الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الزعيم عبد الكريم قاسم...الجزء الأول

هشام جمال داوود

2020 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


اكتب هذا الموضوع عن الزعيم عبد الكريم قاسم كونه لم يكن شخصاً عادياً حاله من حال أي شخص تولى منصب رئيس وزراء العراق، سياسياً كان أو عسكرياً.
ولا ايضاً بقصد الدفاع عن الزعيم الذي مر على رحيله ستة عقود من الزمن.
انما اكتب ليفهم سيرته أبناء جيلنا من مواليد عقد السبعينات والثمانينات والتسعينات، بل وحتى أبناء عقد الستينات كون ان اغلبهم ولدوا بعد رحيله.
لذا ونتيجة للدعاية المضادة التي كرست من قبل الحكومات التي تلت عهده جعلت اغلب أبناء هذه العقود الأربعة ان يرسموا صورة مشوهة في اذهانهم عن شخص الزعيم المغدور.
وللأسف ان بين هؤلاء من وصل الى رتبة عميد وعقيد في الجيش وعندما يتم ذكر اسم الزعيم امامه تجده لا يردد سوى ما اشيع عن الزعيم من تهم باطلة واشاعات واكاذيب، وعند محاولة الدخول في الموضوع معه تجده لا يعرف سوى كلمتين او ثلاثة او لتكن أربعة، فمن بين الأشياء التي يعرفها هي ان كلمة (الزعيم) تعني عبد الكريم قاسم و(الپاشا) تعني نوري السعيد، الأول أطاح بالحكم الملكي وقتل العائلة المالكة، والثاني كان رئيس الوزراء الأشهر في فترة الحكم الملكي، وعدا عن ذلك تجده يجهل كل تفاصيل وحقيقة الأمور الأخرى.
وهذا الجهل بتاريخ العراق وتشويه سمعة عبد الكريم قاسم لم يأتِ اعتباطاً ابداً وانما هناك أسباب تقف خلف هذا الجهل وهذا الانقطاع عن الحقائق التاريخية والاحداث وحقيقة المتغيرات التي مرت والتي سنأتي لذكرها تباعاً ضمن الموضوع.

عبد الكريم قاسم جاء للعراق ليس بنظام حكم بطابع جديد فحسب، انما جاء ايضاً بتاريخ جديد بالنسبة للعراق والعراقيين.
لو استعرضنا طبيعة الكارهين للزعيم والمشوهين لسيرته طيلة الفترة الممتدة من تاريخ ٨ شباط ١٩٦٣ والى ٢٠٠٣، سنجد انهم على ثلاثة انواع:
الأول: هم أبناء وامتداد لمن كانوا موالين للنظام الملكي، والمؤيدين للتدخل البريطاني في رسم سياسة البلد وتسييره.
الثاني: وهم الفئة التي جعل منها النظام الملكي طبقة برجوازية في العراق ومعهم الطبقة التي تحولت الى إقطاعيين.
والثالث: وهم الذين كانوا مع ثورة ١٤ تموز ثم انقلبوا عليها وعلى الزعيم وتسلموا مقاليد الحكم، وهؤلاء هم الأخطر من حيث تشويه سيرته وتزوير الحقائق وتزييف التاريخ وكتابته بشكل يتناسب مع سيرتهم التاريخية وغاياتهم.
قلت عن النوع الثالث انهم الأخطر ذلك لكونهم مسكوا زمام الحكم لأربعين سنة، كرسوا خلالها كل الوسائل الممكنة ضد عبد الكريم قاسم، فمن خلال الصحف والمجلات وكذلك الإذاعة والتلفزيون وصولاً الى المناهج الدراسية، كلها كانت مسخرة لخدمتهم في تشويه سيرة الرجل وتلميع سيرتهم الدموية.
قالوا عنه مريض وقالوا عنه مجنون وقالوا الكثير من الكلام الفارغ عبر الاشاعات التي كانت جحوشهم تبثها في الشارع العراقي.
اما من خلال المناهج الدراسية فكانت فترة حكمه يسموها بعهد الديكتاتور قاسم.
وسياسياً لصقوا به كل التهم وكتبوا عنه كل الأكاذيب وأطلقوا عليه كل الشائعات، ولم يكتفوا بذلك وانما أنكروا وقاموا بتكذيب كل منجزاته ومواقفه.
وللحق أقول انهم نجحوا من خلال هذه الوسائل والعمل الممنهج في بناء عقلية جماهيرية صارت أرضاً خصبة زرعوا فيها كل الأفكار التي تخدمهم وغدت الأجيال تفكر وتتخيل كما خططوا لها ونجحوا كل النجاح فيما أرادوا.
قلت انهم أنكروا منجزاته ومواقفه، نعم فما يخص بناء المدن والطرق والجسور والمدارس وباقي الخدمات، أنكروها بشتى الطرق اذ نسبوا البعض منها لمشاريع مجلس الاعمار والبعض الآخر لأشخاص لم يسمع بهم العراقيين على الاطلاق.
إما مواقفه الإنسانية التي تنسف كل مبادئهم وافكارهم وتعري كل الوحشية التي يتصفوا بها، فلابد لهم ان يكذبوا بشأنها، ومن جملة هذه الأكاذيب هي العبارة التي ما ان سمعها أحد من الناس إلا وترسمت امام عينيه صورة الزعيم الخالد وهي (عفا الله عما سلف)، تلك العبارة التي لا يطيقها البعث اطلاقاً لأنها تصف رحمته بإطلاق سراح ذئابهم التي حاولت اغتياله سنة ١٩٥٩ في شارع الرشيد (هذه الرحمة والطيبة التي لم يسبقه رئيس ولم يكررها من بعده رئيس) لا في العراق ولا في العالم.
بينما هم معروفة مواقفهم ضد من يسيء ولو باللسان لحزبهم او لقادتهم، فنسجوا قصة من مخيلتهم العدوانية مفادها ان عبد الرحمن القصاب الرجل الذي كان متصرف الموصل اثناء حركة عبد الوهاب الشواف والذي كان مقرباً من الزعيم عبد الكريم قاسم، تم توقيفه والحكم عليه بالسجن، ولكن لكونه مقرباً من عبد الكريم قاسم فكان يريد بطريقة او بأخرى ان يطلق سراحه فجاءت اللحظة المناسبة وأطلق عفواً عاماً على السجناء كي يحقق غايته وهي الافراج عن القصاب فقال عبارته الشهيرة.
بهذه العقلية والنفسية المريضة التي يحملوها من يسموا حزبهم بالعربي الاشتراكي، وعندما نقرأ كيف انهم يتغزلوا بالقومية العربية من كبيرهم الى صغيرهم، نراهم في كل شاردة وواردة يذكروا ان من بين الصفات الحميدة للعرب هي التسامح واحترام العدو قبل الصديق، طيب لماذا لم تحترموا سيرة الرجل الذي تعتبروه عدوكم؟
أم ان هذا الأمر مستحيل لكونه عقدتكم طيلة مسيرتكم؟
او من خلال بعض كتابهم المأجورين الذين راحوا يكتبوا تملقاً لقائدهم وملؤا بذلك مقالات عديدة كلها أكاذيب من مخيلاتهم والتي منها ان الزعيم لم يتعرض لأصابه في محاولة اغتياله بشارع الرشيد ولم يجرح وانما كانت مجرد شظية صغيرة وان سيارته لم تصب سوى برصاصة او رصاصتين وانه هو من أطلق عليها الرصاص عند وصوله الى ساحة وزارة الدفاع.
هنا بعد هاتين الكذبتين والتي هي نقطة في بحار اكاذيبهم، هل لازال هناك من يصدق أكاذيب هذه الفئة من البشر؟
لا يهمهم شهود العيان ولا التقارير الطبية التي تثبت حادثة الاعتداء ولا الأمنية التي تبطل اكاذيبهم، انما الذي يهمهم وبدون أي حياء او خجل هو ان لا يعترفوا برحمة وإنسانية الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم.
اما في هذا الوقت فإننا نرى الكاره له او من يذكره بسوء هو أحد ثلاثة ممن تمت السيطرة على عقولهم:
الأول: الجاهل بسيرته وغير المطلع على تاريخ العراق الحديث، والذي يعتمد على اذنيه في حصد المعلومات.
الثاني: الموالي لصدام حسين، وهذا من البديهي ان يكون مغسول الدماغ.
الثالث: الشخص المنحدر من العوائل التي كانت منتفعة من النظام الملكي.

لا رابع لهذه الفئات الثلاثة على الاطلاق كون أن كل الكتب التاريخية المنصفة موجودة وشهود العيان على حقبة الزعيم لا زال البعض منهم حي والبعض الآخر لم يمر وقتاً طويلا على وفاتهم والجميع ادلى بشهادته في قول الحقيقة.
اما أعداء الزعيم فمن الضروري تنبيه الناس على ان كلامهم هو من تأليفهم وحدهم، ولا وجود لكاتب منصف ومحايد الا وقام بمديح سيرة الزعيم وثورة ١٤ تموز، وأشار بنفس الوقت الى جرائم حزب البعث والبعثيين.
ملاحظة مهمة جداً ارجوا من خلالها الانتباه على مسألة ضرورية جداً، وهي ان البعث لم يخلوا من الناس الجيدين والوطنيين رغم قلتهم ضمن صفوفهم، فكما ان السيئين موجودين في كل الأحزاب كذلك الجيدين ايضاً، فلا يمكن لأحد ان ينكر وطنية الدكتور شاذل طاقة صاحب المؤلفات الغزيرة والكتب الأدبية الرصينة وخصوصاً فيما يتعلق بالأدب العربي والشعر العباسي. والمرحومين عبد الخالق السامرائي ومرتضى سعيد عبد الباقي واللذان أعدما على يد الطاغية صدام في مجزرة قاعة الخلد.

الى هنا انتهى الجزء الأول الذي اختصرته ليكون مثل المقدمة لباقي الموضوع الذي أطلقت عليه عنوان (لماذا الزعيم) والذي سيتكرر بصيغة سؤال بين فقرات الموضوع، ويليه الجزء الثاني المتعلق بوضع العراق إبان فترة النظام الملكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج