الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلمي بأشلاء من جسدي المقطع

لينا كنجي

2020 / 5 / 31
الادب والفن


في صباح يوم الأربعاء الساعة الرابعة فجراً.. قصفت احدى الطائرات حي سكني وتواجدي.. يقول الطفل الصغير: استيقظت على صوت طائرة تحوم حول منزلنا فرحت للصوت كثيراً وقلت محدثا نفسي.. اخيراً سوف أرى الطائرة بأم عيني.. خرجت مسرعاً لسطح المنزل، لوحت بيدي الطرية للطائرة بنشوة وأخذت اصيح انا هنا انا هنا..
فجأة صدر منها صوتاً مرعباً لا يتناسب مع لعب الأطفال وبراءتهم.. شعلات بالرعب واهتز جسدي بقوة.. بعدها لم اعرف ما الذي حدث لي.
عندما وعيت رأيت نفسي مركونة بين كومة من الاحجار الضخمة.. حاولت الخروج لم أجد يدي ولم اعثر على اصابعي كي اتشبث بها لأنهض كما كنت افعل دائما.. نظرت لقدمي لم اجدها هي الأخرى.. أما أذني والحلقة التي كنت اتزين بها فشاهدتها على بعد أمتار من نظري بين صخرتين داميتين..
قلت محدثا نفسي قد يكون هذا حلما قرأته تفاصيله في نص ممزق لكاتب ثمل مجهول قرر تمزيق جسد قصة لم يقتنع بها فمزق الورقة التي كتبها في لحظة اشمئزاز وغضب.. بدأت بالصراخ مستنجدة.. يا أميّ اشعر بالخوف.. أنى فقدت لأجزاء من جسدي.. ساعديني كي اخرج من بين الركام.. سمعت صوتاً مخنوقاً يجيبني بكلمات متقطعة لم افهم منها شيئاً..
عاودت الصراخ طالباً النجدة منها.. لكن صوت الاطفال ونحيبهم طغى على سمعي وانساني محنتي في تلك اللحظات الصعبة.. صبرت على آلامي حل الصباح.. قدم أوائل الاحياء لرؤية ما حل في المكان!! وبعد ضجة وفوضى تجمع تداخلت فيه الأصوات.. تم حمل اجسادنا الممزقة.. اخذوها لمكان مجهول لم أدركه.. أخذوا برمي التراب علينا.. شعرت بالاختناق.. أكره لحظات دفن الموتى.. ولم أحب الظلمة..
منذ ان وعيت على نفسي كنت اريد النوم الى جانب والديّ.. اين هم الآن بدأت بالصراخ بصوت اعلى. انا لا أرى أحدا منكم.. اين والدي.. أين أمي.. لكن صراخ الارواح المرعوبة طغى على صوتي.. مازالوا يجهلون ماذا حدث لنا..
بعد اسبوع من دفني في مكان غريب عن والديّ لم اعد اريد شيئاً سوى ان تتجمع قطع جسدي من جديد.. ما زلت اشعر بالنقص.. لم يجدوا سوى قدمي المبتورة، وبعد يومين من دفني رموا أصبعي الصغير؟ قالوا:
هناك طفلة كانت تلعب في مكان موتي رأت اصبعاً واصيبت بالذعر الشديد.. لا املك سوى رأس مكون من اذن واحدة وعين واحدة وانف مشوه وفك طائر وأصبع وقدم.. اما بقية أجزاء جسدي الآخر فلا اعرف اين دفنت.. أو مع اي عائلة رقدت.. اتمنى ان تكون ذراعي مدفونة بين والديّ.. كلما اشعر بالرعب يمسكون بيدي ليعاضدوني في محنتي..
بعد مرور أيام.. حينما أدركت الامر.. واستعدت شكل الطائرات المحلقة في الاجواء.. قلت انها نفس الطائرة التي لوحت لها بذراعي.. وايقنت انها كانت السبب ببترها.. تذكرت العام الثامن من عمري حينما مسكت اصابعي خيط أول طائرة ورقية لعبت بها مع اخوتي.. وحلمي ان أصبح طياراً أملك طائرة اقودها لألوح للأطفال الصغار من أبناء حارتي.. ما الذي حدث في تلك الساعة؟!
هل قتلني حلمي؟ أم قتلتني تلك الطائرة المغيرة؟
كل اعرفه انها لم تكن لعبة أطفال فالطيار الذي حلق فوقنا بطائرته لم يكن يمزح معنا..

ــــــــــــــــــــــــ
30/5/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نص ادبي قصصي محبوك بشكل رائع
كفاح جمعة كنجي ( 2020 / 5 / 31 - 16:34 )

جميل هذا النص القصصي لينا محبوك بشكل رائع كانك انت بنفسك من اصابتك تلك الطائرة اللعينة ..تصوير دقيق جعلتينا نعيش الحدث لحظة بلحظة ليت كل الطائرات الحربية تتحول للعب للاطفال

اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا