الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العريف أبو علي .!
ميشيل زهرة
2020 / 6 / 15الادب والفن
عندما جاء إلى الحي ، يرتدي زيا عسكريا و يضع على كتفه الأيسر رتبة عريف ، و على جنبه الأيمن مسدسا عسكريا. و عندما طلب منه بعض من احتفى بقدومه ، من أهل الحي ، أن يعرفهم عن شخصه ، قال : الرفيق أبو علي .! لعله يزيد من دعم شخصيته التي كانت مسار سخرية بعض الأطفال الذين تحلقوا حوله يراقبون بطنه المنتفخ المدلوق أمامه مثل كيس من طحين ، فوق ساقين نحيلتين في بنطال فضفاض ، و قد ترك أحد الأزرار فوق سرته مفتوحا لعله يريح بطنه من ضغط بلوزته العسكرية ، أو أنه لم ينتبه إليه ، فظهرت منه سرته كاختبار العجانة لعجينها الأسمر باصبعها . لكن الناس في الحي لم يلتزموا بما قدمه الرجل عن شخصه ، فاكتفوا أن يسجلوه في ذاكراتهم : العريف أبو علي و ليس الرفيق . و عندما استفسرت النساء عنه ، و عن تاريخه ، علم الجميع إن الرجل أرمل ماتت زوجته بسرطان الثدي ، و تركته وحيدا مع ابنة واحدة تزوجت منذ أشهر اسمها سكينة ، و لم يكن له خلفة ذكرية ، لذلك أضفن إلى سجله ، أنه مسمار مقطوع ستنتهي سلالته بموته . ومنهن من صارت تناديه : أبا سكينة رغم تأففه . و هناك من لم يرغب في التعامل مع الرجل : فأطلق عليه : العريف سوالف ، لكثرة تنميقه في الحديث الذي لا ينتهي منه إذا لم يعتذر من يسمعه عن عدم قدرته على السماع أكثر ..! لكن جارته الأرملة التي تقطن في لصق بيته الذي اشتراه قد وضعته في ذهنها لتستميله إليها عله يكون الزوج القادم ، حتى لو سخرت النساء من شكله : إن رأسه الأصلع مثل كرة فوق صدره المتصل ببطنه المندلق فوق عانته . و بعض النسوة لمحن إلى ما تحت العانة ، و أشرن إشارات لها مضامين جنسية ، و ضحكن . فلم يردع ذلك الأرملة عن التفكير فيه حتى لو لم ينم في فراشها أبدا ..فيكفيها ظل رجل تحس به يتحرك في المنزل كشبح . لكن في الواقع ، و عندما يصبح رجل البيت ستكون أمامه مسئوليات جسام ، أولها أن يملأ الفراش دفئا و سعادة . و في ليلة ليلاء كانت الأرملة في فراشها تجلدها سياط الرغبة ، و عندما لم تستطع تحمل هياج جسدها قامت إلى الجدار الفاصل بينها و بين جارها الأرمل و دقت على دقات رتيبات ، حتى سمعت صوت الجار يتساءل عن الطارق من نافذة الحمام المطلة على المنور المشترك بين البيتين ، فردت جارته عليه بصوت خفيض : أن يقفز من سطحه إلى سطحها ، و ينزل على الدرج ، لأن في حديقتها حرامي مجهول الهوية . و لأن الرجل فيه نخوة المسلح بمسدس يكمل به شخصيته المتهتكة ، فقد ارتدى زيه العسكري ، و لم ينس أن يضع رتبة العريف ، و يلبس بوطه اللامع ، و قد كفّ البنطال بمطاطتين فوق البوط ، و أصبح محاربا ميدانيا ، و قفز عن الجدار الفاصل بينهما فوق السطح و نزل الدرج بعد أن فتحت بابه السيدة جارته ..و عندما كانت رفسات بوطه تهز الدرج من ثقله ، و بيده مسدسه الجاهز للاطلاق ، شعرت الأرملة بنشوة عارمة لأن في بيتها رجل ، فأشارت له ألا ينبس بكلمة ، و مسكته بيده اليسرى و سحبته إلى غرفة نومها و هي في ثوب النوم . و لم تتركه يتساءل عن مكان الحرامي ، بل عبرت عن خوفها الشديد ، و وحدتها التي تؤرق ليلها . و إنها في هذه اللحظة مصابة ببرد شديد كالحمى ..كل هذا لم يثر حمية العريف و ذكورته ، و اكتفى بالسؤال المتكرر : أين الحرامي يا حرمة ..أين ؟ لكن الجارة طلبت منه أن يقف على شباك غرفة نومها ليراقب تحرك الحرامي في زاوية الحديقة حيث تنام ماعزها الوحيدة مع جديها ، لعلها تقنع الرجل أن في حديقتها رجل ، فوقف العريف لصق النافذة مراقبا . فيما كانت الأرملة تتعلق في ظهره لعل رائحة جسدها توقظ ما تبقى من رجولة هزيلة ، كما عبرت الأرملة في سرها ، و تذكرت غمزات صديقاتها . فحاولت أن تستفز رجولته قائلة : يا رجل ، هل أنت رجل ..؟؟ ألا تحتفظ بذرة رجولة في جسدك ..؟؟؟ هل أنت خائف ..؟؟ في الوقت الذي كان العريف يُسدد على جسم أسود يتحرك في زاوية الحديقة ، فهزته الكلمات القاسية للأرملة ، فحاول أن يتفاداها بأن أطلق النار من مسدسه عدة طلقات متتابعة ، فقتل الماعز ، و ثقب المدفأة في زاوية الحديقة ..! فصاحت الأرملة بكل طاقتها : ويلك ..! ماذا فعلت أيها العنين .؟؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان #محمد_عطية ضيف #قبل_وبعد Podcast مع الاعلامي دومينيك
.. الفنان عبد الرحمان معمري من فرقة Raïm ضيف مونت كارلو الدولية
.. تعرّفوا إلى قصة “الخلاف بين أصابع اليد الواحدة” المُعبرة مع
.. ما القيمة التاريخية والثقافية التي يتميز بها جبل أحد؟
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان