الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكذيب الكتب في صدقها!

حسن كله خيري

2020 / 6 / 11
كتابات ساخرة


كثيراً ما كنتُ أقراء في الكتب المدرسية في مختلف المراحل الدراسية التي مررتُ بها عن أن الشعب هو أساس الملك وصاحب القرار وفي كل شيئ، وأن الجماهير الكادحة والحُرة هي ضمانةٌ لحماية الدستور والذي تم كتابته باسمه، حتى أن جميع المحاكم تبدأ النُطقَ في أحكامها بحق المجرمين باسم الشعب والجماهير.

كنتُ أقراء كثيراً بأن الملكية المرافق في المدن والأرياف، التي تجهزها الدولة هي للشعب تحت مسمى المرافق العامة وهذه العبارة كانت مثل شعار يومي مكرر يتم قرائته على مسامعنا بأن أعمال الدولة كلها لأجل شعبها، وأن الرئيس والحكومة والموظفين باختلاف درجاتهم وبمختلف وظائفهم هم في خدمة وتحت تصرف الشعب بدون منازع.

عندما بدأ الربيع العربي في تونس ووصل الربيع إلى الجمهورية العربية السورية، وثار الشعب الذي انحرم من أبسط حقوقه التي حولها بعثيوا آل الأسد إلى ملكية خاصة لهم ومزارع كل واحدٍ منهم يجني محصوله من الخيرات لنفسه، طبعاً وهم متسترون على بعضهم البعض، الشعب الذي طالب بتوقيف توريث السلطة في سوريا، بتوزيع الثروات، إحداث التغيرات السياسية، الفكرية، الاجتماعية، الثقافية، وأن يتم توقيف عن تداول اسم الأسد ( الكبير ونسله ) في إطلاق على الأماكن.

لكن حين قامت الجماهير كذبت الكتب لأن القائد دعس على مضمونها، وحول الوطن إلى مزرعة بإجرامه وبمساعدة رهطه من المجرمين وكل الشبيحة، حول سوريا التي كان يتغنى بها في مضمون فكره الغربي، الإصلاحي، التطويري والتحديثي إلى الجمهورية التدميرية الأسدية.

الجمهورية الأسدية ذات "الملكية الشعبية" الشعار الفارغ هذا، أصبحت في فترة التحول إلى مكب لأجندات الأرهابية، وضرب بعثيوا السلطة والفتات القذرة مضمون الدستور الذي تغنوا به طوال أربعة عقود من الكذب والخبث، بأنه لم يكتب بأيادي الخارجية والمعادية التي تحارب مسيرة التطوير والتحديث في فكر القائد العميل، القائد الأعلى للدمار والتهجير الذي أوصل فكرته بأنه يستطيع نزع هذه الملكية متى ما شاء وكيفما يريد، وتحولت المدارس إلى زوايا للطم وللضرب، وأصبحت كل صفحات الكتب كسواد عمامة مرشد الأعلى، وتحولت المخابر إلى معامل لتعبئة البراميل المتفجرة بشظايا الحقد على الحرية.

في قمة وصول الجماهير إلى نشوتها وهي ترفع أصابعها في وجه عقودٍ من الكذب والضحك، وحين قرر المندسون النيل من أفكار القائد ورميها في المزابل خرج المتشددون من أوكارهم وأعادوا فتح المدارس وزادوا السواد سواداً، اغتصبوا الكتب مثلما أغتصبها قائدهم الدمى قراطي _ حيث تغلب التلميذ في كثير من المرات على الأستاذ في تأليف الكذب وسيناريوهات مسلسلات الوطنية، حب الوطن ومعاداة من يريد فصل الوطن عن بعضه، وسموا كل الجماهير بالكفار والمرتدين الذين يريدون حجب أسم الله من الأرض، منطق الأرهاب الذي يريدون إحيائه تحت ستار الذقن والعمامة.

فالملكية الشعبية التي قرائتها في الكتب بقيت في الكتب ولم تخرج أبداً حيث الحبر الذي طبعت به كانت خسارة مادية ومعنوية، وكانت هجوماً عنيفاً على الشعب الذي لم يرى أملاكه أساساً تُسلب منه مرة أخرى، وأصحبت الديمقراطية، التعددية، ملكية الشعب، الدستور، حب الوطن و محاربة من يريدون النيل منه أكذوبة العصر في وطنٍ تشدق مجرموه بالبراءة ووقوف مع الإنسان والحقوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن