الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مائة عام من العزلة

هيثم بن محمد شطورو

2020 / 6 / 14
الادب والفن


في الحقيقة يجب أن نحترس دوما عند الأخذ بالتاريخ الرسمي. التاريخ الذي تشيعه السلطة. السلطة طبعا هي ليست مجرد سلطة سياسية على رأس النظام، بل هي تحافظ دوما على شبكية معقدة من التواجد الروحي. التواجد الوعووي، وانتاج الخطاب الذي يكرس وجودها وشرعيتها. هذا الخطاب الذي قد يكون مناقضا بالتمام والكمال للحقيقة الفعلية، وبحسب كارل ماركس، فالسلطة عبر العصور هي لا تنتج الا الخطاب الزائف والتـزيـيـفي للحفاظ على واقع الاستغلال الطبقي.
فالسلطة مهما كاانت قمعية إلا أنها تـقمع بالاساس الواقع القمعي الذي تمارسه. تفعل ذلك الى درجة ان يكون وضع العالم بالحقيقة والقائل بها كالمجنون وسط الحقيقة التي يتكلم ويعتقد فيها الجمهور والتي تشربها من خلال الضخ السلطوي الرسمي لها، وذلك ان السلطة عند الجمهور هي ليست بسلطة حاكمة وانما هي مالكة الحقيقة، ومتى ما اعتقد الجمهور في كذب السلطة وخداعها فإنه يثور عليها، فالواقع السلطوي هو واقع فكرة في الرؤوس، فالسلطة حاكمة لانها تمتلك قدرة على الاقناع. لذلك فحرب السلطة الاساسية تبقى مع الحقيقة ومع القائلين بها. أي حربها مع حرية التعبير..
لقد عبر الكاتب الروائي العالمي الاستـثــنائي في كتابته الساحرة الممتعة، عن هذه الفكرة في روايته "مائة عام من العزلة"، بهذه الكلمات:
"... حتى أن أورليانو عندما اتصل بالعالم، كان لزاما عليه أن يضن الناس خرافية قصته، لأنها تعارض جذريا القصة الزائفة التي اعترف بها المؤرخون، وقدسوها في الكتب المدرسية.."
والحقيقة التي يحرص دوما على التأكيد عليها ما بينه وما بين نفسه بالقول:" تذكر دائما أنهم كانوا أكثر من ثلاثة آلاف، وأنهم ألقوهم في البحر"، ويضيف ماركيز للتأكيد على حقيقة الواقع المناقضة لحقيقة السلطة، بينما تُعتبر الحقيقة الحقيقية كلام خرافي أو دعوة للتمرد أو على أقل تقدير كلام مجانين.. " فكل مرة يلمس أورليانو فيه الموضوع كانت المالكة، وأكثر من ذلك أشخاص يكبرونها، ينكرون حقيقة العمال المتجمهرين في المحطة، وخرافة القطار المكون من مائتي عربة محملة بالموتى وأيضا تمسكوا فيما بقي مستقرا في الأذهان في ملفات القضاء وفي كتب المدارس الأولية، من أن شركة الموز {الامريكية} لم تُوجد قط.".
***
ان كتابة ماركيز عجيبة جدا وممتعة الى أبعد الحدود، كما انها منسابة بشكل رهيب، وانك لا تكاد تلتقط أنفاسك وهو يتحرك بسرعة فائقة عبر الشخصيات والأزمنة التي لا تجد فيها الزمن الخطي إلا بشكل عام في رحلة المئة عام من عزلة قرية ماكوندو التي أسسها خوسيه أركاديو بوين ديابعد ان غادر قريته "ريوهاتشا"، اثر قتله برودينثيو أجيلار لأنه سخر منه متهما إياه بالعجز الجنسي لأن زوجته اورسولا لم تنجب. والحقيقة انها لم تنجب لأنها تمنعت عن الاتصال به جنسيا لاعتقادها أنها ستلد ولدا بذيل خنـزير نظرا للقرابة المكثـفة بين عائلتيهما لمدة ثلاثمئة سنة. الولد بذيل الخنـزير الذي وُلد فعلا من نسلهما ولكن بعد مئة عام ليكون عنوان نهاية السلالة عندما أكـله النمل الأبيض . .
" ..عندما قلبوه على بطنه وفمه نحو الأرض، عرفوا فقط في تلك اللحظة أن له شيئا أكثر من بقية البشر، فانقلبوا يفحصونه، لقد كان ذيل خنـزير..
..رأى الطفل. لقد كان زقـا منفوخا، ومجففا، راح كل نمل العالم يجرجره جاهدا، في المدق الصخري للحديقة نحو جحوره...".
***
لقد بنى ماركيز قرية متخيلة بأكملها هي قرية "ماكوندو"، والتي هي في النهاية قرية آل بوين ديا في احداثها، والبقية هي شخصيات الضل وهم رفاق واصدقاء خوسيه اركاديو بوين ديا اللذين هاجروا معه ونسلهم. ان فكرة الهجرة وبناء وطن جديد هي ذات أصول توراتية وهي موجودة في السرديات المسيحية وهي هجرة النبي موسى من مصر الى أرض كنعان أي فلسطين، وهي الفكرة التي تعني تأسيس معنى جديد وديانة جديدة وهي بما تعنيه من لحظة مركزية تأسيسية في التاريخ العربي الاسلامي بحيث يبتدأ التاريخ بمجمله من يوم هجرة الرسول محمد الى يثرب التي سماها المدينة. ولكن "ماكوندو" هي أبعد ما يكون عن ذلك، او بالاحرى هي الهجرة في زمن الامبريالية والراسمالية بحيث يكون مصيرها الفناء بعد مئة عام. مئة عام من الاحداث الجسام. وباء الأرق والحرب الأهلية التي قادها اورليانو بوين ديا وهو ابن خوسيه اركاديو بوين ديا ضد حكومة المحافظين، والاحداث العجيبة ومن بينها المطر الذي تواصل يوميا لمدة أربع سنوات، ولكن الاكثر غرابة هو حضور اشباح الاموات اللذين كأنهم لم يموتوا وحضور فكرة الموت بكثافة على مدى المئة عام من العزلة برغم أن قرية ماكوندو في بدايتها كانت :
" وفي أعوام قليلة صارت ماكوندو القرية الأكثر انتـظاما وإتـقانا من أية قرية أخرى من القرى التي عرفها حتى ذلك الوقت ثلاثمائة من السكان. لقد كانت بحق قرية سعيدة لا يوجد فيها من يتجاوز الثلاثين من العمر، ولم يتعرض فيها أحد للموت."
تخيل ان مجموعة من الشباب اليافعين أصحاب الإرادة الصلبة يقررون مغادرة عائلاتهم وموطنهم ويهاجرون ليستـقروا في مكان جديد. انها نفس فكرة المهاجرين المؤسسين والتي تقوم على متعة التواجد الاجتماعي الجديد المنفصل عن سلسلة مجتمعاتهم والتي فيها الكبار من السن والتي فيها الرائحون الى الموت. ففكرة الهجرة تنطوي على رغبة في حياة لا يعكرها الموت. انها الرغبة في السعادة، والسعادة هي الحياة دون موت حسب نظرة غابرييل غارسيا ماركيز للسعادة. وذاك هو سر سحر امريكا او الجنة الامريكية. الهجرة لمجتمع الأصحاء.
ولكن هيهات. فكأن ماركيز يقول ان زمن التأسيسات الجديدة قد انتهى. فهذه القرية السعيدة تـنـتهي بعد رحلة طويلة بين دفتي كتاب مائتي عام من العزلة في فقرته الآخيرة إلى:
" ومع ذلك قبل أن يصل إلى بيت الشعر الأخير، كان قد فهم أنه لن يخرج أبدا من هذه الغرفة، وهكذا كان محاطا علما سلفا أن مدينة المرايا ستدمرها الرياح، وستـنـزع من ذاكرة البشر في اللحظة التي ينـهي فيها اورليانو بابيلونا فك شفرة الرقاق، مادام المكتوب فيها كان غير قابل للتكرار منذ الأزل، والى الأبد، لأن السلالة الملعونة بلعنة مائة عام من الوحدة ليس لها فرصة ثانية على ظهر البسيطة".
كأن ماركيز يقول أن الهجرة بما هي تأسيسية لفكرة جديدة لا يمكن ان تحفظ نفسها في مجرى الزمن إلا بالانفتاح والتوسع. لم يحدث هذا التوسع نظرا لطبع التوحد الغالب على هذه السلالة، ولكن لأن الثلاث وثلاثون حربا التي قام بها اوليانو بوين ديا كانت جميعها خاسرة، حتى وقع في النهاية على وثيقة الاستسلام أو السلام مع الحكومة، لأنه سأم من الحرب وأمضى بقية حياته متوحدا في غرفته يصنع سمكات ذهبية صغيرة لأجل فعل شيء ما فقط. هذه الشخصية التي بدأ بها الرواية والتي في الحقيقة يقبض بها ماركيز على القارئ منذ البداية وكأنه يأخذه وسط تيار ساحر مغيب للوعي الحاضر بادراكاته ليغوص به في متاهات عجيبة سحرية.
" بعد سنوات طويلة من الحرب،.. وأمام فصيلة الإعدام ـ لم يجد الكولونيل اورليانو بوين ديا سبيلا إلا تـذكر تلك الأمسية البعيدة حين حمله أبوه ليرى الثلج...".
***
العجيب في كتابة غابرييل ماركيز لهذه الرواية هو ايمانه الشديد بها. لقد قال انها كانت تختمر في ذهنه لسنوات طويلة، وثم دق جرس الغوص في كتابتها. قال انه منذ البداية تملكه احساس قوي بانه عمل عظيم وخارق يختلج في جميع جوانب نفسه. لكن، الغريب فعلا هو ايمانه الشديد بحدسه. فقد كان صحفيا يكتب بأجر لدى الصحف. كانت لديه بعض الاموال القليلة، ولكن كتابة الرواية وخاصة أنه يكتب في الصباح وليس في آخر المساء، فإنه انقطع عن الكتابة الصحفية، وبدأ في كتابة مئة عام من العزلة. وطبعا لم يكن يتصور أنها ستترجم الى معظم لغات العالم، ولم يكن يتصور أن ثلاثون مليون نسخة ستصدر بها روايته، ولكنه كان ممتلئا بعظمة ما هو مباشر بانجازه رغم فاقته.. استدان الاموال من الاصدقاء ليعيش، وزوجته ذات الاصول المصرية باعت مصوغها وضحت كثيرا معه، وكان يبعث الى المطبعة الفصل الذي يجهز ليناوله الناشر شيئا من المال، ومغامرة كبرى تجعلك تـتسائل عن قوة ايمان هذا الرجل بحدسه وقوة ايمانه بذاته. ففعل الابداع مثل ما يقول نيتشه، هو تمازج شعورين متناقضين. الاحساس بعظمة الذات وفي نفس الوقت احتقارها.
ويا للعجب الأكبر، حين ترى أن الكاتب تقريـبا يذيب كل مساحة بينه وبين الثقافة التي يكتب عنها. انه يتحدث بالخرافة والغيـبـيات والامعقول وفق العقل المثقف العلمي. انه كأنه بصدد القيام بتأليف شيء شبيه بألف ليلة وليلة. وفعلا، فحين تكتب رواية فأنت تحكي. أنت تهذر وتــنساق في محيط الافكـار والهواجس والتطلعات وخبايا الانفس لمن تكتب عنهم..أدرك ماركيز سر الكتابة الروائية، بل أدرك سر السر فيها. الحكاية والحكي وتغذية الجوانب المتخيلة الحقيقية في ذهن ماوراء العلمية والمنطقية.. يا له من حكـاء عظيم. ما أدرانا. الحقيقة ربما أننا نعتقد بطريقة او بأخرى فيما نعتبره كمثقفين خرافات. الحقيقة اننا نلتقي ولو من وراء ستار عقلنا الصارم بتلك التطلعات الميتافيزيقية المتحررة من الخطوط المستـقيمة ومن المنطق المادي الجاف البارد الذي يحيلنا الى كائنات ميكانيكية..ما هو السر إذن في احتفاء مثقفي العالم بمئة عام من العزلة؟..
ولعل أعظم تصوير للعجائبي هذا المكتضة به مئة عام من العزلة هي فيما كتبه عن روميدوس الجميلة..
".. كان ذهابهم الى الكنيسة بهدف رؤية وجه روميدوس الجميلة ـ ولو للحظة ـ تلك الفتاة التي يتحدث كل أهل المستنقعات عن حلاوتها الاسطورية بحماس محموم.
..في الواقع، رميديوس الجميلة لم تكن واحدة من كائنات هذا العالم.. وصلت سن العشرين دون أن تدرس القراءة والكتابة، ودون أن تتعلم اعداد المائدة، تـقـضي الوقت متجولة في البيت عارية لأن طبيعتها كانت ترفض أي نوع من التقاليد المرعية.. رميديوس الجميلة معصومة بالفعل من كل سوء منذ أن غادرت بطن أمها.. محصنة ضد كل أنواع المشاعر العاطفية..
لم تكن تفهم لماذا تعقد النساء حياتهن بقطع الملابس الداخلية، حتى أنها صنعت لنفسها ثوبا فضفاضا يستقر على اللحم، وهكذا كانت تحل مشكلة اللباس دون أن تـنـزع من نفسها إنطباع العري ، الذي هو حسب فهمها للأشياء الطريقة الوحيدة الأكثر تهذيبا للوجود. لقد كان واضحا بإفراط أنها عارية وقد أقر رجال خبراء في عذاب الحب، مجربون في العالم كله، أنهم لم يعانوا قط أشواقا مثيلة للأشواق التي تـنـتـج عن الرائحة لريميديوس الجميلة. يخرج منها نفس مروع وومضة عاصفة يظلان تحت الإدراك ساعات بعد مرورها...
.. أورسولا، وهي تقريبا عمياء، كانت الوحيدة التي لديها طمأنينة تحدد بها هوية تلك الرياح التي لا فرار منها، فتركت الملاءة تحت رحمة النور مشاهدة روميديوس الجميلة تقول لها "وداعا" ملوحة بيدها وسط هفهفة الملاءات تصعد معها، وتهاجر بصحبتها بعيدا، وحيث انقضت الساعة الرابعة مساء فقدت معها الى الأبد في الأجواء العالية حيث لا تدركها ولا حتى أعلى عصافير الذاكرة... أما فرناندا فقد إنتهى بها الأمر إلى قبول المعجزة وهي ممرورة بالحسد، وظلت تدعو الله زمنا طويلا أن يعيد لها الملاءات. وقد اعتقدت أغلبية الناس في المعجزة بل إنهم أشعلوا الشموع وصلوا لها التاسوع أيضا..."
وانك لتجد صدى ألف ليلة وليلة واضحا في هذه الفقرة القصيرة، وبالفعل فقد قال ماركيز أنه تأثر شديد التأثر بألف ليلة وليلة. الحكايات المتناسلة عن بعضها والقفز من قصة الى أخرى حتى تضيع القصة الأصلية ثم العود إلى القصة الأصلية، وقال أنها الأثر النموذجي في فن الحكي.
" وفي أمسية، تحمس الصبيان لحصيرة الريح التي مرت مسرعة بموازاة نافذة المعمل حاملة سائقها الغجري وعددا من أطفال القرية."
***
ولعله من أبرز الأفكار التي ساقها ماركيز بين تلافيف الحكايات في مئة عام من العزلة، هي نزع الرهبة عن فكرة الموت، بل موضعتها في أفق آخر لا يعدو أن يكون سوى حياة أخرى، ولتلك الحياة الأخرى تبدو لنا باهتة بحكم الطبيعة أو طبيعة إدراكـاتنا التي يغلب عليها الحسي المرتعب من قطع عادة العيش وفق ما تعودنا عليه، ولكن الأموات أحياء وانهم يظهرون لمن هو مستعد للتحاور معهم بل إن الموت جميل وهو عالم أكثر متعة. على الأقل يزول فيه شعور الخوف الذي ينغص علينا حياتنا. تصور لو أن البشر يعيش على هذه الأرض دون خوف. ساعتها كان لاورليانو بوين ديا ان يستـغني عن خوض حروبه ضد المحافظين وسيتحقق عالم الحرية. شعور الخوف من الموت هو الصانع لكل التميــيزات ولكل عقد الحياة ولكل استغلال ولكل المظالم التي مثلتها حكومة المحافظين وشركة الموز الامريكية.
" .. وعند الشروق بعد مجلس حرب عاجل أعدم أركاديو ضربا بالرصاص عند سياج المقابر. وفي الساعتين الأخيرتين من حياته لم يتمكن من إدراك السبب الذي من أجله إختفى من نفسه الخوف الذي أزعجه وعكر عليه صفوه منذ الطفولة.."
وملكيادس الغجري ذو الدور المحوري على مدى الرواية، فهو الرحال الذي أبهر خوسيه اركاديو بوين ديا بقضيــبي المغناطيس، اللذين اشتراهما مقابل ما ادخرته زوجته اورسولا من اموال، ليسترخرج بهما الذهب. ملكيادس لم يمت مرة واحدة، ولربما في القول من ذلك ما يخفي او يبرز الشخص الفكرة، وتلك الفكرة هي الجديد في الاختراع والتكنولوجيا الذي يبعث نفسه الى الحياة دوما بعدما يموت. ملكيادس هذا شبحه يبقى زائرا لغرفته في بيت اورسولا، وشبحه يحافظ على الرائحة العطرة للغرفة وعلى نظافتها من العنكبوت والغبار، إلى أن يموت الموت النهائ، وكأن ماركيز يتنبأ بنهاية نهائية معينة للتكنولوجيا او للابتكارات، ولكن تضل تلك مجرد قراءة. القراءة الاخرى الممكنة والتي تسري عبر دفة الرواية هي ان الموت ليس موتا وانما حياة باهتة شبحية بالنسبة لنا، ولكنها في ذاتها هي حياة.. وإنها رواية قابلة لألف قراءة مثلما قال مترجمها الدكتور سليمان العطار..
وتكتض الرواية بالموت والمصائب، بمثل ما تكتض بالاعاجيب في العلاقات الجنسية، ويبدو الحب هو اليقين الوحيد في متاهة الحياة والموت..
***
ان ماركيز في رواية مائة عام من العزلة يحتفي بالعرب في عدة مواقع. ذكر أركاديو المتمرد الذي قرر القتال حتى الموت برغم الاختلال في موازين القوى لصالح جيش حكومة المحافظين، أن له عيون عربية، وذكر في موقع آخر من قصة أخرى واصفا شخصية ما بأنها تمتلك شجاعة العرب، ووصف بيتراكوتس عشيقة اورليانو الثاني بأن لها قلبا عربيا، فهي أحبته بشهوة عارمة وحب كبير، كما أنها عند موت اورليانو قامت بارسال الغذاء عن طريق واسطة دون ان تعلم زوجته انها هي صاحبة سلة الغذاء اليومية برغم كرهها لفرناندا زوجة اورليانو الثاني، وفي ذلك تصوير للقلب العربي بكونه كريم ومعطاء ويلتزم ذاتيا بما يراه واجبا أخلاقيا.. والعرب يبتسمون أمام المصائب ، ولكن تحديدا وما أراه أنا شخصيا غريبا هو تحديد ماركيز للشخصية التونسية وهو قد كتب هذه الرواية سنة 1966، حيث قال:
"و هكذا انتهى الأمر بالأطفال إلى معرفة أن أقصى شمال إفريقيا به رجال على درجة من الذكاء والمسالمة حتى أن تسليتهم الوحيدة هي القعود للتأمل"..
ولعل التمازج العرقي بين العربي والاوربي في الاسباني وبالتالي في الامريكي اللاتيني هو تلاقح عالمين وتمازجهما، مما أنتج ابداعا ثقافيا اسبانيا وامريكيا لاتينيا نتحسس بمنتهى القوة عدم غرابته عن ذاتيتنا العربية، بمثل ما نلمح حنينا دفينا في رواية مائة عام من العزلة للثقافة والذاتية العربية. ومع ماركيز اكتشفت بالفعل أن أعظم متعة لسكان أقصى شمال إفريقيا أي التونسيون ومن بينهم أنا هي التأمل وميلنا الكبير للسلام ومقتنا للحرب..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با