الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط ساميا ...الجزء الرابع .

ميشيل زهرة

2020 / 6 / 10
الادب والفن


بعد اسبوع عادت ساميا إلى العمل ..استقبلها التاجر ، صديق سعدو ابن خالتها الحميم . و الذي تربطه معه علاقة مصلحة قوية . استقبلها بوجه ضاحك ، أحست أن ذلك الاستقبال يتضمن في جوهره الانتقام و الشماتة بكبريائها القديم الذي كان يسحقه ، ويتحين الفرصة للإيقاع بها ، و بشموخها الذي يأبى أن تشتغل سكرتيرة لأحد ، حتى في مكتب ابن خالتها سعدو الذي عرض عليها العمل في مكتبه مرارا . ابتسمت له ابتسامة من تفهم ما يريد ، ولم يكن ذلك غامضا عليه . فهيهات عنده كل النوايا التي بداخل ساميا ..كل ما يريده لها أن تسقط في فراشه مثل شاة ذبيحة كما يفعل مع الفتيات المحتاجات للعمل ، و بعد أن يأخذ حاجته يرميهن للشارع ، و يبحث عن أخريات تدفع بهن الحاجة للعمل و السكوت عن أفعاله مجبرات. أنت ستكونين سيدة مكتبي يا عزيزتي الجميلة .! قال لها .. و لم تعنه نظرتها الكاشفة التي أطرقت بعدها أرضا . موافقة .! قالت ، و تسلمت عملها الجديد الذي سوف يكون الدرجة الأولى على سلم السقوط . لم تفكر ساميا في مسألة أن يكون السقوط بملء الإرادة ، أو بالإكراه ، لأن التخوم تلاشت ، و أصبحت غير مهمة..المهم أن تضحي بذاتها من أجل من بقي خلفها ينتظر عودتها محملة بما يحتاج من في البيت من مرضى و أطفال أيتام . في كل يوم كانت تعود إلى البيت كئيبة مجهضة . لكن فرحا عميقا كان يعزيها : إن الأطفال سعداء ..و الأم تصلي لها صلاتها اليومية كي يمد الله في عمرها و تكون سندا للعائلة ..و لكن عندما تكون الأم وحيدة في المطبخ في غياب ساميا ، كانت تبكيها بملء كيانها . و عندما يضبطها الأب مع آلامها ، يبكيها بملء قلبه المريض ..لا شك أن الأم و الأب كانا يعلمان بما حدث و لم يبوحا به ، و لم يوجها لها ملاحظة تشعرها بالخسارة العظمى التي خسرتها في سبيل العائلة . شيء ما تغير بشكل صارخ لم يعد يخفى على أحد من سكان الحي . كل من في الحي اشتغل ذهنه بنسج الحكايا و القصص في حول ساميا الشهيرة في حيها . رغم حزنهم على جمالها و آلامها الواضحة المعالم..لكن ساميا لم تكترث بأحد . و لم يكتف ذلك التاجر الذي تشتغل عنده ، بأن يلتهم جسدها لوحده ، بل عرفها على مجموعة من التجار الكبار في الفندق ( الكبير ) في المدينة ، و اتسعت دائرة معارفها ، و لم تعترض على ذلك ، لأن في قناعتها : من تسقط مرة عليها أن تكمل دربها ، لكن ما فاجأها أكثر من كل تجاربها ، أن يكون أحد الزبائن ابن خالتها سعد الدين القحطاني . و عندما عاتبته : إنه سبب سقوطها ، قال لها : لو كانت كل النساء مكتفية لما وجدنا عاهرة نتسلى معها في آخر الليل نحن تجار المدينة الذين نعمل ليل نهار في خدمة الناس و نوفر لهم حاجاتهم ..ثم ، لم الحزن و الألم يا ساميا ؟؟ كل الناس هكذا ..أليس عاهرا من يبيع طاقة جسده في مصنع ..؟؟ إذا كله بيع للجسد..هكذا قال له مستشاره الاقتصادي .! بكت يومذاك بحرقة ..بكت ذاتها وكل من سقطن تحت ضغط الحاجة بملء تاريخ الأنثى المقهورة في هذه البلاد..! و لم يخف عليها أنها أصبحت طعما لصفقات بين التجار ..يعقدون في الفندق ، الأكثر شهرة في المدينة ، الصفقات على ضياع شرفها الذي هدره أولئك الراكضين خلف الثراء . شيء ما وحيد كان يؤرق ليلها عندما تذهب إلى البيت ، ألا يكون هناك مدى لبيع جسدها المنهك بالوطء من أجساد ذكور لا يعرفون معنى الحب ، و لا تعنيهم الأنثى غير قارورة لتفريغ حثالاتهم فيها . فهل في قادم الأيام سترى ساميا في سريرها أناسا تستطيع تتحمل روائح أجسادهم النتنة ، و عفن أفواههم القذرة التي تشبه ضفدع منفقئة عندما يلعقون جسدها الذي كان يحلم ، مع روحها ، بحب عميق للحبيب الذي لم يصدق أن ساميا تركته و تخلت عن حبها له ، و لم تنقطع زياراته لها في بيتها معلنا حبه لها رغم كل ما حدث لها و لعلاقتهما. هذه المشاعر المرهقة التي تحول ليلها لكوابيس مرعبة تجعلها تستيقظ و تجلس ، بعد أن تطفيء الأضواء ، في المطبخ وحيدة تعاقر الخمرة في ليلها ، و تدخن بشراهة كأنها تنتحر ، هربا من خوف يلاحقها : إن القادم سيكون أكثر بشاعة ، و سقوطا مما هي فيه . فهل ستكون الأيام القادمة أشد قتامة على الروح التائقة لمنقذ يخلصها من هذا الجحيم الذي يمتص نسغ الروح و الجسد .؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما