الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيوية المواطنة

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2020 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


فى اعقاب ثورة يناير 2011 التى اندلعت ضد حسنى مبارك ومشروع التوريث ، اى منذ تسع سنوات تقريبا كان الوضع مثاليا لاقصى درجة فى ميدان التحرير ، كنت ترى المسيحى بجانب المسلم ، اليسارى بجوار اليمينى ، المحجبة بجوار المنتقبة ، بجوار السافرة ، الكبير بجوارالصغير ، الشاب والرجل والكهل كلا معا ، كل طوائف الشعب تقريبا كانت ممثلة فى هذا الميدان
لم يكن احد يعرف هوية احد او توجهاته الحقيقية فقط كان الميدان ملتقى لجميع طوائف الشعب ، اتفق الجميع على ضرورة تنحى مبارك وحقنا نحن المصريين فى حياة حرة كريمة
من ابدع الهتاف الذى كان يرج الميدان و يقول عيش حرية عدالة اجتماعية ، لا احد يعرف ، كانت المنصات تملا الميدان ويخطب عليه قواد الثورة وقد تشرفت باننى خطبت على احدها ، وانتهت الثورة نهاية درامية باعلان اللواء عمر سليمان تنحى مبارك عن السلطة وتسليمها للمجلس العسكرى ، وانتقلت الفرحة العارمة الى كل انحاء ميدان التحرير بل فى كل ارجاء مصر ، مدنها وقراها
شعرنا جميعا اننا مواطنين احرار ، وان ما حدث هو بارادة هؤلاء الملايين من المواطنين ، وظهرت حيوية المواطنة ، وبدأ الجميع ينظف الميدان واعادته الى حالته الاولى ، وتشارك الجميع فى نظافته وكنس الشوارع ودهان الارصفة ، فى كل انحاء مصر
كانت تجربة الثورة حدثا تحدث عنه العالم بفخر ، شعرنا نحن المصريين بزهو ، ورغم انها فرحة ما تمت اخدها الغراب وطار، الا ان طعمها الرائع مازال فى قلوبنا وارواحنا ، ومازال شعور حيوية المواطنة يملاء جوانحنا وان انطفاء على الارض
لقد عايشت انا شخصيا بعضا من احداث هذه الثورة العظيمة وقضيت اكثر من ليلة فى ميدان التحرير ونسيت عباءتى التى كنت اتدثر بها ، فى كوخ من الاكواخ العديدة التى تم نصبها فى الميدان
لانسى احد الايام وكنا فى ميدان التحرير عندما اتانى احدهم ليلا بزجاجة مملوء ماء يميل الى الصفرة لاشربها مع سندوتش به قطعة من اللحم المسلوق قلت له ما هذا ، قال لى ضاحكا انها مرقة اللحم دى لذيذة ، قلت له ساخرا ، اشرب مرقة من محطوطة فى زجاجة بيبيسى ، تحدانى قائلا بس دوق ، واشهد انها كانت اروع طعم مرقة ذقته فى حياتى،كان الزميل هو محمود مشالى حزب مصر الفين وقتها
عدت الى مدينتى زفتى لانقل لمواطنى فكرة تنظيف الشوارع من الاتربة ودهان الارصفة ، وكانت المفاجأة المذهلة لقد انتقلت اليهم حيوية المواطنة ووجدتهم قد قسموا المدينة الصغيرة الى احياء وبدأوا بالفعل فى الدهان وازالة الاتربة بادوات نظيفة بدائية من مقشات وادوات دهان وسكاكين المعجون ، والاكيد ان الالوان المستخدمة لدهان الحوائط والارصفة غير مخصصة للامان المفتوحة لتاثرها السريع بالشمس، ولكنها الرغبة فى تغيير الواقع
لم يكن هناك احد يقف امام حيوية المواطنة المتدفقة وامام الرغبة العارمة للنظافة والنظام ، التى يريدون ان تعم ارجاء المدينة ، وساهم من لا يعمل بيده بمقشة جديدة وجالون الوان وغير ذلك وانتشرت شعارات لا للرشوة ، لا للفساد
ترى كيف تسربت من بين ايدى مواطنينا حيوية المواطنة المتدفقة هذه
كنا نرتب فى مدينتا الصغيرة زفتى انا ومجموعة من الاخوة من تيارات سياسية لم يكن من بينها الاخوان كيف يمكن ان نقوم بمظاهرة دعما لمظاهرات القاهرة والمدن الاخرى للضغط على مبارك للرحيل واشار صديقى القديم يرحمه الله ، عبد الغفار الصابر عضو حزب التجمع الى ان نقوم بالمظاهرة انطلاقا من الجامع الكبير بعد صلاة الجمعة
وتجمعنا فى الجامع الكبير فى زفتى ، وعقب الصلاة فوجئت بشاب يشعل المظاهرة خارجا من الجامع بعد الصلاة ، صائحا الشعب يريد رحيل النظام، رافعا بيده علم مصر ولم ندرى بانفسنا الا وقد انضمت الينا الالاف وسرنا فى شوارع المدينة مطالبين برحيل النظام
وانضمت مظاهرة للاخوان لنا على استحياء مستغلين الزخم الذى كان يحيط بنا وكانت تلك بداية استيلاء الاخوان على الثورة ، ولم نلقى بالا للامر، وربما لم نعى خطورته او بالاحرى كنا نعتقد انهم جزء منا ، وليس لهم مشروعهم الخاص ، المهم تفرقنا بعد انتهاء المظاهرة متوقعين الاسوء ولكن مرت الايام وظلت المظاهرات وظل ميدان التحرير مشتعلا الى ان تنحى مبارك
واشرقت فينا حيوية المواطنة ، ترى هل تشرق مرة اخرى ؟ لو قلت لاى مواطن بعد تنحى مبارك اقذف نفسك فى النهر لقذف ، كان كل مواطن منا يعتبر ان البلد بيته الذى يجب ان يحافظ علية ، وليس مواطنا لانه ولد على ارض هذه البلاد ، كان شعور العزة والفخر وحيوية المواطنة هو الذى يملاء نفوسنا ، الى الى انطفات قليلا قليلا وبقيت مجرد مواطنة بلا حيوية ، متمثلة قول الشاعر
بلادى وان جارت على عزيزة واهلى وان ضنوا على كرام
لن تخطوا بلادنا خطوات جبارة الى الامام فى العلم فى الاقتصاد الا اذا عادت الينا حيوية المواطنة ، المواطنة وحدها لا تكفى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي