقات الفقيرة عبر جمعياتها الخيرية، الى جانب جنوح الجماعة فى ذلك الوقت الى تبنى خطاب سيد قطب عن الحاكمية وتكفير المجتمع ككل والعزلة الشعورية ، بجانب قبضة امنية وارادة دولة فى سحق الجماعة - وهذا ما لايمكن نكرانه- ادت الى اختفاء الجماعة منذ النصف الثانى لعقد الستينات ، حتى الخروج من السجن فى عهد السادات.
ومع استعادة نشاط الجماعة برعاية نظام السادات فى محاولة ضرب التيارات اليسارية وتوفير الدعم المادى والمعنوى من داخل وخارج مصر، لجأت الجماعة الى خلق رواية بديلة عن احداث الخمسينات والستينات توجهت بها اولا الى من تبقى من اعضاءها الخارجين من السجون بعد سنين طوال، ثم الى الطبقات الشعبية المتساءلة فى وعيها الجمعى عن كيف اختفوا؟، وكيف عادوا؟.!!!.لماذا حاربتهم الدولة فى عهد عبد الناصر؟ ثم سمحت لهم بحرية الحركة ووفرت لهم الدعم فى عهد السادات؟...
بدأ خلق الرواية البديلة عبر الدفاع عن سيد قطب بدءا من ان مقولاته تم تفسيرها بشكل خاطئ، وانتهاءا بكونه مناضل وفقيه من اجل الحرية والديمقراطية، حيث علت الانتقائية فتم اهالة التراب على دور سيد قطب فى تأييد اعدام خميس والبقرى فى احداث المحلة وخلافه، والتركيز على صناعة رواية بديلة عن معاداة ناصر له خوفا من شعبيته فى مصر والوطن العربى. وصاحب ذلك تأليف العديد من الروايات عن التعذيب المخصوص لافراد جماعة الاخوانن وتعذيب قرى اخوانية بكاملها - مع ملاحظة اننا لا ننكر حدوث تجاوزات التعذيب المثبتة، وانما ننكر المبالغات فى القصص الاخانية- وأشهر تلك القصص روايات زينب الغزالى عن الكلاب المتوحشة التى تدخل زنزانتها فتطيعها،و أوامر عبد الناصر المتكررة فى مذكراتها بالجلد والاغتصاب لها شخصيا بالاسم ، وإغراق في الماء، وتعليق وصلب على الجدران، ورغم الأوامر الصريحة باغتصابها، يفشل الجنود في ذلك، فأحدهم يتوب على يديها، والآخر تقتله بأظافرها- بعد كل هذا التعذيب!!!!-
ولم ينس الاخوان ثأرهم مع عبد الناصر حتى بعد وفاته، وحتى بعد وصولهم الى سدة الحكم بعد وفاته بأكثر من 40 عام، حيث قال مرسى لاتباعه فى خطاب احتفاله بالنصر" الستينات وما اداراك ما الستينات؟".. ولقد احسن الاخوان استغلال وسائل التواصل الاجتماعى فى استمرار ذكر تلك الورايات البديلة، حيث الاصرار على اجتزاء مذكرات شخصية لافراد يحملوا عداوة واضحة لعبد الناصر، واتهامه بكل الموبقات حتى التى فشل فيها جهاز المخابرات الامريكى، بل وصناعة تاريخ بديل والترحم على ايام النظام الملكى، مستغلين حالة التجهيل التى مارسها نظام مبارك، واتباعه لخطى السادات بالضغط على الحركات اليسارية وخاصة فى اواخر عهده حيث الاتجاه يمينا وبشدة برعاية لجنة السياسات برئاسة جمال مبارك
ورغم التشابه بين المرحلة الحالية فى تاريخ الاخوان ومرحلة الخمسينات والستينات، الا ان توافر الوسائل المعرفية من انترنت ووسائل تواصل اجتماعى وقنوات فضائية، فتح مجال اوسع لصناعة الرواية البديلة من الآن .. فبدءا من مقال عضو هيئة الدفاع عن الشرعية ، السلفى فى مدونات شبكة الجزيرة دفاعا عن هشام عشماوى، واعتباره رائد المقاومة المسلحة ضد ما يدعى انه " تجاوزات الجيش فى سيناء"، ورفضه التحالف مع اسرائيل - وذلك رغم ترك هشام للجيش فى عهد حكم الاخوان- ، الى تسجيلات قنواتهم ونشطائهم دفاعا عن هشام وخاصة فى موقع تويتر ، باعتباره تم تلفيق تهم عديدة له، وانه برغم اعترافه بجرائم عديدة ، الا انه لم يكن يستحق الاعدام ، لانه كان يهدف الى استرداد الثورة والديمقراطية
ليس المستهدف جيلنا الحالى، بل خلق قاعدة بيانات مرئية ومكتوبة ليتم عرضها على الاجيال القادمة باعتبارها اراء كان يتم قمعها بينما هى تحمل حقائق. الغرض صناعة رواية بديلة تستهدف عقول الاجيال القادمة كما استهدفت رواية الستينات البديلة عقول جيلنا الحالى.

ويبقى السؤال: هل هناك ارادة حقيقية لمواجهة تلك الرواية البديلة ؟..
قانونا: تمتلك مصر ترسانة من القوانين منها قانون مكافحة الارهاب رفم 94 لسنة 2015 وخاصة المواد 28 و 29 "يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين كل من روج أو أعد للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى. ويُعد من قبيل الترويج غير المباشر، الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف. وذلك بأي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة من هذه المادة. وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنين، إذا كان الترويج داخل دور العبادة، أو بين أفراد القوات المسلحة، أو قوات الشرطة، أو في الأماكن الخاصة بهذه القوات. ويُعاقب بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية استعملت أو أعدت للاستعمال، ولو بصفة وقتية، بقصد طبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر."
كما انه هناك قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية رقم 175 لسنة 2018 المادة (34) : إذا وقعت أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بغرض الاخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الاضرار بالأمن القومى للبلاد أو بمركزها الاقتصادى أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها، أو تعطيل احكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الاضرار بالوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى تكون العقوبة السجن المشدد.
تلك الترسانة من القوانين وغيرها، ينقصها التطبيق الحازم بالسلطة الحازمة لوأد تلك القصص البديلة فى مهدها، لازال هناك الاف الحسابات التى تروج للارهاب وتحتفل بجرائمه من اناس داخل مصر وليسوا خارجها، بلا رادع او حساب رغم كل تلك الترسانة
كما لا يزال ينقصنا مشروع متكامل لمواجهة افكار وايدلوجيا ذلك التيار من الاساس، حيث اننا نعالج العرض ونتجاوز عن المرض
والا اجد الا روشتة الشهيد فرج فودة الشهيرة : " سائرون خلفاً، الحاملون سيفاً، المتكبرون صلفاً، المتحدثون خرفاً، القارئون حرفاً، التاركون حرفاً، المتسربلون بجلد الشياه، الأسود إن غاب الرعاة، الساعون إن أزفت الآزفة للنجاة، الهائمون في كل واد، المقتحمون في مواجهة الارتداد، المنكسرون المرتكسون في ظل الاستعداد، الخارجون على القوانين المرعية، لا يردعهم إلا توعية الرعية، ولا يعيدهم إلى مكانهم إلا سيف الشرعية، ولا يحمينا منهم إلا حزم السلطة وسلطة الحزم، لا يغني عن ذلك حوار أو كلام، وإلا فقل على مصر السلام.”

توعية الرعية، سيف الشرعية، حزم السلطة وسلطة الحزم

الا هل بلغت اللهم فاشهد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا