الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوفيد 19 والعقوبات البديلة

خالد خالص

2020 / 6 / 15
دراسات وابحاث قانونية


يمكن التعريف بالعقوبة، على أنها جزاء يقرره المشرع ويحكم به القاضي، على كل من تبثث مسؤوليته عن فعل يعتبر جريمة في القانون. وقد يصيب الجزاء المتهم في حياته أو في حريته أو في ماله وشرفه... ويأتي الجزاء بهدف القصاص للمجني عليه إن وجد، ولردع وإيقاف تفشي الجريمة داخل المجتمع، حفاظا على أمنه واستقراره.

وإذا كانت المؤسسة السجنية تعد خيارا من الخيارات، لكبح جماح النزعة الاجرامية لدى بعض المجرمين بسلبهم حريتهم، فإن تطور المجتمعات أظهر العديد من العقوبات البديلة تتماشى والمقاربات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الحديثة بدل العقوبات السالبة للحرية. ومن بين العقوبات البديلة المقيدة للحرية ما يعرف بالحكم بالإدانة مع وقف تنفيذ العقوبة وما يعرف بالاختبار القضائي الذي يوضع تحته الجاني لمدة معينة والافراج بشرط ووضع الجاني تحت المراقبة القضائية ووضع الجاني تحت الإقامة الاجبارية والعمل لصالح المجتمع. والى جانب العقوبات البديلة المقيدة للحرية توجد عقوبات عينية كالغرامات المالية ومصادرة ممتلكات المجني عليه أو الحكم عليه بإصلاح الاضرار التي تسبب فيها.

ومنذ سنوات وأصوات فقهاء القانون والحركة الحقوقية تناشد المشرع، من أجل سن قانون جنائي ينص على العقوبات البديلة أولا لما تعرفه المؤسسات السجنية من اكتظاظ، كالعمل لأجل المنفعة العامة والغرامات المالية اليومية أو كتقييد بعض الحقوق وفرض بعض التدابير الوقائية أو العلاجية أو التأهيلية..

ويمكن القول بأن زميلنا الأستاذ مصطفى الرميد قد دفع في هذا الاتجاه حينما كان وزيرا للعدل والحريات، حيث تم تهيئ مشروع للقانون الجنائي يتضمن مفهوم العقوبات البديلة وتحديدها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا مع تحديد جرائم معينة لا يستفيد مرتكبوها منها.

وباعتبار أن هذا المشروع لم تتم بعد المصادقة عليه من قبل المشرع، فإنه كان على الحكومة وهي تشرع في هذه الفترة الاستثنائية أن تستحضر العقوبات البديلة في مرسوم 292-20-2 بسن الاحكام الخاصة بحالة الطوارئ الصحية الصادر في 23 مارس 2020 والمنشور بالجريدة الرسمية ليوم 24 مارس 2020 بناء على الفصل 81 من الدستور، ولا سيما المادة الرابعة التي تنص على العقوبات السالبة للحرية خصوصا وأن السياسة الملكية تذهب في اتجاه التخفيف من اكتظاظ السجون بالعفو من جهة، مخافة نقل العدوى داخلها وأن مخالفة أحكام هذا المرسوم من جهة أخرى تكون عادة من باب التهور أو الجهل ودون نية إجرامية أو نتيجة ضغط اجتماعي خانق لا سبيل للدخول في تفاصيله.

وبقدر ما نعاتب على "المشرع الاستثنائي" عدم استحضاره الجانب الوبائي وإغفاله إدراج بعض العقوبات البديلة عن الحبس، أمام الجائحة الخطيرة المتفشية، التي تتطلب الحضر الصحي والعزل، بقدر ما نعاتب على بعض القضاة الذين يصدرون أحكاما بإدانة المخالفين للقانون بالحبس في الوقت الذي أعطاهم المشرع إمكانية الاقتصار على الغرامة، إلا إذا كانت المخالفة مقرونة بالعنف حيث سننتقل من مستوى المخالفة الى مستوى الجنحة أو الجناية.

كما يمكن لنا أن نتسائل بحق عن توقيت ( le timing ) دورية رئيس النيابة العامة التي وجهها يومه 7 أبريل 2020 الى كل من المحامي العام الاول، والمحامين العامين بمحكمة النقض؛ والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ومحاكم الاستئناف التجارية ونوابهم؛ وكلاء الملك لدى المحاكم الإبتدائية والمحاكم التجارية ونوابهم - والتي يدعوهم فيها إلى العمل ابتداء من اليوم، على التطبيق الصارم والحازم للمقتضيات القانونية ، وعدم التردد في إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية بشأن الأفعال التي تصل إلى علمهم بشأن عدم التقيد بوضع الكمامات الوقائية في حالة الخروج من المنازل،" في الوقت الذي لم يصدر قرار وضع الكمامات إلا البارحة مساء ولم يكن المواطنون يتوفرون عليها باعتبار أن رئيس الحكومة سبق له أن صرح امام وسائل الإعلام بعدم ضرورة وضعها إلا بالنسبة للمصابين، كما ان معظم المواطنين لم يجدونها هذا الصباح في الأسواق لاقتناءها.

ذ.خالد خالص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا


.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة




.. كلمة مندوب فلسطين في الأمم المتحدة عقب الفيتو الأميركي


.. -فيتو- أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة




.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين