الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاوضات سحب القوات الامريكية من العراق

مالك جبار كاظم

2020 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة في كتاب مفاوضات سحب القوات الأمريكية من العراق عام 2008 للدكتور محمد الحاج حمود,كثير منا اطلع على بنود الاتفاقية الامنية التي ابرمت بين الجانب العراقي والجانب الامريكي ابان حكومة المالكي .
يبدو أن المصاعب والمشاكل الكبيرة التي تعرضت إليها القوات الأمريكية بعد عام 2003 بسبب تفاقم الأعمال الإرهابية واقترانها بغياب الأمن في مختلف المحافظات العراقية،واستعمال القوات الأمريكية للعنف والقتل أزاء المواطنين العراقيين الأبرياء ، فضلاً عن إزدياد حجم الخسائر المادية والبشرية التي تعرضت لها القوات الأجنبية خلال الأعوام 2006 – 2007 قد دفعت السلطات الأمريكية الى تخفيض حجم القوات الأمريكية ، كما أن توجه الرئيس اوباما نحو إتخاذ القرار حول الأسراع بسحب القوات الأمريكية من العراق قد دفع السلطات العراقية نحو المطالبة بإعتماد سحب القوات الأمريكية على إسلوب منظّم يقترن بعقد اتفاقيتين بين الولايات المتحدة والعراق ، الأولى تتناول تنظيم اسلوب سحب القوات الأمريكية من العراق والثانية تتناول اسلوب التعاون الأستراتيجي بين هاتين الدولتين .
وبعد تبادل رسائل التشاور حول هذا الموضوع بين كل من العراق والولايات المتحدة الأمريكية ، ومنظمة الأمم المتحدة في الوقت ذاته . تقرر تشكيل وفد عراقي برئاسة الدكتور محمد الحاج حمود ووفد أمريكي برئاسة بوب لوفنتز للقيام بعملية التفاوض ، وعقد الأجتماع الأول فيما بين هذين الوفدين بتاريخ 11/3/2008 .
وفي تاريخ 30/6/2008 قدم الوفد العراقي مشروعاً متكاملاً للإتفاقية يتضمن كافة بنود الأتفاقية وقد إشتمل هذا المشروع على 25 مادة ، أخذت بنظر الأعتبار ما هو سائد في الأتفاقية الدولية المطبقة فيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى ، إضافة الى مراعاة مصلحة العراق وسيادته على أراضيه والقوانين العراقية النافذة ، وبعد إنجاز جولتين من المفاوضات حول هذا المشروع توصل الطرفان الى إقرار النص النهائي لإتفاقيتي (إنسحاب القوات الأمريكية من العراق وكذلك إتفاقية التعاون الأستراتيجي فيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة العراقية) ونشرت بنود الاتفاقية في كافة وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للاطلاع عليها .
وبعد إكتمال التفاوض بين الوفدين المذكورين تم عرض قانوني الإتفاقيتين المشار إليهما على مجلس الوزراء ومجلس النواب وبعد مناقشتهما حصلت الموافقة عليهما بتاريخ 1/1/2009 ودخل الإتفاق حيز التنفيذ بتاريخ 1/1/2009 بعد نشره في الجريدة الرسمية ، وانسحبت القوات الأمريكية المقاتلة من المدن العراقية بتاريخ 30/6/2009 بينما انسحبت هذه القوات كلياً من العراق بتاريخ 31/12/2011.
يعتبر هذا الكتاب وثيقة دبلوماسية مهمة تتناول بالدراسة المفصلة واحدة من الأحداث المهمة والخطيرة في تاريخ العراق المعاصر. لكنه توجد بعض الملاحظات حول بعض القاضايا التي لم يتناولها مؤلف هذا الكتاب بشكل واضح :
الأولى : حول تعويض الأضرار الجسيمة والمخاطر الكبيرة التي سببتها القوات الأمريكية للعراق والعراقيين خلال فترة الإحتلال ، والتي تضمنت مقتل وجرح عدد كبير من المواطنين العراقيين الأبرياء ، وتعرض الكثير من المنشآت العراقية الى الدمار ، وتوقف عجلة التطور الإجتماعي والإقتصادي في العراق خلال فترة الإحتلال . وقد أشار المؤلف في كتابه هذا الى أن القوات العسكرية المحتلة مسؤولة عن ضمان الأمن والإستقرار خلال فترة إحتلالها ، وهي كذلك مسؤولة عن تعويض الأضرار التي تحصل من جراء إحتلالها لأراضي الغير وفقاً لمبادئ منظمة الأمم المتحدة ، وهنا يُثار السؤال :
هل ينبغي المطالبة بتـعويض الأضـرار الجسيمة التي سببتها القـوات العسكرية الأمـريكية للعـراق والعـراقيين ؟ ومَن ينبغي أن يقوم بذلك هل هي السلطات العراقية أم المواطنين العراقيين ، ومتى ينبغي أن يحصل ذلك ؟
والموضوع الثاني حول جوانب التعاون والدعم الذي تضمنته إتفاقية التعاون الإستراتيجي للعراق والعراقيين من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي أشارت الى جوانب متعددة ومتنوعة في المجالات الإجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والثقافية والصحية والأمنية ، لكن ما حصل في الواقع منذ عقد الإتفاقية وحتى الآن ضئيل وضئيل جداً .
والسؤال : لماذا لم تستغل هذه الإتفاقية لتعويض الأضرار الجسيمة التي تعرض لها العراقيون خلال فترة الإحتلال ، وكيف ينبغي إستغلال تلك الإتفاقية في المستقبل ؟
والموضوع الثالث: ألا ينبغي إعتبار إسراع القوات الأمريكية من العراق هروباً من المشاكل والمصاعب التي كانت تعاني منها أحد الأسباب التي تقف وراء سيطرة داعش على مساحات كبيرة من الأراضي العراقية بسبب عدم إقتران ذلك الإنسحاب بالتسلّح والتدريب الضروري للقوات العسكرية والأمنية العراقية ؟
وأخيراً هل يعني هذا النموذج من الإنسحاب الكلي والسريع للقوات الأمريكية من العراق تنازل الولايات المتحدة الأمريكية عن أهدافها ومصالحها في العراق التي من أجلها خاضت هذه الحرب الضروس ، وتعرضت من جرائها الى تلك الخسائر الفادحة بالأموال والأرواح ؟ أم أنها فضلت الإعتماد على نموذج جديد للتدخل في الشؤون العراقية لضمان مصالحها عندما تقتضي الضرورة ، وذلك عن طريق العدد القليل من قواتها المتواجدة حالياً في العراق لتدريب العراقيين ، وما يتواجد من أعداد كبيرة من الأمريكيين المدنيين والعسكريين داخل السفارة الأمريكية في بغداد والتي تعتبر أضخم سفارة أمريكية بُنيت في العالم وكذلك بالإعتماد على القواعد والقوات الأمريكية المنتشرة في منطقة الخليج العربي بأعداد وإمكانيات عسكرية كبيرة والتي من الممكن إستدعائها عند الضرورة ؟
وهل يمكن الاستفادة من كل هذا في المفاوضات المزمع أجرائها خلال شهر حزيران الجاري على خلفية طلب الحكومة المستقيلة لعادل عبد المهدي في اجراء مفاوضات جديدة للتعاون العراقي الامريكي, اثر الاحداث الاخيرة التي تسببت في قصف عدد من المواقع العسكرية للحشد الشعبي , والاعتداء الغادر في مطلع كانون الثاني لسنة 2020 والذي اسفر عن استشهاد (ابو مهدي المهندس معاون رئيس هيئة الحشد الشعبي والفريق قاسم سليماني قائد فيلق القدس والتي كان فيها الاخير بزيارة الى العراق) مما دعى البرلمان العراقي الى عقد جلسة والتصويت على انسحاب القوات الامريكية من العراق ,والتي بانت ملامحها في اعداد الفريقين المتفاوضين رغم الغموض والتشكيك الاعلامي والسياسي من جانب الفريق العراقي المفاوض,الذي وصف بغير المتكافئ مسبقاً وعدم قدرته في خوض تلك المفاوضات والتأثيرات السياسية المتنوعة التي من جانبها قد تكون حجر عثرة امام المفاوض العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد