الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مابعد الشعبوية .. الأمريكيون يقتربون أكثر من المسار الجديد للثورات

محمد رؤوف حامد

2020 / 6 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


عندما يخطب متظاهر أمريكى فى جموع المتظاهرين (بعد مقتل جورج فلويد) قائلا: أنا لست ضد الشرطة .. وإنما ضد النظام الذى قد صنع هذه الشرطة, فإن أمر هذه التظاهرات يستحق إنتباه غير عادى. إنها علامة على تحول فى مزاج الشارع السياسى الأمريكى من "الشعبوية", والتى كانت مقصدا رئيسيا لتغريدات وخطب وتوجهات الرئيس ترامب (بما تتضمنه من إلهاب للحماس وإثارة للمشاعر, ومعاداة للفكر), الى مايمكن اعتباره "المسار الجديد للثورات- ثورة المفكرين", والذى كنا قد طرحناه منذ سنوات ( فى موقع الحوار المتمدن- 2 فبراير2013/ العدد 3991, و نُشر بعدها فى مجلة أدب ونقد/ عدد أغسطس 2013).

هنا يستحق الأمر الإشارة الى الحديث الذى وجهه الرئيس الأسبق أوباما للمتظاهرين, والذى صرح فيه بأنه يرى فى هذه التظاهرات ظاهرة ملحمية تصنع تغييرا سياسيا. إلا أن المقصد الفعلى لأوباما (كما بدا من كلمته) كان حث الجماهير على الذهاب الى الإنتخابات الرئاسية فى نوفمبر القادم, والإعراب عن إراداتهم فى الإنتخابات. ذلك بمعنى (أو بفهم) إنحصار الرغبة التغييرية فى الشارع السياسى فى حدود تغيير الرئيس (وتحويل الرئاسة الى الحزب الديمقراطى).

مانتصوره فى هذا الصدد هو أن حركية الشارع الأمريكى بعد مقتل جورج لويد إنما تؤسس لما هو أبعد من التصويت الرئاسى القادم, وإن كانت بالطبع ستنعكس عليه. إنها تؤسس للثورة الأمريكية القادمة.

هذا التوجه (الى مسار الثورة الأمريكية القادمة) يتسارع فى أرض الواقع بفعل "ظاهرة ترامب".

تجدر الإشارة فى هذا الخصوص الى طرح سابق بعنوان "الأمريكيون يقتربون من المسار المستقبلى للثورات – الحوار المتمدن- العدد 5340 11/11/2016", وكان قد نُشر مباشرة فى أعقاب صعود ترامب الى الرئاسة.

وفى نفس السياق يجدر الإنتباه الى أنه قد صدر بعد ذلك كتابين من تأليف السياسى الأمريكى المخضرم بيرنى ساندرز. الكتاب الأول بعنوان "مستقبل للإيمان بثورتنا" (15/11/2016), بينما الآخر بعنوان "إرشادات ساندرز للثورة السياسية" (29/8/2017).

أما الآن, فلايخفى على الحس المراقب للأحداث أن موقف الشارع السياسى للشعب الأمريكى فى رد فعله, فى الأيام الأخيرة, على اغتيال "فلويد" قد ارتقى نضجا عن وضعه التقليدى المحافظ على مدى عقود سبقت. لقد قفز فى اتجاه البحث عن "المستقبل الجمعى" لجموع المواطنين, وبالتخطى لكافة تباينات اللون, والسن, والجنس (ذكر/أنثى), والعمر ...الخ.

بمعنى آخر, لقد ارتقت جموع المواطن الأمريكى العادى الى قدر يقود الى البحث عن المعرفة التغييرية الإنسانية (أو الموجة الثورية العالمية) القادمة, والتى هى الأساس - المتوقع - للثورات القادمة, طبقا لدراستنا, المشار اليها أعلاه (عام 2013), والتى قد ضُمِّنَت مؤخرا فى إصدار تفصيلى يحمل نفس العنوان ("المسار الجديد للثورات- ثورة المفكرين", المكتبة الأكاديمية - 2019).

والآن يبزغ سؤال محورى: كيف حدث وصول الشارع الأمريكى الى هذا التحول فى غضون زمن قصير؟

الإجابة ,فى تقديرنا تكمن فى كل من "ترامب" و الكورونا.

لقد مثلت توجهات وممارسات الرئيس ترامب على الساحتين, الدولية والداخلية, مايشبه الجائحة, مُجَسَّدَة فى تفاعلات وتأثيرات سلبية
على معظم من يتعامل معهم (أو بشأنهم) من كيانات ومؤسسات (على الساحة الدولية أو داخل الولايات المتحدة), ومن شخصيات (أجنبية أو أمريكية ... بل وعديد من مساعديه المباشرين), ... وحتى القضايا العالمية, مثل تلك التى تتعلق بالمناخ, وبالبيئة, وبالتجارة, فضلا عن عدم الحصافة مؤخرا فى التعامل مع الوعى الخاص بجموع المواطن الأمريكى العادى .

وأما الكورونا فقد صارت جائحيتها (وسياقاتها وتبعاتها) كافية على الحث على التأمل (والتألم) الجمعيين عند عموم المواطنين العاديين فى شتى بقاع العالم. لقد صار المواطن العادى يعيد التأمل مرات ومرات فى التوجهات والسياقات غير الإنسانية التى يعيشها ومن حوله. توجهات وسياقات صُنعت بواسطة النيوليبرالية (أو الرأسمالية الشرسة) وجسدتها العولمة.

وهكذا, يمكن القول بأن تعقيدات التطرف فى إدارة سياسات العالم, وأنشطته ,ومصالحه, ومخرجاته (من قيم مضافة ضخمة) قد أدى (ويؤدى) الى حاجة جموع المتضررين فى كافة البلدان للتوصل الى معرفة إنسانية تغييرية جديدة, تكون هى المدخل (أو الإطار) لإنجاز ما يُنتظر (أو ماهو مأمول) من فعل تغييرى.

فى هذا الخصوص, فيما يتعلق بالمواطن الأمريكى, جائت تآذرية الكورونا (كجائحة) مع حالة توجهات وممارسات الرئيس الأمريكى (كشبه جائحة) لكى تُسَرِّع الولوج الى حراك جماعى يحمل حلم التغيير, ويمكن أن يقود الى "المستقبل الجديد للثورات", ....... الأمر الذى يتعدى شكليات على غرار التنافسية (أو التبادلية) بين الجمهوريين والديمقراطيين (؟!).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا