الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتجاج بالاستثناء

صادق العلي

2020 / 6 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حافظ المجتمع العراقي على ترتيبه المتأخر في قائمة مجتمعات العالم التي تعيش وفق خطط واستراتيجيات ومعطيات علمية مدروسة على كافة الاصعدة .
المعطيات المدروسة التي اقصدها هنا هي البحوث والدراسات التي تقوم بها الجامعات والمنظمات غير الحكومية ومراكز البحوث المتخصصة بكافة المجالات للوصول الى الحالة المثالية للنهوض بالمجتمع وبالتالي خلق رفاهية لمواطنيها من خلال وضع خطط واستراتيجيات التي هي نتاج تلك البحوث والدراسات.
عادة ما تكون هذه الدراسات والبحوث بمثابة مرجعية معرفية وعلمية سواءاً لاصحاب القرار السياسي والاقتصادي او لغيرهم من المهتمين بالشأن العام من اجل التواصل المعرفي الذي هو مطلب انساني على مر التاريخ وتكون في ذات الوقت القاعدة التي تستند عليها الحكومات بقراراتها طبعا بما يناسب استراتيجيتها هذا لا يعني عدم وجود استثناء او عدم وجود اناس مخالفين لهذه القاعدة ( البحوث او الدراسات ) ولكن الالتزام بقرارات الاغلبية هو شيء حضاري حتى وان كان مخالفاً لرغبات وتطلعات البعض الاخر وهذه ما تسمى الديموقراطية .
الامر مختلف تماماً في المجتمع العراقي فالاستثناء يكون هو القاعدة التي ينطلق منها المواطن والحكومة على حد سواء وهذا يرجع لعدة اسباب اهمها على الاطلاق هو السبب الديني والمذهبي او سبب اجتماعي وتاريخي يستندان للدين او المذهب ايضاً .
لا احد يستطيع الانكار بأن العقل العراقي يتعلق ويتشبث بالاستثناء لعدم قدرته على التعايش مع الاخير المختلف دينياً وتاريخياً وهو ما يجب ان يكون عليه المجتمع الطبيعي , ايضاً عدم قدرة المجتمع العراقي على التنازل عن ( الانفة والاعلاء الوهمي للذات ) تطبيقاً لنظرية العقد الاجتماعي1 التي طبقت بشكل جيد جداً وفي العديد من دول العالم .
هنا لابد من تقديم بعض الامثلة على التمسك بالاستثناء :
1-عندما نتحدث عن تدهر المنظومة الاخلاقية للمجمتع العراقي يقول احدهم ان ابي وامي اناس شرفاء ولم يسرقوا شيئاً ! القياس على الاستثناء .
2-عندما نتحدث عن تظاهرات الفقراء والمحرومين في الساحات العراقية يقول احدهم هناك اشخاص يشربون الخمر يقومون بأفعال مرفوضة ! القياس على الاستثناء .
3-عندما نقول ان الارهاب الاسلامي خاص بالمذهب السني يقول احدهم ولكنني لم اقتل اي شخص ولن انتمي الى عصابة او تجمع ارهابي ! القياس على الاستثناء .
4-عندما نتحدث عن الفساد الشيعي والكيفية التي دمروا بها العراق لسنوات وسنوات قادمة يقول احدهم لم اسرق شيئاً ! القياس على الاستثناء .
5-عندما نقول نحن مجتمع متأخر عن ركب الحضارة يقول احدهم لدينا اطباء مهرة وبعض طلاب حصلوا على زمالات ومنح دراسية من اعرق الجامعات العالمية ! القياس على الاستثناء .
نلاحظ هنا ان الذين يتجهون للاستثناء باجوبتهم او يحتجون به هم :
1-اناس بسطاء لا يمتلكون المخيلة الواسعة التي تمكنهم من تصور النسبة المئوية للاحصائيات والبحوث وبالتالي يقوموا بقياس ما يجري من حولهم عليه هو فقط .
2-اناس ذو اتجاهات مناهضة لما هو معقول او بتعبير ادق ان مصالحهم الشخصية تحتم عليهم تقديم الاستثناء على انه العام او الاغلب وان هذا الاستثناء هو كل ما يجري .
3-اناس يعرفون بالضبط انهم يستشهدون بالاستثناء ويقدمونه على انه المألوف وهؤلاء اضعهم في مرتبة اصحاب الخطط القصير او الطويلة الامد .
سوف تواجهنا مشكلة كبير في حالات خاصة لما تقدم هي سهولة تجنيد الانسان البسيط وطيب القلب دينياً او سياسياً ليكون اداة خطيرة جداً ضد ابناء وطنه اي تحوليه الى قاتل مجاني من اجل الدين او المذهب حينها لن يكون انسان ولا يمتلك قلب بالاساس .
الاكثر فتكاً بالمجتمع هو الاديب او الكاتب او الفنان الذي يستطيع التلاعب بالمصطلحات والالفاظ العلمية او الفلسفية من اجل تقديم احد السياسيين على انه الاستثناء وانه منقذ المجتمع من الضياع والفقر ايضاً الحديث عن فساد الاخرين كونهم القاعدة الفاسدة هذا كله من اجل الحصول مكاسب شخصية.
القياسات العلمية المعمول بها في جميع دول العالم تتم وفق احصائيات ونسب مئوية وليست عشوائية , مثلاً عدد المركبات الحديثة الى عدد المركبات القديمة او عدد الجرائم وانواعها والكيفية التي اتبعها من ارتكبها الى اخر القائمة المراد حسابها واهم ما تقوم به تلك الاحصائيات هو مراقبتها للاداء الحكومي فمن الموازنات الى المشاريع الصغيرة منها والكبيرة ايضاً الخطط والاستراتيجيات القصيرة والطويلة الامد طبعا بعيداً عن الولاءات الدينية والمذهبية لاننا لاحظنا بشكل واضح ان النقد الموجه لاي شخصية سياسية عراقية يتم التعامل معه على انه انتقاص من عائلة هذه الشخصية السياسة بمعنى اخر يتم الاحتجاج والرد على النقد بأنه عائلته قاومت الطاغية وانه اسلافه اشراف وهذا لا يغني ولا يسمن لان هذا السياسي هي فاسد بكل بساطة وهو لا يصلح للمنصب الذي يشغله .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,هوامش
1-نظرية العقد الاجتماعية وضعت من قبل توماس هوبز وعدل عليها جون لوك و جان جاك روسو وهي باختصار نظرية اجتماعية يقوم افراد المجتمع من خلالها باعطاء السلطة لل( حاكم او الرئيس ) كي يمثلهم ضمن نظام ديموقراطي على ان يضمن هذا الحاكم او الرئيس حقوق الجميع وفق القانون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية