الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط سامية .! الجزء الثاني .

ميشيل زهرة

2020 / 6 / 8
الادب والفن


قبل أن تبدأ الحركات في المنطقة ، مسحة من حالة ملائكية اجتاحت روح الاستاذ سعدو ، فراح يوزع بعض العطايا للناس ، و قد خص بيت خالته أهل ساميا بشيء منها ، إذا أرسل خالته و زوجها إلى المشفى على نفقته الخاصة. و لم يكتف بذلك و حسب ، بل عالج غيرهم أيضا على حسابه . و أصبح متواضعا جدا ، و قد ارتدى عباءة صفراء توحي بالتدين ، وغطى رأسه بمنديل مائل للصفرة يرخيه على جانبي رأسه كأذني تيس شامي . و كثرت زيارات التجار الكبار له ، و لم ينس أن يرفع بيتا من الشعر أمام بيته ، و قد بدأ بدعوة رجال الدين من كل الطوائف و الديانات إليه مقيما الولائم ، فأكثر من العطايا لهم ، مع مغلفات تحوي نقودا يضعها في جيوبهم ناشدا شهادات حسن سلوك منهم ، و لم يبخلوا عليه بذلك من خلال خطبهم بعد ولائم الغدوات الغنية بما لذ وطاب ، و راحوا ينبشون في تراثهم الديني عما يبرر سلوك الرجل : المؤمن القوي خير و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ..و إن الله خلق الناس فوق بعضهم درجات ...! و إن الحسنات تمحوا السيئات ..و لا تغضبوا أولي الأمر منكم ..! هذا ما عزز موقع الرجل ، وجعله يرفع أنفه شموخا ، و استعلاء ، و إحساسا : إنه لو اشترى رجال الدين لسجد القطيع تحت نعليه و تقبل عيوبه كلها ، لأنه أصبح قضاء و قدر هذه القطعان التي تطلب رضاه و التقرب إليه . رغم أن ثمة من يفهم توأميته من الأمير الديني ، دون أن يستطيعوا تغيير أي شيء في ذهنية الناس . ذات صباح دقت باب مكتبه ابنة خالته ساميا ، على أمل أن يستجيب لطلبها بأن يفتح مصنعا لكنزات الصوف في المدينة . فدخلت مكتبه رغم مقاومة حراسه لها و صراخهم في وجهها . فخرج ليمثل دور من يفتح بابه للناس دون حواجز ليسمح بدخول ساميا . و عندما علم منها ما تريد ، ابتسم لها ابتسامة صفراء كلون عباءته و منديله ، و وعدها بأن يقوم بإنشاء المصنع عندما تحين الظروف ، و إنه يُقدر ظرفها و ظرف خالته ، و زوجها المريض . لكن الأمر لا يتم بليلة وضحاها ، و إنه يبحث عن قطعة أرض ليقيم عليها مصنعه الذي سيجفف البطالة في المدينة . و قد قدم لها القهوة باحترام من يريد أن يخرج من موقف أحرجه . و ودعها ، و وعدها ببعض المساعدات لبيت خالته ، و أنه يتألم لأجلهم جدا . و خرجت ساميا على أمل أن يتغير الحال ، وتكون سيدة طاقتها ، و قيمها . ساميا التي أرهقها العمل في أكثر من مكان لكي تسد حاجات أمراض العائلة التي تتحملها وحيدة بلا سند أو معين بعد أن تزوج أخوها الوحيد و أنجب طفلين . هذا ما عقّد ظرف ساميا التي ليس لديها وقت فراغ لروحها ، فاعتذرت من حبيبها في لقاء أخير طلبت فيه أن يغض النظر عن علاقتهما ، لأنها لا تصلح أن تكون حبيبة لأحد ، لأن الوقت المليء بالعمل ، يلتهم جسدها و روحها ..! يوم ذاك بكى الحبيب ..و طرح المساعدة ..لكن ساميا رفضت ذلك بكبرياء شامخ . لكن الحياة لم تكتف بالضغط على ساميا و تحافظ على شموخ الفتاة عندما اشتعلت الحرب بعد الحراك المطلبي للناس و تحولت إلى صراع مدمر ..ذات يوم استيقظت الأسرة على ميكرفون المسجد ينبيء عن مقتل أخيها الوحيد ..لم يعذبها بكاء أمها و حسب ، و لا رحيل الأخ الوحيد ، و لا سقوط الأب مغشيا عليه من هول الصدمة عندما أخذوه ليتسلم جثة ابنه التي كانت مرمية في تابوت في شاحنة مع الضحايا ، كما لو أنها صندوق بندورة ..إنما شعرت أن الثقل عليها قد كان كجبل من صخر ..فمن سيتكفل بالأولاد ، و أمهم باطلة عن العمل ..؟؟ كل من راقب وجه ساميا اتهمها بأنها لم تبك الضحية ..بل كانت تعابير وجهها لا تفسر ..كان حزنها أشبه بغضب مترقب لمستقبل موحش . فكم يجب أن يكون عدد ساعات اليوم لكي تشتغل فيها كي تسد جوع أفواه جديدة انفتحت لتلتهمها .؟؟ فهل سيحولها الحدث لأنثى تركع لواقع ترفضه و ترفض الاستسلام له .؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير