الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتيفا الاخوان المسلمين بين مؤامرة ترامب وشفافية النظم المستبدة

حجاج نايل

2020 / 6 / 6
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تابع العالم ماحدث ولازال يحدث حتي الان في الولايات المتحدة الامريكية، من انتفاضات مستمرة في اكثر من 140 مدينة أمريكية ،علي اتساع ولايتها الواحد والخمسين ، كما امتدت خارج الولايات المتحدة إلي بعض العواصم الاوربية ،علي اثر قيام احد الضباط البيض، بقتل مواطنه الامريكي من اصول افريقية ،بطريقة وحشية ومهينة في 25 مايو 2020 ،في مدينة مينابولس بولاية مينسوتا ،عكست هذه الحادثة علي قدر ما عكست ، وحشية النظام الراسمالي من ناحية ، وتفشي وانتشار العنصرية ايمانا بالعرق الابيض وتفاقم مظاهر هذه العنصرية في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب من ناحية اخري، شهدت المدن والولايات الامريكية، موجة احتجاجات لم تشهد البلاد مثيلا لها منذ ستينات القرن الماضي، حين تم اغتيال مارتن لوثر كينج ، مما دفع بالسلطات الي فرض حظر التجوال في اكثر من ثلاين مدينة امريكية ،ونشر الحرس الوطني في 23 ولاية ، من بينها واشنطن العاصمة وربما اكثر.

الطابع الخاص للاحتجاجات الاخيره

تاتي حادثة مقتل جورج فلويد في سياق مختلف تماما ، وغير تقليدي عن كل الحوادث السابقة والمشابهة لهذا الحادث،
الاكثر غرابة ان هذا السياق جاء فريدا ومحملا باكثر من دلالة سياسية واجتماعية واقتصادية، وربما دينية وثقافية ،ايضا لتظل الاسئلة حول تجليات مايحدث في الولايات المتحدة الامريكية الان، مفتوحة علي كل الاحتمالات والاتجاهات، التي قد تلقي بظلالها علي نمط الحريات السائد هناك ، وثقافة الديمقراطية المتراكمة خلال قرنين من الزمان، وربما ايضا يكون تأثيرها محدود للغاية في اطار القوانيين التي تكافح العنصرية، وكذلك انماط السلوك لدي بعض العنصريين البيض، والذين باتوا يدركون انه لا مجال لاي ممارسات عنصرية قبيحة في عالم اليوم، ربما كل هذا لكن، المؤكد انها لن تمر مرور الكرام.

فلقد جاءت حادثة فلويد في سياق ارتباك وتوعك المجتمع الامريكي، بل والعالم من جراء انتشار فيروس كرونا، والذي امتدت تداعياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية الي فضاءات غير مسبوقة في تاريخ البشرية، فالعالم وعلي مر التاريخ ،كان يواجه هذا النمط من الاوبئة بمناعة القطيع ،وعدم اتخاذ اي تدابير كالتي نراها اليوم ،وكانت تلك الاوبئة في السابق تحصد الارواح بمئات الالاف والملايين من البشر دون ان تتأثر حركة البشر والحجر ، الي ان ينتهي الامر بتوفير الامصال اللازمة او اختفاء تلك الاوبئة علي نحو تدريجي، ولم يكن العالم يمتلك هذا القدر الهائل من التكنولوجيا، والقدرة علي التواصل اللحظي والرقمي كما هو الحال الان، ومن ثم لعب فيروس كرونا دورا لم تستطيع اي صراعات دولية او احداث سياسية ان تقوم به، في التضخم الاقتصادي ،وارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير جدا ، وكذلك انهيار اقتصادات الدول الكبري والصغري من جراء العزل والتباعد المجتمعي واغلاق المؤسسات الانتاجية والخدمية ، وتحميل ميزانيات الدول لاعانات البطالة ، وانهيار اسعار البترول ، وتوقف حركة التجارة والملاحة الدولية ، وكذلك التوقف والشلل التام الذي اصاب كل وسائل النقل البشري والبضائعي ، والتوقف عن العمل ووقف الاستيراد والتصدير علي نطاق دولي واسع. وبطء حركة المصارف والبورصات العالمية والشركات الكبري ، والشلل التام في القطاعات الاقتصادية المنخفضة والمتوسطة ، ناهيك عن الارهاق الشديد والانهيار في القطاعات الصحية في معظم دول العالم ، ومن الناحية الدينية والثقافية والتعليمية والترفيهية ، توقف دور العبادة والجامعات والمدارس ودور الحضانات والدور الثقافية والمسارح ودور العرض عن استقبال مريدها وجمهورها ، بالاضافة الي التصلب الذي اصاب شراين الحيوات السياسية والحزبية والنقابية والجمعياتية في كل دول العالم ، وارغام رؤساء وملوك وناشطي العالم علي التحدث وممارسة ادوارهم في الحدود الدنيا ، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والشاشات المتلفزة ، فبالفعل هي لحظة تاريخية متفردة وغير مسبوقة في التاريخ الانساني ، فلابد وبقوانين المادية الجدلية ان تترك اثارا مغايرة ومفاجئة لكل التوقعات ، ولهذا يخوض مفكرين والمؤسسات البحثية في اوربا وامريكا وكندا الان حوارا وجدلا ساخنا حول عالم مابعد كرونا ، وبتفرد اللحظة التاريخية وبالمعايير التقليدية لم يكن مقررا خروج الشعب الامريكي علي هذا النحو ، الذي ينطوي علي مخاطرة كبيرة ، من انتقال عدوي الكرونا الفاتلة بين الالاف من المحتجين جنبا الي جنب ، وبخلاف التوقعات والمنطق ومسيرة العالم ، خرج الشعب الامريكي الي الشوارع ، في خصوصية مزدوجه ، الخروج بذاته من ناحية ، وضخامة الحدث من حيث الاعداد والشعارات والفعالية من ناحية اخري ، فهل تدخل الاحتجاجات الامريكية الاخيرة ضمن نبؤاءات عوالم ما بعد الكرونا سوف نري.

لغة الخطاب السياسي الامريكي التاريخ والصدمة

تتضمن الاجابة علي السئوال السابق امرين:-
الاول هو طبيعة شخص حاكم البيت الابيض وايدلوجيته ونمط تفكيره واتجاهاته السياسية ، وهنا لا يستطيع احد ان ينكر تلك الميول العنصرية والشعبوية واليمنية المتطرفة لدي الرئيس الامريكي دونالد ترامب ، فتاريخة واربع سنوات من حكمه كفيلة بتقديم كل الادلة الدامغة علي هذه الميول والاتجاهات ، فهو اول من تجرأ وقام بنقل السفارة الامريكية الي القدس المحتلة ، وهو من استطاع ان يغير سياسيات رؤساء الولايات المتحدة الامريكية تجاه المناطق الساخنة وبؤر الصراعات في العالم ، وتقديم الدعم الصريح والعلني للانظمة المستبدة ، بل اعطائها الضوء الاخضر لتفعل ما تشاء بشعوبها ومعارضيها ، وكما اكد هو نفسه اكثر من مرة لن تقدم الولايات المتحدة خدمات مجانية لاي طرف في اي صراع ، فيجب ان تدفع للحصول علي الحماية والخدمات الامريكية ، وعشرات الامثلة علي تطرف هذا الحاكم وعنصريته وتوجهاته المعادية لكل ماهو غير ابيض ، لكن يرتد السئوال مرة اخري ككرة الاسكواش ، ردا علي التظاهرات الاخيرة هل هذه الميول والتوجهات السبب في انتاج خطاب سياسي امريكي رديء وغث ، ويتنصل من تاريخ القيم والثقافة الامريكية في مجال الحريات الداخلية علي الاقل ، ام تضافرت عوامل وجود حاكم البيت الابيض علي رأس الادارة الامريكية ، مع توابع وتداعيات فيروس كرونا ، فانتجت هذا الخطاب الاكثر غرابة في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية.

المأزق الامريكي

ردا علي الاحتجاجات الاخيرة والتي خرجت لاسباب واضحة وشعارات ومطالب محدده ، استدعي الرئيس الامريكي دونالد ترامب ووزير دفاعه ووزير خارجيته والمسئولين في إدارته خطابا رثا ورجعيا ، تضمن نظرية المؤامرة كما يفعلها الهواه من الحكام المستبدين ، في دول تفتقر الي المأسسة والمؤسسية ، وتم استدعائها بلغة ومفردات لا تنتمي البته الي الديمقراطيات الغربية ، فعوضا عن مهاجمة وانتقاد العنصرية البغيضة ، المنتشرة في اوساط الشرطة الامريكية ، وعوضا عن معالجة ملفات فيروس كرونا العالقة ، والتي ادخلت المواطن الامريكي في حسبة برما ، من شغف العيش والعوز والاثار النفسية للتباعد الاجتماعي وكذلك العزلة المضروبة عليه ، وعوضا عن تقديم اعتذار حقيقي ، والتعهد بمعالجة كل هذه المفات ، ذهب الرئيس الامريكي وادارته ، الي حيث يذهب دائما حكام الدول المستبدة من الفاسدين والجنرالات ، الي المؤامرة وقام باتهام الحركات اليسارية ، وعلي رأسهم حركة انتيفا (هي حركة محتجين يسارية مناهضة للفاشية والنازية ، معارضون للراسمالية والنيوليبرالية واليمين المتطرف ، ويعتنق أغلبهم الأفكار والاشتراكية واللاسلطوية وهي حركة بدون هيكل قيادة هرمي، تضم العديد من الجماعات والأفراد المستقلين.فهي لا تملك تسلسل قيادي)،
بأنهم خلف الاحتجاجات الاخيرة ، وبلغة بدت غريبة علي اذان الشعب الامريكي وشعوب العالم ، هدد وتوعد في اكثر من مناسبة بانزال القوات المسلحة والشرطة العسكرية الي الشوارع ، للاعتداء علي المتظاهرين وقمعهم ، واتهم حكام الولايات بالضعف والهشاشة ، وطالبهم باتباع القسوة والعنف والقبض علي المتظاهرين ومحاكمتهم بعقوبات طويلة في السجون الامريكية ، واخيرا رفع الكتاب المقدس في اشارة الي مرجعية حكمه ، علي أسس دينية وعنصرية ، والتي تشبه الخميني والحروب الصلبية بصورة لم تحدث في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية ، وفي كل الاحتجاجات السابقة عبر هذا التاريخ ، ولم يحدث ان قامت اي ادارة امريكية بانتاج هذا الخطاب الفاشستي والديكتاتوري ، الاكثر غرابة في الامر هو مفردات هذا الخطاب ومضمونه ومصطلحاته ، فللوهلة الاولي تشعر انك امام رؤساء وملوك العرب وافريقيا والشرق الاوسط ، وللوهلة الاولي ايضا تشعر بأن امريكا رائدة العالم الحر انتقلت من نطاقها الجغرافي لتأخذ مكانا ظاهرا بين الدول شرق اوسطية والمحكومة بالعصابات والجنرالات ، وفي سياق اخر متصل ، وبالرغم من ادراكنا للمأسي الانسانية والكوارث البشرية التي ارتكبتها ادارات الحكم في الولايات المتحدة ، خلال القرن الماضي ، وانها سببا مباشرا في قهر وتعاسة وفقر نصف شعوب الكرة الارضية ، عبر دعم المستبدين والفسدة واللصوص من الحكام ، وبوصفها اجتازت اعلي مراحل الراسمالية المتوحشة ، التي تعتاش علي نهب ثروات الشعوب الاخري ، إلا ان حديثي في سياق هذا المقال، يقتصر علي الانقلاب علي منظومة من القيم والثقافة وانماط التفكير ، داخل المجتمع الامريكي نفسه ، تسيدت عقود طويلة من الزمن داخل الولايات المتحدة ، من إدعاء احترام الحريات وحقوق الانسان والدفاع عن ضحايا التظاهرات والاضرابات حول العالم ، باعتبارها أيضا رائدة العالم الحر ، وبخطابات ترامب الاخيرة تعد نقطة تحول رئيسة في مسار الديمقراطية داخل الولايات المتحدة وفي العالم اجمع واظن انها نقطة تحول لبدايات عوالم ما بعد الكرونا.

في الاخير اتصور ان اهم ما يميز الاحداث الاخيرة في الولايات المتحدة الامريكية هذا الخطاب الشعبوي الغوغائي القمعي من جانب الادارة الامريكية واتصور انه مزيج من التداخل والتقاطع بين طبيعة السلطة او الادارة الحاكمة في البيت الابيض وروافد وتداعيات انتشار فيروس كرونا وازعم انها القطفة الاولي او اللقطة الاولي في عالم ما بعد الكرونا الي اين تتجه والي اين ستنتهي سئوال تجيب عليه الايام القادمة بما تحوية من مفاجأت غير سارة لعالمنا البائس

كندا 5 يونيو 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة