الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن و ما بعد الحداثة

مازن كم الماز

2020 / 6 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بعتقد إنه مشكلتنا الأساسية و الحقيقية مع ما بعد الحداثة هو تأكيدها و إثباتها لنسبية المعرفة و الحقيقة , مع إثباتها لواقعة موت الإله و أفول الأصنام إذا استعرنا تعبير نيتشه .. نيتشه ما قتل إلها و لا حطم صنما , هو بس و بعين سوبر ميتافيزيقية , جريئة حتى الجنون , لا تحترم إلا الحقيقة و لا ترى إلا ما أمام عينيها بالفعل , أخبرنا إنه الله قد مات و أن الأصنام قد فقدت سحرها و يفترض ألا تجد من يعظمها و ينحني أمامها بعد اليوم .. إن لا إنسانية ما بعد الحداثة هي بكل بساطة تأكيد حقيقة وجودنا الفيزيائي العاري و الهش , الهش جدا , بعد أن نزعنا من العالم كل الأرواح الشريرة و الخيرة التي طالما تمنيناها و اتخذناها آلهة و أصناما و التي طالما اعتقدنا أن عبادتنا لها سوف تنجينا من خطرها المحدق و من آلام هذا العالم .. عن أي إنسان ندافع بالضبط أمام هذه الاكتشافات غير المرحب بها , نحن من نعتبر إبادة بني قريظة و محاربة مانعي الزكاة و استباحة و تدمير عالمهم ثم حياة و عوالم كل من لا يشبه أجدادنا و لم يخضع لسيوفهم عملا مقدسا و إلهيا , إنسانيا بامتياز .. عن أي إنسان ندافع … إننا لا ندافع عن إنسان مجرد أو افتراضي بل بالتحديد عن النمط الوحيد الذي نعترف به للإنسان : الشيخ – القديس و مريديه الذين يحتمون بسحر و قوة قداسته من قوى العالم الشريرة .. إن قتل الشيخ و كشف زيف قداسته و قواه الخارقة للطبيعة و تحرير مريديه هو قتل للإنسان في عرفنا , هكذا فإن شنق آخر ملك بأمعاء آخر رجل دين تصبح أشنع جريمة في التاريخ .. إننا لا ندافع عن الهنود الحمر كبشر بل فقط كضحايا لعدونا اللدود , إن العرب و المسلمين الذين يعيشون في شمال أمريكا و جنوبها هم تماما في وضع الرجل الأبيض و على أيديهم توجد نفس الدماء , بل إننا لا نعرف شيئا عن الهنود الحمر الوثنيين و عباد الطبيعة , الذين هم في عرف شيوخنا و مريديهم ليسوا إلا كفارا تحل دماؤهم و نساؤهم و أموالهم و بيوتهم .. نحن لا نعرف شيئا عن الزنوج سوى أنهم كانوا عبيدا للرجل الأبيض , لا نعرف شيئا عن تاريخهم و حاضرهم و لا عن أديانهم و معتقداتهم الوثنية و لا أنهم كانوا مادة رابحة لتجارة من نفترض أنهم أجدادنا أو بعض من "أجدادنا" و أن قصور بعض هؤلاء كانت تعج بكل صنوف و ألوان العبيد و لا عن ثورة العبيد الهادرة التي لا تقل ألقا ربما عن ثورة سبارتاكوس , التي أحرقت واحدة من أكبر مدن زمانها : البصرة التي لا يمكن تشبيهها إلا بمدن الجنوب الأمريكي في القرون الأخيرة .. إننا نعتقد جازمين أنه لا يحق لأي عالم أو فيلسوف أو إنسان أن يتحدث أو أن يشخص أفول أصنامنا و لا عن موت آلهتنا .. مشكلتنا مع نيتشه أنه قتل كل وهم , كل عزاء , ليس بإرادته كما نتوهم بل بسبب تطورنا و رقينا و ثوراتنا التي لا تنتهي , مشكلتنا معه هو أنه لم يختر لعبة الأديان لدفع الناس لقتل و استعباد بعضهم البعض , أنه كشف لنا أننا في الواقع أحرار في أن نفعل ما نريد , و نحن شعوب اعتادت أن تزعم أنها تفعل فقط ما يأمرها به ساداتها و أنبياؤها , تركنا عراة أمام أنفسنا , و نحن شعوب و قبائل ما تزال تؤمن بالعورة و تريد أن تسترها …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص