الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولكن شُبّه لهم

علاء داوود

2020 / 6 / 4
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


بأي اللغات يجدر بنا البدء بقائمة الإعتذارات ؟!، لن نجد نصا ً أو كومة ً من الكلمات يُمكنها فعل ذلك
لا شيء يمكنه تحمّل هذه الجائحة العنصرية بعد عشرين سنة وألفين منها، كيف يُمكن البدء ؟!
وفي أي بيئة ٍ سنستطيع فعل ذلك ؟!.

علينا الإعتذار من أسماك القرش لأننا وصفناها ذات يوم ٍ بالقاتلة، فما ادعت يوما ً أنها تخضع لأي ٍ من قوانيننا ــ الإنسانية جدا ً ــ المعاصرة ، ولم يكن من حقنا إلقاء السِمات تجاهها، وعلينا أن نقِف مطأطئين أمام أنياب الأفعى السامة فما أقدمت منذ خُلقت على فعل ٍ يُخالف سجيتها، والى ثقوب الكون السوداء نبتهِل ونعتذر عن تسميتها بالقوة التدميرية فليست تُمارس إلا ما خُلِقت لتفعل، والى كل الطيور الجارحة عُذرا ً فكُلها أكثر إنسانية ً مِنا نحن البشر إن جاز لنا التعبير.

المؤلم حقا ً هو أن تتكاثف كل أمنيات الحياة لتتجسد في طلب ٍ ضعيف الصوت بمرور الهواء عبر فم ٍ سيموت بعد لحظات، لماذا ؟!، هل مارسَ الطُغيان ؟!، هل قاتَلَ الأديان ؟!، هل هدمَ الجبال وجففَ وديان الأرض ؟!، لم يفعل، بل ورث من أديم الأرض لونا ً بغير طواعية، جورج فلويد سُرقت منه الحياة لأنها لا تليق بلونه الأسود !!، لم تنتظر ركبة القاتل حبلا ً لمشنقة ٍ بل نفذت قذارتها قبل إصدار الأحكام، سُلِبت منه أنفاسه لأنه ما ملك إلا القليل منها والكثير من اللون الأسود، الذي لا يليق بمملكة دونالد العنصرية، لم يمتلِك جورج فلويد لحظتين ليأخذ نفسا ً ليحيا.

سيتحتم علينا أيضا ً الإعتذار بالنيابة عن كل شعوب الأرض الى الفيروس الطيب كورونا
فقد مارس حربه النظيفة والعادلة دون استثناء أو تمييز، لم يأبه للقوة، لم يدقق في الجنسيات
لم يختر الفقراء دون غيرهم، لم ينظر الى انعكاسات ألواننا، فما أهمية الألوان إن كانت لن تحمينا من سيوف فاقدي البصيرة، فكُنت حَكما ً عدلا ً إذ جئتنا كأنك اليقين كأنك الميزان، جئتنا لامعا ً كالسيف.

ستعيش شعوب الأرض ذات يوم ٍ ربما بعد ألف ٍ أخرى من السنوات العِجاف حياتها الخالية من الظلم والظلمات، وسيمحو التاريخ القادم ظلام العنصرية اللونية والكونية، ولن يجرؤ وقتئذ ٍ أي فاقد ٍ للعقل على لفظ ٍ عنصري كريه، وسيكون ما نحياه اليوم تاريخا ً أسودا ً فيه ما فيه من احتلال ٍ ونكبات ٍ وفقر ٍ وطغيان ٍ ونكسات ٍ وهوان عشقا ً للجاهلية وأرباب القتل.

أما دعاة الصمت فلن تهنأ مسامعهم بصوت العصافير ما دام الرصاص يخترق القلوب، وعجرفة القتلة كذلك لن تحيا في عروشها العاجية دون حصحصة الحق على يد الطامحين له، الذين وإن لم يتمكنوا من الفوز بالعدل المُبين فليس أمامهم على الأقل من خلال قبضاتهم وصرخاتهم إلا خسارة الظلم.

إن هذه الجريمة ليست إلا رقما ً في قائمة الجرائم، ليست أعظمها وقطعا ً ليست آخرها، بل هي لبِنة ً في صرح الظلم الذي سيتعاظم حُكما ً الى أن يزول ردما ً، وستأتي أمواج الغضب لتمحو عن جبين هذه الأرض عارها ، وأن شمعة النور ستُفسِد على ظلام الليل سطوته المتعجرفة، فما دامت هناك طريقا ً للحق سيسلكه الثائرين حتما ً ذات يوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب


.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا




.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل


.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك




.. خارجية الأردن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على تصريحات تش