الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعطيل صلاة الجمعة دورة تدريبية للعراقيين

ضياء الشكرجي

2020 / 6 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


www.nasmaa.com
١٢٣٤٥٦٧٨٩٠

في أحد أيام الاثنين مطلع شهر حزيران خطرت على بالي فكرة استوحيتها من تعليق إقامة الجمعة من قبل ممثلية المرجعية في مدينة كربلاء بالذات، ذلك إن إيقاف أو تعليق صلاة الجمعة بسبب جائحة كورونا، يمكن أن تكون له ثمة فائدة، حيث يمكن اعتبار فترة التوقف بمثابة دورة تدريبية للعراقيين، للشعب العراقي عموما، وبالأخص للشيعة منه، ولسياسييه، سواء الملتزمين بتعليمات المرجعية حقيقة عن قناعة منهم بإلزاميتها شرعا، أو المتاجرين بها نفاقا، وهو الغالب، وذلك ليس من قبل السياسيين الشيعة حصرا، بل يكاد يكون من الجميع.
فمنذ توقفت صلاة الجمعة، بدأ العراقيون يعتادون على عدم وجوب انتظار الموقف السياسي للمرجعية من جمعة إلى جمعة. وهذا إذا ما قرن ببيان المرجعية في ٢٩/١١/٢٠١٩ الذي أسميته بالبيان التاريخي في مقالة لي بعنوان «إعلان المرجعية التاريخي الذي انتظرته منها منذ ٢٠٠٣»، ذلك بقولها «ليس لنا إلا النصح والإرشاد، ويبقى للشعب أن يختار ما يرتئي أنه الأصلح لحاضره ومستقبله، بلا وصاية لأحد عليه»، واعتبرت ذلك أول تصريح للمرجعية تنفي ولايتها ووصايتها على الشعب، كما اعتبرتها صفعة موجعة لنظرية ولاية الفقيه التي أسس الخميني جمهوريته الإسلامية على أساسها، وصفعة لمصداق هذه النظرية المتمثل بمن يسمى بالمرشد الأعلى أو الولي الفقيه، وأيضا للولائيين العراقيين.
وهنا والتزاما بالموضوعية، لا بد لنا ورغم كل ملاحظاتنا على دعم المرجعية لفترة سابقة لقوى الإسلام السياسي الشيعية، بأنه من حسن حظ الشعب العراقي أن يكون المرجع الأعلى بعد ٢٠٠٣ وحتى يومنا هذا هو السيد علي السيستاني. وإلا فلو كان مكانه أي واحد من المراجع الثلاثة الباقين، لكان الأمر على حال أتجنب توصيفه. أما لو كان محمد محمد صادق الصدر قد بقي على قيد الحياة، لطالب بجعل العراق جمهورية إسلامية، وحشد ملايينه لدعم هذه الدعوة، وأعلن خضوع جمهورية العراق الإسلامية لولايته، لكنها كانت ستكون جمهورية إسلامية مستقلة عن ولاية الفقيه لجمهورية إيران الإسلامية، لكن متحالفة معها في حربها ضد أمريكا وإسرائيل. لأنه الصدر كان بخلاف نظرية ولاية الفقيه للخميني التي تشبه نظرية الخلافة عند السنة، ذلك باعتماد وحدة الإمامة الكبرى، وسريانها على كل (الأمة الأإسلامية)، إذ كان يؤمن بتعدد الولاية، فللعراق ولي فقيه، ولإيران الولي الفقيه المحصورة ولايته على إيران. فعلينا أن نتصور كيف كان سيكون حالنا لو أعلن العراق جمهورية إسلامية على أساس مبدأ ولاية الفقيه، وامتلاك الصدر الولاية الشرعية عليها.
هناك اليوم عدة مواقف تجاه مرجعية النجف ودورها فيما يتعلق الأمر بالسياسة بعد ٢٠٠٣، فهناك من يدينها ويحملها مسؤولية ما آل إليه العراق بدعمها لقوى الإسلام السياسي الشيعية ومباركتها لها، لاسيما بدعمها المباشر لقائمة الائتلاف العراقي الموحد ١٦٩ في كانون الأول ٢٠٠٥، وكذلك لنفس القائمة ٥٥٥. وهناك من يرى إن مرجعية السيستاني كانت صمام أمان دائما أمام مخاطر الحرب الأهلية، وكان له الفضل في أن يكتب الدستور على يد عراقيين منتخبين. وموقف ثالث يشترك مع الموقف الأول في تحميل المرجعية مسؤولية دعم هذه القوى السياسية التي دمرت العراق، لكنهم يرون إنه قد حصل لدى المرجعية تحول بعد أن جربت الإسلاميين الشيعة، فتبين منهم ما تبين، وإن جاء تغيير الموقف منهم جاء متأخرا، بل لم يقتصر ذلك على تغيير الموقف من هذه القوى، بل يبدو أنه حصل تحول فكري أو فقهي، ذلك بنفي ولاية ووصاية المرجع على الشعب، كما كان في بيان ٢٩/١١/٢٠١٩، الذي أشرت إليه. شخصيا أرى أنه من الواجب الإقرار بالتحول في الموقف أولا، ثم بالتحول الفكري والفقهي ثانيا، بل وربما نكون شاكرين لحسن حظنا، دون أن يعني عدم تناول مواقف المرجعية بالتحليل والنقد، لكن على أن يكون نقدنا منصفا، ومدحنا حيث نراه دون تقديس.
فإني أرى إن المرجعية قد اختطت لنفسها خطا مغايرا عما كانت عليه في البداية، بعدما اكتشفت حقيقة الأحزاب التي دعمتها في البداية، ظنا منها إن في ذلك مصلحة الدين والمذهب؛ للدين لكونهم إسلاميين وبالتالي متدينين، ومصلحة المذهب وللطائفة، كونهم شيعة، ثم اتخذت عام ٢٠٠٨ موقف الوقوف على مسافة واحدة، ثم بعد سنوات أغلقت بابها أمام السياسيين، ولو إنه قد بقي لها دور في حسم رئاسة مجلس الوزراء، لمن تكون، ومن يكون لها مرفوضا من قبل المرجعية. وأخيرا اتخذت المرجعية موقف التأييد للتظاهرات، وأخيرا في ٢٩/١١/٢٠١٩ أعلنت نفيها بامتلاكها ولاية أو وصاية على الشعب، وكأنها بذلك ولأول مرة صرحت بشكل غير مباشر، بما كان يذهب إليه المرجع الراحل محمد مهدي شمس الدين، بألا ولاية على الأمة إلا ولاية نفسها على نفسها. وقبل ذلك كأني بالسيد السيستاني قد مارس ولاية الفقيه، لكن بما كان يعتمدها الخميني، بل بما اعتمده محمد باقر الصدر في بحثه في دوري الخلافة والشهادة، فجعل الشهادة في زمن عدم وجود المعصوم للمرجع، بينما جعل الخلافة للأمة، أما مع وجود المعصوم فيتحد الدوران، حيث يمكن ترجمة الخلافة بلغة العصر بإدارة العملية السياسية، والشهادة بالإشراف الفقهي.
ولذا أقول إن من حسن حظ العراقيين معاصرة ما بعد سقوط صدام لمرجعية السيستاني، مع ما يسجل عليها من نقد، فلو كان غيره قد تربع على عرش المرجعية العليا في العراق، لكانت كارثة الكوارث.
ولي مقالات في ٢٠٠٢ و٢٠٠٣ نفيت فيها، وقت كنت إسلاميا معتدلا ديمقراطيا؛ نفيت الدور الولائي سياسيا للمرجع بأدلة شرعية، يوم كنت أعول على الدليل الشرعي، وفي مقالات أخرى وبنفس المضوم نفيت وجود فتوى سياسية ملزمة شرعا، كما نفيت إلزامية وصية لمرجع بخصوص السياسة، وهذا هو ما اعتمدته المرجعية أخيرا من حيث المضمون بيان في آخر تشرين الثاني من السنة الماضية الذي أشرت إليه.
آنذاك اعتبرت بسبب مقالاتي تلك مناوئا للمرجعية، واليوم تعتمد المرجعية رؤيتي الفقهية آنذاك. في 2005 شخصت عدم أهلية قوى الإسلام السياسي لقيادة العملية السياسية في العراق، وشخصت المرجعية ذلك بأكثر من عقد من الزمن بعد ذلك. وهذا كان وقتا ضائعا للشعب العراقي، بل منح فرصة لهذه القوى لتجذر نفوذها في العراق، لكن التدارك متأخرا خير من عدمه.
والفضل لثورة تشرين.
15/06/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف


.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب




.. مأزق العقل العربي الراهن


.. #shorts - 80- Al-baqarah




.. #shorts -72- Al-baqarah