الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سد النهضة ولحظة الحقيقة!

أحمد بهاء الدين شعبان

2020 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان





كنت قد بدأت الأسبوع الماضى المقال الأول من سلسلة مقالات تحاول استقصاء الجذور العميقة للعنصرية في الولايات المتحدة، غير أن إحساساً داهمني، بإمكانية تأجيل المقال الثاني من هذه السلسلة هذا الأسبوع، فالأمر، عموماً، ستستمر تأثيراته وتوابعه لفترة طويلة، ولن يُضيره هذا التأخير المحدود، لأن طارئاً جدَّ، يتعلق بقضية "سد النهضة"، ينبغي التنبيه إليه، ولا يحتمل التأجيل!

كان قد شاع تفاؤلٌ حذر في أوساط كل المعنيين بالقضية، وهم ـ فى واقع الأمر ـ جميع المصريين باستثناء مرضى العقل والضمير من جماعة "الإخوان" وأشياعها، جرّاء التحول الإيجابي في الموقف السودانى، والذى تبدّي فى مُذكِّرة الحكومة السودانية المُقدمة مؤخراً إلي "مجلس الأمن"، والتي طالب السودان فيها بـ: "حث جميع الأطراف على الامتناع عن اتخاذ أى إجراءات أُحادية قد تؤثر علي الأمن والسلم الأقليمي والدولى"، وشددت المُذكِّرة على ضرورة الامتناع عن التسبب فى أخطار جسيمة للدول الأخرى، والاتجاه للتسوية السلمية للنزاعات.

وساعد في إشاعة هذا التفاؤل لدي الكثيرين أن السودان كا قد رفض قبل تقديم مُذكّرته مُقْتَرَحاً أثيوبياً (خبيثاً) بتوقيع اتفاق ثنائي، جزئي، للملء الأول للسد، وأعلن تمسُّكه بالاتفاق الثلاثي المُوقع بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا.، كما أن السودان أعلن ـ بناء علي محادثات بادر بها رئيس الوزراء السوداني، د. "عبد الله حمدوك"، مع المسئولين المصريين، في زيارته لها، ثم مع رئيس الوزراء الأثيوبي "آبي أحمد"، عن قبول أثيوبيا بعودة الأطراف الثلاثة إلي طاولة المفاوضات، "لتكملة الجزء اليسير المُتبقّي من اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي، حسبما تم في مسارات التفاوض خلال الشهور الأخيرة" (الأهرام، 22 مايو 2020)، وهو مارحّبت به وزارة الخارجية المصرية، مُعربةً عن "استعدادها الدائم للانخراط فى العملية التفاوضية"، للإسهام في "التوصل إلي اتفاق عادل ومتوازن وشامل يحفظ مصالح مصر المائية، وبنفس القدر يُراعي مصالح مصر والسودان" (المصدر نفسه).

وفجأةً، على نحو ماعوَّدنا الطرف الأثيوبي خلال السنوات الماضية، قام بقلب الطاولة على رؤوس الجميع؛ فقد أعلنت القوات المسلحة السودانية، أن اشتباكات اندلعت فى يوم 26 مايو مع الجيش الاثيوبى عند الحدود الشرقية، عبر نهر عطبرة، ومع ميليشيات مُسَلَّحة بإسناد من الجيش الاثيوبي، غرضهم سحب مياه من النهر، واشتبكت معهم قواتنا فى منطقة البركة ومنعتهم من أخذ المياه مما أسفر عن "استشهاد" ضابط فى الجيش وفقدان فرد من قوة تابعة له، وجرح آخرين، كما توفى سودانى وجُرح مدنيون. وهو تصرف كافٍ يبين عن المكتوم والنوايا الأثيوبية الحقيقية، لكن هذه المرّة تجاه السودان. فعهد الكلام المعسول انتهي، والحديث الآن للقوة والسلاح، وأطماع أثيوبيا لا تتوقف عند حد!

والأخطر أن الحديث عن "العودة إلي طاولة المحادثات" أصبح في خبر كان، وعاد القادة الأثيوبيون، في تحدٍ واضح للمصريين والسودانيين معاً، يُعلنون، بلا مواربة، علي لسان "آبي أحمد"، رئيس الوزراء، أن: "قرار تعبئة وملء سد النهضة ـ (في موعده المُقرر) ـ لا رجعة فيه"، مُضيفاً أن "التأخيرات المُتتالية لبناء سد النهضة جلبت لنا فوائد كثيرة" وهو هنا يُشير إلى انشغال العالم، في مواجهة "كورونا" عن التدخل في قضية السد!

ثم أعاد "ديميك ميكونين"، نائب رئيس الوزراء الأثيوبي، في زيارة للسد، يوم الأحد الماضي، 7 يونيو، التأكيد علي "ضرورة الإسراع في بناء السد من أجل البدء في ملء المياه فى الإطار الزمني المُحدّد، (أى شهر يوليو القادم!)، مُعيداً إلي الأذهان تصريحات واضحة وخطيرة كان قد أدلي بها "سيليشي بيكيلي"، وزير المياه والري والطاقة الأثيوبي: "إن بلاده لن تعترف بالحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل" (وكالة الأنباء الأثيوبية "إينا" ـ وكالة رويترز، 8 يونيو 2020).

والخلاصة: إن أثيوبيا عازمة، شاء من شاء، وأبي من أبي، على البدء في ملء "سد النهضة" بعد أيام، وبشروطها المعروفة: فماذا نحن فاعلون؟ كشعب وكدولة؟

هذا هو سؤال اللحظة.. سؤال المصير!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن