الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط سامية ..الجزء الأخير .

ميشيل زهرة

2020 / 6 / 11
الادب والفن


ذلك الفندق الكبير ، كان كجحر الضباع في شعور ساميا . و لم يغب عن ذهنها معنى أن يهتم بها صاحب الفندق كل هذا الاهتمام ..ألم يكتظ فندقه بالزبائن الغرباء الذين يحملون محافظهم المليئة بالمال كي ترمى على طاولات القمار ، و على طاولة ( البارمان ) في الفندق ؟..و التجار الكبار ، و الصغار ، في المدينة الذين اشتغلوا سماسرة لجسد ساميا ، فجلبوا لها كل من يدفع لهم بسخاء عندما يقنعون ساميا بدخوله إلى فراشها الذي أصبح حلم كل مغامر . في أحد الأمسيات جلب لها أحد القوادين رجلا غريبا محملا بالهدايا التي رماها عند قدميها . لكن ما لفت نظرها ذلك الخلخال الذهبي ذات السلسلة لرسغ قدمها اليمنى . و قد أصر أن يضعه في قدمها بيديه تذللا لها و لجمالها . لكن عربيته المتكسرة جعلته يستعين بيديه و تعابير وجهه لكي يرسل إلى ساميا مشاعره تجاهها ..كل ما فهمته منه في النهاية أنه يرغب في ضمها إلى حريمه في الحرملك ..خرج و هو في غاية الأمل أن توافق ، بعد أن ترك لها إشارة أن ترسل له مع القواد موافقتها أو رفضها ..و لم يمض وقت طويل حتى دخل قواد آخر يحمل على لسانه رسالة من ثري آخر لا يتكلم لغة ساميا ، فحياها الرجل بسلام المسلمين . لكنه قد لفظ العين ألفا ، و مطّ المسافة بين الكاف و الميم قليلا ..من المدهش أن يحمل لها توأم الخلخال الذي أهداها إياه الذي قبله ..جلس قبالتها و وضع الخلخال في رسغ قدمها اليسرى ..و عندما نظرت ساميا إلى قدميها ، رأت أن قيدها قد اكتمل . ذلك الشعور المرير جعلها تجهش في بكاء مرير ، جعل القواد يقتحم الغرفة ليستطلع الخبر ..و عندما قرأ الوجهان ، و إن لا شيء خطر في الأمر ، ابتسم ابتسامة تآمرية ، و خرج و لم يعد . ما أدهش ساميا أن هذا الزبون ، و الذي قبله ، طلبا منها ، قبل النوم في فراشها ، ترديد عبارة لها موقع مقدس في ثقافتهما لتبرير الفعل الجنسي ، و إلا سيعتبر الفعل زنى في ثقافتيهما..لكن ساميا ضحكت بهستيرية من الطلب بعد أن أشارت للزبون السخي أن يكف عن ذلك السخف فهو في مكان مدنس لا يتقبل ذكر القداسة ..! ابتسم لها ، و غنى لها أغنية رومنسية ، من تراثه القديم ، أطربت ساميا . لكن آلاما روحية مبرحة ، جعلتها ترغب ، بعد الهدايا الأخيرة من الذهب الخالص التي وضعت في قدميها ، أن تتوقف عن العمل لذلك الليل . فخرجت لتستطلع عدد الزبائن في بهو الفندق ، بعد أن نادت أحد القوادين ، الذي عرفها عليهم . كانوا بعيون زرقاء جميلة ، شقر البشرة ضخام الأجسام ، و ابتسامتهم عريضة فيها اشتهاء و رغبة في الاستيلاء ، و قد أرسلوا لها رسالة مع القواد : إنهم مستاؤون من تسليم جسدها للرجلين السابقين الذين أهدياها القيدين ..و إنهم يحملون لها ما هو أجمل من السلاسل الذهبية المرصعة بالزمرد و الياقوت التي سوف توضع في عنقها الجميل .! و لم يكتفوا بالرسالة التي أرسلت مع القواد فقط ، بل تقدم كل منهم بدوره و وضع هديته في عنقها و فوق صدرها الرائع الجمال . شعرت باختناق جعلها تدرك أنها في هذا اليوم ، في سقوط لا يشبهه سقوط قبله. و لكن ليس بوسعها أن ترفض لأن لا خيار لها ..في الصباح الباكر قال لها القواد : السيارة الفارهة تنتظرك عند باب الفندق ..! رفضت ركوب السيارة و أحبت أن تسير في شوارع المدينة على قدميها ، و لأول مرة ، كي تشم رائحة الندى ، و الورود المتدلية عن جدران بيوت المدينة ..و عندما خرجت من بوابة الفندق ، و قد سيطر عليها إحساس من خرجت من مغارة الوحوش التي التهمت جسدها ..لكن ما رأته ، في نهاية الشارع ، جعلها تشهق فرحا ، لأن حبيبها القديم كان يقف ، تبدو في ملامحة رغبة التقدم منها فتجاهلته و مشت في الشارع المؤدي إلى الحي الذي تقطنه مع أهلها ..صخب حدث في الشارع جعلها تلتفت خلفها ..جماعة من الفتيان يتقدمهم الحبيب ، يغنون لها أغنية عشق.! سؤال وحيد انقض على وعيها ، يستفسر عن سر أن يضمر أولئك الشبان لها الحب و هم على علم بأنها ساقطة ..! أليس من الأجدر بهم أن يغنوا لها أغنية فاجرة .؟ غليان في الروح جعل دموعها تنهمر على وجهها ، فشوهت مكياجها و فتحت فيه مسارات و ألوان اختلطت في بعضها فرسمت خرابا و دمارا في الوجه الجميل .! أخرجت من محفظتها مرآة صغيرة و مسحت ما يمكن من ألوان وجهها المختلطة بدموعها . يرتفع الصخب خلفها قبل أن تصل منزلها ..أعداد كبيرة من الناس تردد ، معا ، أغنية عشق حزينة لها : نحبك يا ساميا الجميلة ..! وما زالت الحشود تتكاثر ، و تتوافد من كل الأحياء ، خلفها ، معلنة حبها لساميا الحسناء التي يعشقها الجميع . فهل غيرت تلك الجماهير ثقافتها في رؤيتها لساميا و العالم .؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا