الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الإله يروى سيرته 4
جيهان خليفة
كاتبة صحفية
(Gehan Khalifa)
2020 / 6 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لقد إنتهينا فى الحلقة السابقة إلى أن الصراع بين الإله والإنسان على القدرة التكاثرية دخل طورا جديدا فى سفر الخروج ، فمنذ بداية السفريولد عهد التكاثر بين الرب وإبراهيم الذى حقق نجاحا وإلتزام بالعهد ، فإبراهيم وإبنه ، يصبحان إسحاق وإبنيه ، ثم يعقوب وأبناءه الإثنى عشر ، ثم هؤلاء الإثنى عشر وأبنائهم السبعين وأخيرا ومع بداية سفر الخروج أمة كبيرة بما يكفى لمنافسة مصر العظيمة .
جاء بالسفر (ونمى بنو إسرائيل وتوالدوا وكثروا وعظموا جدا جدا وإمتلأت الأرض منهم ) ( خروج 1:1) .
نلاحظ هنا أن وعد الرب لإبراهيم كان ضمنيا بمثابة إلغاء لوعده بقية البشر بالتكاثر وما يلفت الإنتباه أن الرب لم يستشرف عاقبة هذا الإلغاء وكما يقول مايلز : لقد أخذ على حين غرة فلا يرد مباشرة حين دافع المصريون عن أنفسهم ويستعبدون الإسرائيلين الذين بدأوا بالتحول إلى أمة كبيرة على أرض مصر لكن دفاع المصريين بلا فائدة أعداد الإسرائيلين تتزايد بعون من الرب والنساء الإسرائيليات يلدن بلا ألم ، وأخيرا تأتى اللحظة التى يصدر فيها حاكم مصر أمرا يتعارض مباشرة مع رغبات الرب الإله (كل ذكر يولد لهم بنى إسرائيل فإطرحوه فى النهر) ما فعله فرعون مصر تحدى صريح للرب الذى واجه عصيانا سابقا لكن لم يكن بمثل هذا التحدى ، رد الرب على هذا التحدى سيحوله لأول مرة إلى محارب ، قبل أن نسرد هذا التحول الجديد لابد أن نلقى الضوء أولا على الصراع الذى كشفه فرعون داخل شخصية الرب فالصراع المصرى الإسرائيلى صراع خارجى نابع من هذا الصراع الداخلى فى شخصية الرب ، فالرب الذى وعد بالخصوبة للناس جميعا وعلى السواء حين خلقهم وكرر هذا الوعد لهم بعد الطوفان ، وهو من وعد إبراهيم ونسله بخصوبة أكبر ووفى بوعده وها هو الآن يواجه عواقب فعلته المتناقضة حيث يقاتل خاسر الخصوبة (المصريين ) ضد رابح الخصوبة (الإسرائيلين ) الذى إختاره الرب .
فكيف يحل هذا الصراع ؟ خاصة وأن الرب كان قد وعد المصريين بعد الطوفان بشكل ضمنى أيضا بالخصوبة .
يرى مايلز : أن تعدد الآلهة يمثل واحد من السبل لحل هذا الصراع أو ربما لم يكن قد نشأ من الأساس فقد كان ممكن لإله إبراهيم الخاص الشخصى أن يعده بخصوبة تتفوق على الآخرين ، وكان ممكن لآلهة أخرى أن تعد الباقى بالشىء ذاته .
أما إله السموات المتربع فوق جميع البشر فكان بإمكانه أن يحجم عن إصدار مثل هذه الوعود الضيقة وأن يظل محافظا على سلطانه الكونى بإمتناعه عن إقامة أحلاف مع أى من القوتيين المتحاريبتين .
مع بداية سفر الخروج تتسع الخصوصية فيتحول الرب الإله من إله خاص بفرد أو بيت إلى إله تشمل خصوصيته كل بنى إسرائيل الذين أضحوا أمه كبيرة يوثق ذلك بعهد ويدعم بأفعال يهوه الذى أصبح الآن إلها يحب الحرب حبا مفرطا .
هناك سلسة من الأحداث التى تحول يهوه إلى محارب وتقذف الرب الإله قدما إلى الأمام وهى سلسلة تبدأ عندما ( تنهد بنو إسرائيل من خدمتهم وصرخوا وصعد صراخهم إلى الرب من الخدمة فسمع الرب أنينهم وذكر عهده مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونظر الرب إلى بنى إسرائيل وعرفهم ) الآن بنى إسرائيل فى مصر حشد ضخم مهدد بالإبادة وموسى الإسرائيلى الذى ترعرع فى بيت مصرى بعد أن نجا من حملة فرعون التى إستهدفت من قبل قتل الأطفال يقتل رجلا مصرى ظالما ويهرب إلى مدين هناك يتزوج ويعمل راعيا لغنم حميه كاهن مدين وذات يوم وهو يرعى الغنم قرب جبل حوريب يتجلى له الرب ( تجلى له ملاك الرب فى لهب نار من وسط العليقة فنظر فإذا العليقة تتوقد بالنار وهى لا تحترق فقال موسى أميل وأنظر هذا المنظر العظيم مابال العليقة لا تحترق ورأى الرب موسى قد مال لينظر فناداه الرب من وسط العليقة وقال موسى ! موسى ! هاءنذاه ههنا إخلع نعليك من رجليك لأن الموضع الذى أنت فيه قائم فيه أرض مقدسة وقال (أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب ) فستر موسى وجهه إذ خاف أن ينظر إلى الرب ) .
يقول مايلز : نلاحظ هنا أن ملاك الرب أومرادف الرب (يهوه ) يشار إليه بعد بضع كلمات بإسم الله ( إلوهيم ) والإسمان فى جملة واحدة بالتبادل هنا ثمة إندماج تام بين هويتى يهوه وإلوهيم ثم يأتى إندماج أخر بين الإثنين من جهة والإله الشخصى أو الآلهة الشخصية من جهة أخرى حين يقدم الإله نفسه لموسى بصفته الإله الواحد إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب وإله موسى فى آن واحد معا وهكذا يزول أى إحساس متبقى بأن الآلهة الخاصة بهؤلاءالمختلفين هى آلهة مختلفة ، من ناحية أخرى إسم موسى إسم مصرى وليس إسرائيلى أما إسم أبيه فلم يذكر فى (التتخ) وهذا إغفال غير عادى كما يرى مايلزمتسائلا هل يوحى هذا الإغفال الى أن موسى كان إبن غير شرعى ، هل كان أبوه مصرى ؟ الصوت الصادر من العليقة يذكر إله أبيك كائنا من كان أبو موسى ، الجديد فى هذا التجلى أن الرب الإله يتكلم من وسط العليقة وعلى قمة جبل مقدس وهو لم يفعل ذلك من قبل أبدا ، ولكن يوجد أخر كان قد فعل ذلك وتاريخ الديانة السامية القديمة يعرف إلها شارته جبل ولهب هذا الإله هو (بعل )الإله المهيمن فى كنعان وفى المنطقة التى أتى منها إبراهيم قادما من أور ، بعل كان إله حرب وإله العاصفة وإله الخصب أيضا وإله الجبل والبركان فى آن واحد ، كلمة بعل شأن كلمة إيل يمكن أن تأتى إسم علم أو إسم نكرة وحين تأتى نكرة فى العبرية واللغات الأخرى فى المجموعة السامية الجنوبية الغربية فإن بعل تعنى مالك ،مولى ، أو سيد أما كإسم علم فالكلمة تشير إلى الإله بعل سيد الكون الذى إكتسب سيادته هذه عن طريق القوة العسكرية والحرب فهو بلغة الأساطير إله شاب ومتمرد لنبقى هنا الآن لنرى فى الحلقة القادمة سبب هذا التجلى وماذا يريد الله من موسى ؟ وماذا يريد أن يفعل بالمصريين ؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إجراءات أمنية مشددة في محيط البلدة القديمة وعند أبواب المسجد
.. مسلسل الحشاشين الحلقة 18.. سوزان نجم الدين تأمر بقتل إحدى حو
.. مشاهد لاقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات ال
.. صحيفة هآرتس: صفعة من المستشارة القضائية لنتنياهو بشأن قانون
.. عالم الجن والسحر بين الحقيقة والكذب وعالم أزهري يوضح اذا ك