الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار الامريكي والمأزق العراقي

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2020 / 6 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


الحوار الامريكي والمازق العراقي.

كثر الحديث عن الحوار الاستراتيجي المرتقب بين الولايات المتحدة الامريكية والعراق، وهناك جانبين من التحليل السياسي بخصوص هكذا حوار في الوقت الراهن احدى الجوانب تتعلق بالمعطيات السياسية والامنية في العراق والثاني يتعلق بالدور الامريكي في المنطقة ومحاولة واشنطن من تحقيق توازن النفوذ السياسي مع الاقطاب الدولية المتصاعدة في الشرق الاوسط.

لاشك ان العراق لم يشهد الاستقرار السياسي والامني منذ 2003 الا بدرجات متفاوتة حسب التقارب في المصالح الامريكية والايرانية، الا ان الربيع العربي والتغيرات الجيوسياسية التي افرزتها الثورات العربية قد غيرت الكثير من الحقائق والثوابت السياسية في البعدين المحلي والاقليمي بالنسبة للعراق، وتجلت هذه التغيرات في المظاهرات الشعبية التي اجتاحت الشارع العراقي مناديا بانهاء النفوذ الايراني واسترجاع هيبة الدولة العراقية من خلال تغلب المصالح الوطنية على الاجندة الطائفية والمذهبية الضيقة التي طالما استخدمت من قبل طهران كاداة في توسعها الاقليمي في كل من العراق وسوريا ولبنان، وعليه يمكننا القول بان الوعي السياسي العراقي واستخدام الشارع باتجاه الضغط على القيادات العراقية الموالية لايران احدث إرباكا للحسابات الايرانية والامريكية في العراق وهو ما تجلى في تسرع الولايات المتحدة الى دعم المطالب الشعبية واستخدام نفوذها في العراق باتجاه تحقيق المطالب الشعبية التي تخدم السياسة الامريكية في المنطقة، الا ان غياب القيادة والتخطيط وكذلك تفشي وباء الكرونا قد اثرت سلبا على الموجة الغاضبة للمتظاهرين وتسببت بتاجيل تحقيق المطالب الشعبية رغم تحقيق بعض الانجازات في مدة زمنية منها استقالة حكومة عادل عبدالمهدي وتشكيل حكومة الكاظمي التي تحاول جاهدا استناد شرعيتها من الشارع العراقي و دعم التغير والاصلاح السياسي.

بناءا على الخلفية المذكورة فالوضع العراقي وفق المعطيات السياسية والامنية والاقتصادية لا تخدم اي اتفاقيات دولية تبرمها العراق مع الدول الاخرى كون العراق في موقف ضعيف مقارنة مع الجانب الاخر وعليه يمكننا القول بان الهدف العراقي من الحوار الاستراتيجي هو تحقيق مصالح انية خاصة فيما يتعلق بالازمة الاقتصادية والامنية التي تمر بها البلاد. وتبنى الطرف الداعم للحوار في العراق على التغير في مواقف واشنطن ، فالدور الامريكي منذ بداية التظاهرات في العراق قد تطور من دور المشاهد مع تبني سياسة التحفظ بمواجهة التوسع الايراني الى التدخل وضرب المصالح الايرانية و الدليل على هذا سياسة تجلت في مقتل قاسم السليماني والمهندسي في بغداد مما احدث تطورا ملحوظا بالمواقف الامريكية مما تشجعت النخبة القريبة من امريكا في تبني سياسات لها طابع عراقي لاول مرة منذ 2003، والحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد سوف يخدم النخبة العراقية التي تسعى الى ابعاد العراق عن الصراع الاقليمي والعمل على اعادة بناء الدولة العراقية من جديد.

اما ما يتعلق بالجانب الامريكي فان الحوار الاستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة تستهدف النفوذ الاقليمي للدولة الايرانية وكذلك التواجد الدولي لروسيا،فالسياسة التوسعيه الروسية القائمة على العمل العسكري في كل من سوريا وليبيا وكذلك التوسع الصيني القائم على الاتفاقيات الاقتصادية مع دول الشرق الوسط فضلا عن الفوضى الامنية التي احدثها الدور الايراني وتسبب في ازمات بنيوية فيما يتعلق بالتواجد الامريكي فرض على صناع القرار الامريكي التغير فيما يتعلق بالملفات الحاسمة في الشرق الاوسط.

تسعى واشنطن الى تحقيق مصالح استراتيجية من خلال الزام العراق بالموافقة على شروطها مقابل دعمها في الفترة الراهنة، هناك بعض الملفات البارزة التي تريد واشنطن مناقشتها مع الجانب العراقي، ابرزها التواجد العسكري الامريكي وهناك يريد الجانب الامريكي تحقيق اتفاق بعيد المدى على غرار التواجد العسكري الامريكي في كل من كوريا الجنوبية والمانيا واليابان، وعليه لابد من النخبة السياسية في العراق النظر في هذا الامر و تحقيق مصالح عليا لبغداد في حالة الموافقة على التواجد الامريكي بعيد المدى في العراق.

اما الملف الثاني بالنسبة لامريكا يتعلق بالجانب السياسي، تحاول واشنطن تطبيق النموذج الاردني في العراق من خلال ربط العراق سياسيا بالمشاريع الامريكية في الشرق الاوسط. وهنا ستواجه النخبة العراقية تحديات متعلقة بالتوازن السياسي مع إيران وهو ما ينعكس على التشتت في البيت الشيعي وبالتالي توثر على القرار العراقي في هكذا ملف.

والملف الثالث المهم في الاجندة الامريكية يتعلق بمشروع بناء الدولة العراقية من خلال ايجاد توازن بين المكونات الرئيسية في العراق وهنا لابد من الاشارة الى الزيارات الماكوكية التي بداتها السفارة الامريكية مع القادة الكورد وكذلك السنة باتجاه اقناع الطرفين على القبول بمركزية الدولة العراقية وكون التركيز الامريكي قد تغير الى دعم بغداد باتجاه تحقيق سيطرتها على الامور السيادية. واعتبارا من ذلك فان الموافقة الكردية والسنية على المشروع الامريكي ستكون نقطة قوة باتجاه تحقيق الحوار الاستراتيجي بين بغداد و واشنطن. واخيرا يمكننا القول بان الحوار الاستراتيجي سيواجه الكثير من المعوقات على المستوى الوطني والاقليمي ولكن يبقى ضرورة مره للعراق بهدف الخروج من مازقها الراهن في كافة المجالات الامنية والاقتصادية والسياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط