الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الناصر .. الهزيمة وآثار العدوان

رضي السماك

2020 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ها هي خمسة عقود ونيف تمضي على حرب يونيو / حزيران 1967 ( 53 عاماً تحديداً ) والتي أنتهت بهزيمة ثلاثة جيوش عربية ( مصر وسوريا والأردن ) أمام الجيش الأسرائيلي في ستة أيام فقط ، و تمخضت عن احتلاله شبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية ، وهضبة الجولان السورية ، واستكمال احتلال فلسطين بقضم الضفة الغربية لنهر الأردن والتي التي كانت في عهدة الأردن . عملياً حُسمت الحرب لصالح إسرائيل قبيل ظهيرة اليوم الأول الخامس من يونيو / حزيران بعد تمكن سلاحها الجوي من تدمير 80% من المقاتلات المصرية وهي جاثمة في مطاراتها العسكرية . ورغم مضي أكثر من نصف قرن على الهزيمة ؛ مازالت مفاعيلها تلقي بظلالها الكئيبة وتداعياتها الخطيرة على مستقبل الصراع العربي - الأسرائيلي ، والقضية الفلسطينية بشكل خاص ، حيث تعاظمت مكاسب العدو منها بصورة لا مثيل لها منذ وعد بلفور 1917 . ومن ثم فإن آثار العدوان ما برحت مستمرة . والحال ما كان الرئيس المصري والزعيم العربي جمال عبد الناصر جاداً لخوض حرب يعلم جيداً بأنها ستكون غير متكافئة ولصالح العدو الأسرائيلي ؛ لولا أنه اُستدرج إليها وعجز عن تفادي الوقوع في فخها والخروج منه بما يحفظ ماء وجهه وكرامته كزعيم وطني وقومي بلا منازع ؛ فقد أدعت موسكو وسوريا البعثية التي تربطها معاهدة دفاع مشترك مع مصر وجود حشود اسرائيلية على حدودها مع إسرائيل وأرسل عبد الناصر واحداً من أخلص وأكفأ رجاله -الفريق عبد المنعم رياض - لاستطلاع الأمر في طلعة جوية بصحبة فريق من كبار أركان القيادة السورية فتبين بأنها كانت حشوداً روتينية عادية !
وعاد " خايب الرجا " شمس بدران وزير الحربية من زيارة له لموسكو الحرب ليلتمس منها دخولها الحرب عسكرياً إلى جانب القاهرة حال ما شنتها إسرائيل عليها ؛ عاد بخفي حنين مدعياً حصوله على مثل ذلك الوعد ! وما كان ذلك سوى وهم نسجه خيال رجل غير سياسي محترف ولا قائد عسكري كفؤ ، وقد وثّق السفير المصري مراد غالب وقائع مباحثات بدران مع القادة السوفييت التي تكشفت له خلالها مأساة بلاده بإقدامها على مغامرة خوض حرب مصيرية تحت قيادة مثل هذا الوزير الذي يصلح لكل شيء إلا أن يكون وزيراً للدفاع . والمصيبة الكبرى أن الزعيم عبد الناصر وثق قبيل الحرب بأيام معدودة في ادعاء صديقه المشير عبد الحكيم عامر ، الذي وقف إلى جانبه في صراع ضباط مجلس قيادة الثورة على السلطة فيما عُرفت " أزمة مارس 1954 " ، بأن الجيش على أهبة الاستعداد لخوض الحرب وسيحسمها لصالحه ؛ والغريب تصديقه إياه رغم علمه بأن هذا " الصديق " كان رمزاً لفساد قيادة الجيش ، ورغم إطلاعه استخبارياً بأنه كان حتى قبيل الحرب غارقاً في ملذات الحشيش والجنس مع نجمة الاغراء السينمائية برلنتي عبد الحميد وغيرها من النجمات ؛ ورغم علمه أيضاً بأنه كان بطلاً لهزيمة حرب 1956 العسكرية حتى مع خروج عبدالناصر منها بأكليل الانتصار لفشل العدوان سياسياً واضطراره للإنسحاب من سيناء لاحقاً ، حتى وجد نفسه ومتوجاً بتاج الزعامة القومية على امتداد الساحة العربية .
أكثر من ذلك فقد فشل المشير بعدئذ في اكتشاف مؤامرة الانقلاب العسكري على الوحدة المصرية - السورية وهي في مهدها قبل نجاحها في أواخر سبتمبر / أيلول 1961 واالذي خطط لها مدير مكتبه في دمشق الجنرال عبد الكريم النحلاوي .
ولتكتمل فصول مسرحية ملهاة هي من جنس " الكوميديا السوداء " لنكسة حزيران بفعل مواريث مفاعيلها المتجددة ؛ مات الزعيم الذي رفع شعار إزالة آثار العدوان ، ويقصد بها احتلاله سيناء فقط ، بعدما كان يرفع شعار تحرير فلسطين الممثلة ؛ نقول مات دون إزالة آثار عدوانه في سيناء وذلك بعد أن استلم السلطة نائبه اليميني أنور السادات الذي راهن على سلة الأميركان وعقد مع إسرائيل برعايتهم صفقة كامب دافيد التي بموجبها اُعيدت سيناء لمصر منقوصة السيادة . وعلى الجانب الفلسطيني فإن من وصفها عبد الناصر بأنبل ظاهرة جاءت بعد النكسة " المقاومة الفلسطينية المسلحة " فقد أثبتت قيادتها بامتياز بأنها كانت ومازالت للأسف منذ انطلاقتها غير جديرة بالأمانة على قضية شعبها ؛ بل مخيبة للآمال في تمثيل وقيادة شعبها متخبطة في وسائلها النضالية من أقصى اليسار ( الكفاح المسلح )إلى أقصى اليمين بالمراهنة على اتفاق اوسلو والمفاوضات وهي مجردة من كل أوراق القوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال