الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتجاجات الأمريكية ونظرية العقاب الالاهي

الأسعد بنرحومة

2020 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


انطلقت الاحتجاجات والمظاهرات في عدد من المدن الأمريكية منذ يوم 25ماي2020 وذلك على اثر مقتل مواطن أسود يدعى جورج فلوييد. وقد خرجت عدد من المظاهرات الأخرى في عدد من الدول الأوروبية كبريطانيا مساندة للمحتجين الأمريكان ودفاعا عن حقوق الانسان ورفض التمييز العنصري...
ومع تواصل المظاهرات هدّد الرئيس الأميركي ترامب باستعمال القوة والغاز لتفريق المتظاهرين وانزال قواة الجيش للشارع...
وفي سياق متّصل ، ومنذ اندلاع هذه الاحتجاجات متحدّية الرئيس والكورونا علّق كثير من السياسيين عليها واعتبرها بداية سقوط الامبراطورية الأمريكية ونهاية غطرستها، كما وصف كثير من الناس ما حدث بأنه عقاب الاهي على الظلم الأمريكي في العالم.
انّ هذه المظاهرات والاحتجاجات ليس لها علاقة بقرب سقوط أميركا ولا بالعقاب الالاهي لا من بعيد ولا من قريب ، فالولايات المتحدة الأمريكية تكاد تعرف كلّ سنة حوادث مقتل سود على أيدي الشرطة كما تعرف مظاهرات تنديد واحتجاج ، ففي سنة 2015م حصلت مظاهرات واحتجاجات بسبب مقتل المواطن الأسود جمار كلارك على يد الشرطة ، وكذلك في سنة 2016م مقتل المواطن فيلاندوا كاستيل، وفي سنة 2017م، المواطن جوستن داموند، ولم يؤثر أيًّا منها على النظام الأمريكي بشيء، ولا على المجتمع الأمريكي، ولم تعرف تلك الاحتجاجات حينها التضخيم الإعلامي للحدث كما في هذه المرة ...
لقد تميّز النظام العالمي الحالي في ظل سياسة القطب الواحد وخاصة بعد الاعلان عن مشروع الشرق الاوسط الكبير في 2004 ثم اعلان عن خطة رامسفيلد لعسكرة الشعوب في 2007 بالقدرة على اعادة انتاج نفسه والقدرة على التموقع والسيطرة وازالة كلّ عائق قد يهدّد وجوده،وأصبحت الولايات المتحدة الامريكية لا تكتفي بمجرد استعمال الانقلابات أو صناعة العملاء أو اقحام جيشها في الحروب،بل تحوّلت الى طامعة في عسكرة الشعوب وتحريكها نحو الهدف التي تريده وترسمه ، ليس في العالم الثالث فقط ، بل في أوروبا والصين وروسيا ، بل داخل أميركا نفسها من خلال التحكم بالشعب الاميركي يساعدها في ذلك غياب الوعي السياسي فيه.
فالنظام الرأسمالي الأمريكي، و ما يمتلكه من مقومات إعادة إنتاج نفسه، واسترداد عافيته وصموده في مواجهة ما يعترضه من تحديات على مدى أكثر من قرن لا يظهر عليه بداية الانهيار والسقوط ، حيث إن الشركات المتعددة الجنسيات والبنك الفدرالي الأمريكي، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والمؤسسات الدولية التي أستحدثتها أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية كلها مازالت تعمل في خدمة النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدون منافس، ومن خلف ذلك كله مالكي الأموال ومؤسسات التمويل عالميا، وهذه جميعها متعاضدة في خدمة النظام الرأسمالي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وَتُعَدْ بمثابة مركز القوة عندها، لها من يديرها لتخطّي ما يعترضها من مشكلات وعقبات، ولها أمنها ومؤسساتها ودراساتها ومخططيها وأدواتها، بحيث تعمل بجهودها المتظافرة لإعادة انتاج النظام الرأسمالي، والأخذ بيده لتجاوز ما يتهدد وجوده ويحول دون انهياره.
وهذه الاحتجاجات التي اندلعت منذ 25ماي الحالي تعمل أميركا من خلالها على اعادة هيكلة النظام العالمي الجديد لمزيد من التحكم وبما ينسجم مع تفرّها بالموقف الدولي واعادة تدوير النظام الاقتصادي العالمي لصالح الفئة الحاكمة. وهي رسالة لكل من يحاول أن يشذّ أو يخرج عما هو مرسوم بأنه سيواجه كامل المنظومة ، لذلك تتعمّد أميركا من أجل تحقيق هذه الأهداف وفي أحيان كثيرة على نسج مسرحيات تضلّل بها الشعوب وتتخفّى وراءها أجنداتها ومشاريعها الاستعمارية في العالم مثلما هو الحال مع فزّاعة الكورونا والمظاهرات الامريكية....
والترويج لضعف أميركا أو قرب موعد انهيارها ، وكذلك الترويج للعقاب الالاهي لها كلّ ذلك وما كان من قبيله يكشف عن ضعف شديد في فهم السياسة وعن سذاجة تدعو للسخرية عند أصحاب هذه التوهّمات... بل انّ كلّ ترويج لانهيار أميركا أو سقوطها هو يخدم أميركا نفسها وسياساتها المتعلقة بالاستعمار.....
وأميركا لا تسقطها احتجاجات كهذه ، ولا العقاب الالاهي ، بل تسقطها أمّة تقاوم من أجل العدالة ومن أجل الحرية.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس