الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سد النهضة الاثيوبي... سيناريو سد أليسو التركي

احمد البهائي

2020 / 6 / 9
السياسة والعلاقات الدولية


اصبح سد النهضة الاثيوبي بمشاهده واحداثه المتسارعة ، بات قريب من تكرار سيناريو سد أليسو التركي ، حيث قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بوضع حجر الأساس له في اغسطس من عام 2006 ، ذلك السد المقام على نهر دجلة ، وما الحقه هذا السد من اضرار بالغة بالعراق ، فقد فقدت العراق بفعل إنشاء سد أليسو التركي 50% من إيرادها السنوي الطبيعي من مياه نهر دجلة ، ومنه خرج وسوف يخرج مزيد من مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية من الاستخدام ، وتصحرت ومازالت تتصحر الاف الافدنة شمال ووسط وجنوب العراق .

قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ،في تحد واضح للقانون الدولى، ومخالفة لكل الاتفاقيات المبرمة، " إن ملء سد النهضة قرار لا رجعة فيه " .
حسب الدراسات المقدمة ، بسبب سد النهضة الاثيوبي ستفقد مصر ما يزيد عن 13 مليار متر مكعب في السنة من حصتها المقدرة 55 مليار متر مكعب ، وقد تتصحر اراضي زراعية شاسعة في مصر قد تصل الى 40% خلال عشر سنوات من مجموع مساحة الاراضي الزراعية التي تمتلكها مصر، كذلك من المؤكد ان يصبح السد العالي من صفحات التاريخ خلال 20 سنة ، ناهيك عن ارتفاع نسبة الملوحة ومستوى التلوث في منطقة الدلتا الى 2000 ملغ /لتر لتفقد تلك المنطقة خصوبتها في سنوات قليلة ، ايضا سد النهضة الاثيوبي المقام بتلك المواصفات سيحرم اعداد كبيرة قد يصل الى ربع سكان مصر من مياه الشرب وسيلوث مياه الشرب الباقية بسبب مخرجات مولدات الطاقة الكهرومائية الاثيوبية .
ومع ذلك مازلنا نسمع ان هناك مفاوضات واجتماعات ولقاءات مع الجانب الاثيوبي ، مع العلم ان كبار مسؤلي اثيوبيا يصرحون صباحا ومساءا ان قرار ملء السد اصبح حتميا وواجب النفاذ في منتصف يوليو القادم ، سواء في ظل مفاوضات او اجتماعات او مع عدمها ،هذا كله يؤكد ان اثيوبيا بتعنتها وتصلبها ، ضربت بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي وقعتها معها مصر ، وكذلك القانون الدولي لأحواض الأنهار ، والقانون الدولي الخاص بإنشاء السدود ، وخاصة ما جاء في المادة الثانية من "إعلان مدريد" عام 1911 المتعلق بقانون إنشاء السدود التي تنص على ما يلي :
* لا يجوز للدولة إقامة منشآت لاستغلال مياه النهر دون موافقة الدول "المتشاطئة" الأخرى وتمنع جميع التعديلات الضارة بالمياه.
* لا يجوز إنشاء المشاريع التي تستهلك كمية كبيرة من المياه.
* يجب على الدول المعنية تعيين لجان مشتركة دائمة لكي تتولى دراسة المشاريع المقترح إقامتها على النهر.
* كذلك ما صدر في عام 1966، فقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعاتها في هلسنكي مبدأ ينفي الانتفاع بمياه الأنهار الدولية من قبل دولة واحدة ما لم يكن هناك اتفاق بين دول الحوض النهري المعني في هذا الشأن.
* كذلك ما اقرته لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في عام 1973 ، ونصه ( إنَّ الدول المتشاطئة على النهر الدولي تستطيع استعمال المياه طبقاً لحاجاتها شرط ألا يسبب هذا الاستعمال ضرراً للدول الأخرى المشتركة معها في هذا النهر).
* ايضا توصيات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والذي عقد سنة 1992 الذي عقد تحت ما سمي إعلان "ريو"، حيث اعتمدت المبادئ الخاصة بالاتفاقيات الثنائية بخصوص الأنهار والمجاري المائية الدولية، وطالبت بأن يوضع في الاعتبار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 49/52، الصادر في 9/12/1994، وهذه القوانين تماثل القواعد الاسترشادية التي وضعها اتحاد القانون الدولي من حيث توفير مبادئ أساسية يمكن تطبيقها على بعض أحواض النهر وتمنح مجموعة القوانين الحديثة أفضلية واضحة لمبدأ الاستخدام "العادل والمنصف" على مبدأ الضرر الملموس
* كذلك اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية ، هي وثيقة أقرتها الأمم المتحدة في 21 مايو 1997 تتعلق باستخدامات والحفاظ على كل المياه العابرة للحدود الدولية، والتي دخلت حيز النفاذ في 17 أغسطس عام 2014، والتي من اهم بنودها : 1- مفهوم المجرى المائي الدولي ، 2 - الاستخدام العادل والمنصف للمصادر المائية ، 3- المسؤولية الدولية عن الإضرار بالغير، 4ـ التعاون والتفاوض بحسن نية.

أخيرا نقول :يشكل سد النهضة الاثيوبي بوضعه الحالي خطرا كبيرا على مصر، جميع الدراسات المقدمة تؤكد ان السد سيخفض الوارد المائي إلى قرابة النصف مع مرور الوقت ، و سيؤدي إلى إخراج مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية من الاستخدام في جنوب ووسط وشمال مصر، وتشريد قرابة نحو 20 مليون مصري من قراهم ، إضافة إلى الأضرار البيئية والتلوث وزيادة تملح المياه وتجفيف منطقة الدلتا ، وإيقاف منظومات توليد الطاقة الكهربائية المصرية التي على اساسها تم انشاء السد العالي ، كذلك ستصبح بحيرة ناصر التي تعتبر المخزون الاستراتيخي لمصر من المياه في خبر كان بعد تصحرها وتجفيفها بفعل سد النهضة الاثيوبي ،ليس ذلك فحسب ، اضرار سد النهضة لا تقتصر على المجال الاقتصادي والاجتماعي فقط ، بل له أثار بالغة الخطورة مرتبطة مباشرة بالتوجهات السياسية ، مع ذلك تجد ما تقدمه مصر وتقوم به من جهود في هذا الشأن لم تصل الى مرتبة " جهود الخطر" لمواجهة هذه الكارثة التي تهدد الامن القومي المصري،كلها جهود لم تخرج عن إطار الاجتماعات واللقاءات والتصريحات التي ساعدت مع الاسف الجانب الاثيوبي على تكملة بناء السد ووصوله الى المرحلة الاخيرة ، سد النهضة الاثيوبي يعتبرغير قانوني بموجب إعلان مدريد 1911 وبموجب مبدأ هلسنكي 1966 الذي ينفي مبدأ الانتفاع بمياه الأنهار الدولية من قبل دولة واحدة، ما لم يكن هناك اتفاق بين دول الحوض النهري المعني ،فترك السد بعد اختراق وانتهاك القوانين والاعراف الدولية ، يعتبر جريمة بحق القانون الدولي لأنها تتعالى وتنتهك وتلغي مبدأ "الاستخدام العادل والمنصف" و "مبدأ الضرر الملموس". لنتساءل لماذا لم تتقدم مصر بعد كل تلك الإنتهاكات ، وهو اقل ما يمكن ان تتقدم به بدعوى قضائية دولية ضد اثيوبيا في محكمة العدل الدولية، وخاصة اذا كانت المرجعية المستند عليها في هذه المحكمة هي " اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية لأغراض غير ملاحية" لسنة 1997،مع ذلك ما نخشاه ان تكون مصر قد تأخرت في هذا الشأن ، من ينظر الى ارض الواقع ، يعلم جيدا ، انه لم يعد هناك متسع من الوقت ، اثيوبيا عازمة وجادة في ملء السد بعد ان انتهت فعليا من مراحل بناءة ، فالامر جد خطير ،الامن القومي المصري لم يعد مهدد بخطر بل بكارثة كبري ، ألا وهي شريان حياة المصريين مياه نهر النيل ، يبدو من خلال التصريحات الإثيوبية أن أزمة سد النهضة سياسية في المقام الأول، وأن تصريحات اديس ابابا هي بمثابة رسائل للقاهرة تخضع للمعطيات الإقليمية والدولية،وعدم فهم فحواها والتأخر في الرد عليها والتعامل معها جديا قد يجعل أوراق نهاية الأزمة لن تكون بيد الحكومة الإثيوبية وقتها ستتعقد الامور، وقد تصل الى طريق مسدود ، هذا يجعلنا نتساءل من جديد،ونضع علامات استفهام بكل الالوان ، عن توقيت تصريح أثيوبيا في 19 مايو/أيار، بالاعلان عن بدء تشغيل سد النهضة بأنها ماضية في تخزين 4.9 مليار متر مكعب من المياه منتصف يوليو/ تموز القادم، وأن خطة بدء ملء السد في موسم الأمطار المقبل هى جزء من البناء المقرر دون الحاجة أن تعلم مصر والسودان بذلك ، اليس هو نفس توقيت اعلان تركيا أن أنقرة ستبدأ تشغيل واحد من ستة توربينات لسد إليسو، في 19 مايو،على نهر دجلة، جنوب شرقي تركيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ولى الامر
احمد مرسى ( 2020 / 6 / 9 - 16:58 )
من الواضح ان اولياء الحكم فى مصر البائسه من المؤسف يعانوا من الجهل والتخلف العقلى والغباء الحاد والبلاهه العقليه وذلك لتعاطيهم القاصر والغير مدروس فى امر حيوى هام كهذا

اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو