الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية واستقلال المؤسسات في النظم الديمقراطية

حسن الشامي

2020 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في عالـم انـتشرت فيه الديمقراطية وثقافـة حقـوق الإنسـان وأصبحـت الشـفافيـة والمعـرفـة هـي المحرك الأسـاسي للتنميـة والازدهار, لا يمكن للنظـم السياسية أن تسـتمر في رفض مسـايرة العصر بتجاهلـها نشـر الديمقراطية في بلادها.
ومـع انتشار الديمـقراطيـة في العـالم بإيقـاع سـريع خـلال العقود القليـلة الماضيـة لم تتبقي إلا حكومات قليلة تمنع شعوبـها من اللحـاق والمشـاركة في التطـويـر الحـضاري في العالم حـولها.
من هنا نجـد أن بدايـة الطـريق الصحـيح لأية إصـلاحات سـياسـية تبـدأ بإعـمال مبـادئ الديمقراطية فهي حجـر الأسـاس في أي بنـاء مجـتمعي صـحيح.
ومع تعدد أشـكال الديمقراطية وتنوع تطبيقاتها إلا أن هناك مبادئ محـددة تميـز وتفـرق بين الحكـومة الديمقراطية والنـظم الأخرى من الحـكومات.
وهذه المبادئ تـدور حـول محـور واحـد هو أن الشـعب مصـدر السـيادة والسـلطات، وأن إرادة الشـعب هي الأسـاس الشـرعي الوحيـد لأي حـكومة, وان حـماية حـرية التـعبير لأفراد الشـعب هي الهـدف الأسمى الذي تلتزم به أية حكـومة.
وبالتالي فإن من أهم التـزامات الشـعب أن يمـارس حق الإشـراف والمراقبـة علي أعمال السـلطة التنفيذية عن طـريق المجالس التشريعية والقضاء والصحافة ومؤسسات المجتمع المدني.
ولتحـقيق ذلك يجب أن تتـاح للشعـب الوسـائل التي تسـمح له بتـبادل السلطـة ونقلها إلي غـيرهم, تحت إشراف القضاء، ودون إقصاء أو استخدام العـنف، وعن طـريق الأحزاب السياسية، واحترام حكم الأغـلبـية، مصحـوبا باحترام حقوق الأقـليات والأفـراد دون استـثناء، وفي نطـاق الاحترام الكامل لحـقوق الإنسـان.

حرية واستقلال القضاء :
إن استقلال القضاء (كمؤسسة من مؤسسات الدولة) واستقلال القضاة أنفسهم، يتصلان اتصالا وثيقا بحالة الديمقراطية في الدولة، وفقا لقواعد الديمقراطية والثقافة الديمقراطية في تشريعات الدولة وفي سلوك الأفراد حكاما ومحكومين.
وإذا كانت مهمة القضاء هي حماية الحريات والأرواح والأموال والأعراض من أي عدوان عليها بحياد وتجرد وإنصاف، فإن وسيلته في ذلك هي تطبيق القوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية، مما يستلزم أن تكون القوانين عادلة تستجيب لحاجات المجتمع، من خلال مجالس تشريعية منتخبة انتخابا حرا ومباشرا.
وغياب الديمقراطية لا يعفي القضاة من مسئولية التعامل مع القوانين الجائرة وفقا للمعايير الدولية متخذا من النصوص الدستورية والمواثيق والاتفاقيات الدولية أداة للحد من آثار هذه التشريعات.
ويجب علي القضاة العمل علي دفع استقلال القضاء والقضاة والانتصار لمبادئ الحرية والديمقراطية في عملهم.
وفي مصر لجأ القضاة – في كثير من الأحيان – إلي نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للحكم في قضايا أحيلت إلي المحاكم بنصوص جائرة فانتصر الحكم إلي نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وليس للنصوص التشريعية الوطنية باعتبار أنها نسخت بمقتضي التصديق علي الإعلان الدولي.
ولا يجوز التذرع بالظروف الاقتصادية أو الحروب أو احتلال أراضي الدولة للنيل من استقلال القضاء أو التعدي على حرية الإعلام أو حريات الأفراد إلا في نطاق ضئيل ولفترة محدودة وبتشريعات مؤقتة.
إن التنمية الاقتصادية وحل النزاعات الإقليمية لا يمكن له أن يتحقق علي نحو يتسم بالاستقرار والدوام إلا في ظل قيم الديمقراطية واستقلال القضاء وحرية الإعلام والمعلومات.
إن متطلبات استقلال القضاء وفقا للمعايير الدولية يستلزم تمكين القضاة من إنشاء تنظيماتهم سواء في شكل نقابات أو أندية أو روابط.
إن وجود ناد للقضاة مستقل تماما عن سلطات الدولة بما فيها سلطة مجلس القضاء الأعلى ولا يخضع في نشاطه إلا لجمعيته العمومية لأنه يوثق روابط الإخاء والتضامن بين القضاة ويسهل لهم سبل الاجتماع وتبادل الرأي فيما يعرض عليهم من منازعات ويؤدي إلي تراكم الخبرات والثقافة القانونية والقيم والتقاليد القضائية من جيل إلي جيل كما أنه يرعي مصالحهم ويدافعون من خلاله عن استقلالهم.
إن الخطوة الأولي والهامة في بناء أي قضاء مستقل تكمن في إنشاء تنظيم للقضاة بشرط أن يقوم هذا التنظيم علي أساس ديمقراطي ويتشكل مجلس إدارته بالانتخاب الحر المباشر من القضاة ولا يخضع علي أي نحو ولا بأي قدر لإشراف أو رقابة أي سلطة أخري وتكون السلطة الوحيدة عليه هي لجمعيته العمومية.

حرية واستقلال الأحزاب السياسية :
بدأت الأحزاب في الظهور بمعناها الحديث كتنظيمات سياسية في أواخر القرن التاسع عشر.
والحزب هو فريق أفراده يشتركون في مصلحة أو في مشاعر أو في الأيمان بقضية ومن أجل إيمانهم بمصلحة أو رغبتهم في خدمة هذه المصلحة أو في التعبير عن هذه المشاعر أو في تعميق سعيهم من أجل هذه القضية ينظموا أنفسهم وإذا حاولوا بهذا التنظيم أن يسعوا إلي السلطة فهذا يسمي حزب سياسي.
وعليه يكون تعريف الحزب هو تنظيم مجموعة من الأفراد أو المواطنين لخدمة مصالحهم أو مبادئهم من خلال السعي إلي الوصول إلي السلطة أو المشاركة فيها.
لذلك لابد من تقوية الصلات والروابط بين المجتمع المدني والأحزاب السياسية لمواجهة متطلبات أفراد الشعب ومصلحته ودعم العملية الديمقراطية في المجتمع.
وتحقيق استقلالية وفاعلية الأحزاب السياسية لتتمكن من إعداد وتحضير المساندة التشريعية التي ترسخ مصلحة الشـعب.
وتحديد الاحتياجات التنظيمية للأحزاب السياسية وكيف يمكن توجيهها إقليميا ودوليا بتبادل التدريب والخبرة في المجالات الحـزبيـة.
ومساندة الأحزاب السياسية لنشاط المجتمع المدني، ومساندة الأحزاب في محاولاتها تكوين برامج سياسية بديلة.
وضرورة التركيز علي النشء لتكون الديمقراطية أسلوب حياة وفكر وعلم بتفعيل وترسيخ مبادئها وتعميق مفهومها وثقافتها عبر آليات التعليم والتدريب والممارسة.
وتفعيل اهتمامات الشـباب ومشاركتهم السياسية, ودور منظمات المجتمع المدني في التركيز علي الشباب.

حرية واستقلال المجتمع المدني :
المجتمع المدني هو أحد المصطلحات الحديثة التي انتشرت خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت تمثل الضلع الثالث للتنمية والذي يشمل الجهات الحكومية والقطاع الخاص.
وينقسم المجتمع المدني إلي عدة تنظيمات وقطاعات وأشكال متعددة هي : النقابات المهنية والعمالية والأحزاب السياسية والنوادي الرياضية والاجتماعية والجمعيات والمؤسسات الأهلية والمنظمات والمراكز غير الحكومية وأفراد المجتمع.
لذلك لابد من مجتمع مدني مشارك بفاعلية في الإصلاح، من خلال بعض الخطوات التي يمكن أن تتحقق في المرحلة القادمة ومنها :
رفع القيود عن الجمعيات الأهلية وإعطاءها المزيد من الحرية في العمل في مجال حقوق الإنسان
وتنظيم برامج لنشر ثقافة الحوار مع الأخر واحترام الرأي المعارض داخل مؤسسات المجتمع المدني.
وإيجاد قنوات شرعية تتيح مساحة من الحوار والتفاهم بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.
والدعوة والترويج لمشروعات نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وإنشاء مؤسسات لنشر الديمقراطية لدعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجال الديمقراطية.
وتصميم مطبوعات وقصص مبسطة لتشرح قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان للأطفال وطلبة المدارس.
وتنفيذ مشروعات وتواجد ممثلين للمجتمع المدني داخل المجالس الشعبية والمحلية وجميع الوزارات والهيئات الحكومية وذلك لعرض آراء واقتراحات المجتمع المدني في القضايا المجتمعية ومراقبة الأداء الحكومي ورفع تقارير للمسئولين عن جميع القطاعات من اجل ضمان الشفافية والمساءلة ثم الإصلاح والتطوير.
وإعداد برنامج تدريبي لإعداد قادة للديمقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان التي نادت بها الأديان والقيم الديمقراطية الخاصة نسميها (الديمقراطية المسئولة) حتي نستطيع أن نحصد ثمار الديمقراطية "المساءلة والشفافية وحكم الأغلبية والحرية والمساواة ومشاركة المرآة والانتخابات النزيهة والتسامح والحوار مع الآخر.

رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة