الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف سقطت ساميا .! الجزء الأول .

ميشيل زهرة

2020 / 6 / 7
الادب والفن


لم يكن في المدينة ، من حديث إلا صعود ( سعد الدين القحطاني ) ، الملقب بالأستاذ ، ماليا . و الذي لم يرض أن يخاطبه أحد بغير هذا اللقب ، لدرجة أنه جمع مرافقيه يوما ، و نبههم عن أصول مخاطبته ، تحت طائلة عقوبة الفصل لمن يخالف ، حتى لو تحول ، المخالف المطرود من عمله ، إلى متسول يستجدي على أبواب الجوامع و الكنائس . صحيح أن الاستاذ متعلم ، لكنه أمي لا ثقافة لديه ، كما يقول مستشاروه الاقتصاديون ، و غيرهم من المقربين . كل ما لديه خزائن مال و حسب ، يحرك به كل مفاصل المدينة و نساؤها . حوله مجموعة من الشبان الذين يهيمون به عشقا نفعيا عندما يمنحهم بعض الفتات مما لديه ، ليضعهم تحت ابطه . و الذين لا يتورعون أن يفعلوا كل ما يأمرهم به حتى لو كلفهم أمره أرواحهم . استطاع الاستاذ بدهائه و علاقاته الواسعة مع مفاصل الدولة أن يستغل انقطاع الكهرباء القديم ، و يستورد بمرسوم خاص ، مراوح هوائية تُركّب فوق أسطح المنازل لتوليد كمية من الطاقة تكفي إنارة البيت ، مقابل رسوم شهرية يجمعها من كل مواطن ، بأكياس و يخزنها في مستودعات كالزرائب ، و يقوم أعوانه و مرافقوه بتحويلها إلى عملات صعبة ، و تهريبها خارج البلد . بذلك يكون قد حول العملة الصعبة إلى سلعة مفقودة في البلد ، و حول العملة الوطنية إلى سلعة رخيصة متكدسة كالتبن . و لم يكن ذلك ليحرك فيه أي شعور وطني ، أو احساس بالناس الذي ينعكس عليها فعله هذا ، جوعا ورحيلا من الأمكنة حتى لو كلفهم حيواتهم ، رغم ما يطرق أذنه من استشارات تذهب أدراج الرياح . كل ما يعنيه في المدينة هو تكديس أكبر قدر ممكن من المال . و كأنه في سباق مع الزمن كي يضمن مستقبل ألف جيل من أحفاده القادمين على جناح الحياة التي تعصف بمقدرات المدينة و ناسها . و عندما كان يطلب منه أحد المستشارين ، إن هذه الأموال التي تخرج من المدينة كفيلة بتحويلها إلى جنة من جنان الأرض وفيرة الغذاء و الحاجات لقاطنيها ، و ستكون العائدات إلى خزائنك أكبر و أكثر شرفا و أخلاقا..لكنه لم يتقبل أن يطرق أذنه مثل هذه الطروحات ، لأنه لو فعل ، كما يقترح مستشاره الخاص عليه ، لما وجد واحدا من شبان المدينة أن يتقبل أن ينحني عند قدميه ..و لم يجد من يُكلفه في مهام سرّية مضحيا بدمه في سبيله ..كان يقول : شبع القطعان لعنة على السادة ..و الجوع دواء الفقراء ..دعهم يجوعون لتسيطر عليهم ، مثل خراف في زريبة ، عندما تحتاج واحدا منهم ، يكفي أن ترسل من يسحبه ، من أذنه ، و يذبحه أضحية عند قدميك ..! كن سيدا كما تقتضي السيادة ..و إياك أن تفتح لهم المشاغل ، فينصرفون عنك ..هذا ما كان يردده دائما الأستاذ سعد الدين القحطاني الغارق في الثراء ، حتى مع أقرب الأقرباء إليه ، كما يقول لمن يطلب منه طلبا يشابه طلب قريبه المتفهم لنتائج سلوك الرجل مع مخزونه من المال . إذا لم يتقبل أن يعيد بناء المصنع الذي كان يضم الكثير من العمال المعيلين للكثير من الأسر ..كل ما كان يقوله بعد اغلاق المعمل : الاستراد من الصين أكثر ضمانا وربحا ، و العامل في بلادنا فاشل في الانتاج . و كم استشهد على قوله ، بعد رجاء خالته المريضة بالسكر ، و زوجها المريض بالقلب ، عندما طلبا منه أن يفتح معمل تريكو لنسج الكنزات لابنة خالته ساميا ، و بنات المدينة ، كي تتقي ساميا ابنتها ، و غيرها من الفتيات ، شرور أصحاب المحال التجارية التي تعملن بها في المدينة ، و مضايقاتهم الجنسية لهن . ساميا الخريجة الجامعية التي لم تجد عملا بشهادتها بعد تخرجها ، فراحت تشتغل في متاجر المدينة متحملة غلاظات أصحابها و عقدهم ، التي وصلت حد محاولات الاغتصاب مرارا و تكرارا . كل هذا لم يستجب له ضمير الأستاذ سعدو ، و لم يحرك في أخلاقه ساكنا ، و اكتفى بعبارة : ماذا يريد الانسان غير الحد الأدنى من الأكل و الشرب ..؟؟ إذا توفر ذلك ..كل شيء آخر هيّن و مريح .!هل من الضروري أن يكون كل الناس أغنياء يا جماعة .؟؟ غريب أمركم ..! حسدتمونا على تعب العمر و الشقاء ..؟؟ و عندما وبخه ابن خالته عبودي على موقفه من ساميا حبيبته الجميلة ، مستفزا رجولته بأنها لو استمرت تحت هذا الضغط المادي و الاجتماعي ستتحول إلى عاهرة تبيع جسدها ، زجره و هدده بالسجن لو كرر الأمر الوقوف في وجهه ، و أضاف : لتكن عاهرة ..كله عمل ، و بيع لطاقة الجسد كما يقول مستشاري الاقتصادي..! فشتمه عبودي و خرج غاضبا ، و لم يزر مكتبه بعد ذلك و أعلن الصراع معه علانية مشهرا به و بطروحاته غير الوطنية. و قد قال للكثير من أصحابه : إن هذا المعتوه سوف يحول المدينة إلى عاهرة تبيع كل قيمها ، حتى أغراض المطبخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد