الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوش وترامب والكتاب المقدس...

عبد السلام الزغيبي

2020 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


قلم/ عبد السلام الزغيبي

اللجوء إلى الكتب المقدسة فى وقت الأزمات سياسة قديمة يعرفها التاريخ جيدا، عند رؤية هذا المشهد يقفز إلى الذهن مشهد لا ينسى فى التاريخ الإسلامى يعرف باسم "واقعة التحكيم" وذلك عندما رفع جيش معاوية بن أبى سفيان المصاحف ووضعوها على أسنة الرماح فى وجه الخليفة الإمام على بن أبى طالب فى عام 37 هجرية بعد معركة "صفين" التى جمعت بين الفريقين، ويقال راح ضحيتها نحو 70 ألفا من المسلمين.

وذهبت بعض كتب التراث منها "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير إلى أن "واقعة التحكيم" فكرة سياسة خاصة كان وراءها "عمرو بن العاص" وكان يمثل "معاوية بن أبى سفيان" وقد خدع "عمرو" الصحابى "أبا موسى الأشعرى" ممثل "الإمام على بن أبى طالب".

ومؤخرا فعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء الماضي،فقد ترجل بصحبة حراسته الخاصة خارج البيت الأبيض عقب إلقاء كلمة نارية هدد فيها بنشر الجيش الأمريكي لوقف أعمال الشغب في الشوارع.

ورصدت كاميرات وكالات الأنباء ترامب وهو يترجل محاطا بمساعديه والحرس الرئاسي في ساحة خارج البيت الأبيض،مارا بعدد من المحتجين المتجمعين أمام البيت حتى خرج إلى شارع رئيسي محيط بالبيت الأبيض،و وقف وحيدا على قارعة الطريق أمام الكنيسة المجاورة للبيت الأبيض ورفع الكتاب المقدس قائلا أن بلاده ستكون أعظم.

هذا التصرف من رئيس أمريكي، لم يكن الاول، فقد سبقه الى هذا الرئيس الامريكي جورج بوش الذي كتبت الصحافة الأميركية الكثير عن الخلفية الدينية والاعتقادات الدينية التي كانت تدفعه إلى سلوكه السياسي والعسكري . وكيف ركب بوش موجة الأصولية البروتستانتية الصاعدة، وهو أحد أبنائها، ليقود أميركا في مغامرات يطغى فيها الحماس الديني على البصيرة السياسية.

وقد ادرك العديد من الأميركيين المخاطر المترتبة على سياسات الرئيس بوش التي تأطرها رؤية دينية متحمسة، دون اعتبار للمصالح البعيدة المدى للأمة الأميركية، أولمطالب الضمائر الإنسانية في كل مكان.

لكن كيف تحول بوش من مدمن على الخمر إلى الأصولية المسيحية؟

الرجل الذي الذي أثر في حياة بوش الدينية هو القسيس "بيل غراهام" الذي قال عنه بوش "إنه الرجل الذي قادني إلى الرب". و"غراهام" هو أبرز وجوه اليمين المسيحي الصهيوني في أميركا.. وقد سمع العرب والمسلمون عن "غراهام" وابنه "فرانكلين" بسبب تهجماتهما على الإسلام ووصفه بشتى الأوصاف المشينة".

وقد ذكر بوش في حملة الانتخابات الرئاسية حينئذاك أنه يبدأ حياته كل يوم بقراءة في الإنجيل، أو على الأصح في "الكتاب المقدس" الذي يشمل الإنجيل والتوراة العبرانية. ومن كتبه المفضلة التي يقرؤها يوميا في البيت الأبيض –طبقا لنيوزويك– كتاب للقسيس "أوزوالد شامبرز" الذي مات في مصر عام 1917 وهو يعظ الجنود البريطانيين والأستراليين هناك بالزحف على القدس وانتزاعها من المسلمين.

لكن ما يهمنا هنا أكثر هو التعبير السياسي لهذه الخلفية الدينية. وفي هذا السياق تحسن الإشارة إلى أن امتزاج الدين والسياسة في شخصية الرئيس بوش لم يسفر عن وجهه إلا في العام 1988، حينما بدأ بوش المشاركة في حملة أبيه الانتخابية الرئاسية، وقد أوكل إليه أبوه تولي ملف العلاقات بالقسس والوعاظ المسيحيين وتعبئتهم للتوصيت له. فكانت هذه أول مرة اكتشف فيها بوش الشاب القوة الدينية اليمينية الصاعدة، خصوصا في الجنوب الأمريكي. وكانت فراسة بوش في أولئك اليمينيين المسيحيين فراسة صائبة، فقد سيطرت تلك المجموعات فيما بعد على الحزب الجمهوري، وتحولت إلى قوة سياسية ضاربة، استفاد منها بوش في تقلد منصب حاكم ولاية تكساس، ثم في انتخابه رئيسا فيما بعد.

فيما يخص الرئيس الامريكي الحالي ترامب نحن لا نعرف له أية خلفية دينية، كل ما نعرفه أنه تاجر شاطر يحسب خطواته بدقة، لكن خطوته الاخيرة لقت معارضة من أسقف واشنطن العاصمة، الذي نقلت وسائل إعلام أمريكية عنه انتقاده لما وصفه باستخدام ترامب للكنيسة " كأداة للتمثيل"، كما علق المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، جو بايدن، على تصرف ترامب وشن عليه هجوما ، معبرا عن أمله بأن يكون الأخير قد فتح الإنجيل وتعلم منه محبة الآخرين.

وقال بايدن في كلمته: "عندما يتم فض احتجاجات قرب بيت الشعب، البيت الأبيض، باستخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الضوئية كي يقوم الرئيس بالتقاط بعض الصور في واحدة من الكنائس التاريخية في البلاد، يمكن مسامحتنا إذا قلنا إن الرئيس مهتم بالقوة أكثر من المبدأ".

وأضاف المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية قائلا عن ترامب: "يهتم بخدمة مصالح قاعدته الشعبية أكثر من رعيته، وهذا الهدف من الرئاسة، واجب الرعاية تجاه الجميع وليس فقط تجاه من يصوت لنا".

تصرف ترامب هنا تصرف شخص انتهازي وضيع، أراد انتهاز الفرصة لكسب اصوات اليمين المسيحي الصهيوني في الانتخابات القادمة، وهي انتهازية تعود عليها ترامب- التاجر- حتى قبل أن يصبح رئيسا لامريكا، فقد أنتهز فرصة زيارة القذافي للامم المتحدة وأستغلها احسن استغلال وتباهي بذلك في مقابلة تلفزيونية معه بالقول بأنه الشخص "الوحيد" الذي نجح في الحصول على مبلغ مالي ضخم من الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي.

وأضاف: "لا تنسوا. أنا الوحيد فقط. جنيت مالا كثيرا من القذافي إذا ما تتذكرون. جاء إلى البلاد وكان عليه إبرام صفقة معي لأنه كان بحاجة إلى مكان للإقامة".

وأردف قائلا إن العقيد الليبي "دفع لي ثروة. ولم يقم هناك. وأصبح الأمر مزحة كبيرة"، في إشارة إلى استئجار السلطات الليبية أرض تابعة لترامب في ضواحي نيويورك، بغية نصب خيمة القذافي عام 2009.

وكانت الحكومة الليبية أيام القذافي قد عقدت صفقة لنصب الخيمة الشهيرة في مزرعة سفن سبرينغس التي تعود ملكيتها لترامب، وتقع في ضاحية بدفورد في نيويورك، إلا أن القذافي لم يقم بالخيمة.


بعض الاراء تقول، أن الخلط لا يجوز بين الدين والسياسة... وأن الإنجيل، الذي رفعه ترامب، أعلنها بكل شفافية ووضوح : "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " ..فالإنجيل ذاته ينادي بفصل الدين عن الدولة وذلك حجر الأساس في الليبرالية كلها... بل حجر الأساس في الدولة الإنسانية كلها."

لكن على أرض الواقع، دائما كان هناك زواج مصلحة بين رجال السياسة ورجال الدين، المستفيد منه الطرفين والخاسر هم عامة الشعب...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بوش وترامب والكتاب المقدس (نظرية المؤامرة)
بولس اسحق ( 2020 / 6 / 3 - 21:58 )
{و-غراهام- هو أبرز وجوه اليمين المسيحي الصهيوني في أميركا.. وقد سمع العرب والمسلمون عن -غراهام- وابنه -فرانكلين- بسبب تهجماتهما على الإسلام ووصفه بشتى الأوصاف المشينة-}.. يا ما شاء الله .. هو كل من ينتقد الإسلام دين المحبة والتسامح وحقوق الانسان والارهاب في الوقت نفسه هو متصهين ونظرية المؤامرة، من وجهة نظر بعض فطاحل الذكاء.. ولكن هل تهجماتهما على الإسلام ووصفة بشتى الاوصاف المشينة جاءت من فراغ ام من الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار، ثم هل سمعت ما قاله عندما رفع الانجيل امام الكنيسة التي تعرضت للتخريب من قبل اللصوص والـ Homeless وقال بان أمريكا ستكون اعظم وان موت جورج فلويد ((لن يذهب هباء))، لكن الاحتجاجات السلمية ينبغي ان لا يفسدها العنف وتخريب وسرقات، وهو بمثابة قسم كما اقسم على الانجيل يوم توليه المنصب، فهل هناك ما يعاب في كلامة ام انها نظرية المؤامرة.. ثم هل طالعت او استمعت لأي تحليل لماذا رفع ترامب الانجيل.. وهذا شيء محال وانما استمعت لهلاوس قنوات العربان وخطب الجمعة.. والعجب انه في بلدانكم المؤمنة يقتل يوميا على الأقل 1000 انسان ولم نسمع لا صوت ولا خبر ولا حتى استنكار!!


2 - بولس اسحق
Zaki Yousif ( 2020 / 6 / 4 - 07:41 )
بولس اسحق انت يجب ان تعيش في بلد تحكمه الشريعه المحمديه كي تتمتع بهذه الشريعه

اخر الافلام

.. الهجوم الإيراني على إسرائيل.. هل يغير الشرق الأوسط؟| المسائي


.. وزارة الصحة في قطاع غزة تحصي 33797 قتيلا فلسطينيا منذ بدء ال




.. سلطنة عمان.. غرق طلاب بسبب السيول يثير موجة من الغضب


.. مقتل شابين فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغر




.. أستراليا: صور من الاعتداء -الإرهابي- بسكين خلال قداس في كنيس