الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة. حارس النهر

عايد سعيد السراج

2020 / 6 / 16
الادب والفن


حارس النهر
قصة: عايد سعيد سِرَاج الدُليمي
( كلُّ واحد يقرأ هذه القصة من الزاوية التي يراها)
كالكَندر أو اللَ؛بّان معذِّبة الحيران، جميلة كفاكهة الجان ومغناجة وهفهافة كعود الخيزران، وتَعَوّد ضرسها دائماً على طعام الجنان ،تفوح من فمها روائح النعناع وحب الهال، فكان يتكئُ على بض جسدها المتأوه المغناج ، كتأوه أغصان الطرفاء لنسائم الفرات في ليلة صيفية، دلَّعها هبوب النسيم ،وتلاطفَ على خاصرتها رذاذ الماء، فا ستأنست لناعس الخَدر الليلي ْ، وإغفاءة اللِّذة المُسْتَرَابة ، الوَهّابة، لهسيس دفق الماء ،فاستوحد المكان مع ألطاف ِ شمائلها وراح بلبل الفرات يرفرف بصدرها أو يكاد . هامسةٌ دامعةٌ دافئةٌ أشجانُ روحها.
تَزّمُّ ليلها مع نقيقِ الضفادعِ اللواتي يَلْبُطْن َ على أطراف ثوبها المائي ، المتسالم مع حنان الماء، وغنجه المتصابي.
تمددت المرأة ُ فوق أرائك النهر في الليل،
الليلُ هامس ٌ ودافئٌ وطيبٌ وحنونٌ ومغناجٌ، يمدَّ النهرُ يده القطنية الحنونة ويمسِّد جسدها .
جسدٌ بضٌ يتهاتفُ مع نجيْمات ٍ يُبَصْبِصْنَ عليهِ من علٍ، من فتحاتٍ صغيرةٍ في رواق السماء، ويتقاطرُ عسلُ دمع النجيماتِ مع الجسد الـضّاج بالوهج ِ وبالوَنَس ِ الليلي ْ
فتُحْرن ُ بعض الموجات عن دفقِ الرذاذ ِ العطر، وهي مشدوهة وغاضبة من عسل دمع ِالنجيماتِ الجريئةِ المتباكية ِ من شقوقِ فتوقِ الرواقِ السماوي
فتداعب الانثى صباها، موْلِّعَة ً نارها ومنشغلة ًبهسيسِ الماء.
فَيَحْرنُ ثورُ الماءِ، ويحرثُ حصى النهر بقدميه المائيتين ، فتجفل الأسماك العطشى لسكون الماء، ومداعبة الخرز الحجري الملوَّن بالأخضر ِ ،والأزرقِ، والأسود ،والبني، والأبيض ِ، الوهاج، الذي كُتبتْ على صحائفه ِتواريخ المدينة، وشيحها وقيصومها ونيتولها ونجيلها ، ووداعة نسائها، وبراءة أطفالها، وشموخ رجالها، وكذلك رُسمت خيول أصيلة وغزلان برية وقطعان إبل وأغنام، وطيور ملونات كأنهن ّ في غرد دائمٍ وانسجامٍ ، وحمامات ٍمن هديل ٍ وبهجةٍ وفرح ٍ دائم ٍ ، وبعض أسراب قطا ، وسور له ابراج تعانق أبراجاً تماثلها في السماء، أما الذئاب فقد رُسمت في زوايا الأحجار وكأنَّ لها هرير قطط غريبة داشرة، قد أنهكها الجوعُ وطردها ناسُها فدشرت في الفلوات، كلّ هذا وغيره مرسوم على الاحجار التي تناوشت بعضها يد ُالمرأة وهي تُدَلِّي كامل جسدها الغنج إلى قاع النهر، فيرتجف الجسدُ بمَسِّ روح النهرِ الدافقِ، والمضبوب المتواتر في الاعماق، وتغوص المرأة بجسدها اللَدِن إلى اعماقِ النهر وهي تتراقص مع الأسماك الملونة وخزف النهر.
يتململُ النهرُ، يتململُ الحصى، وتتراشفُ الأسماكُ رحيقَ الماء، ورحيقَ بلل ِالجسدِ الموَّار، تتصادى الأسماك ُ فيوجعها سرّٰها القديم، ويحرك النهر ُ دواخله ويقذفُ زبده على جانبيْ شطآنهِ، فيبهج الأطفال ويتراشقون بالزبد والماء
: أما حارس النهر الرجل الذي لايُرى .
فكان يحرس القثاء والبامياء والخيار والجبس الدبشي، والفاصولياء والبقلاء الفرفحيْنة، وأشجار العنب والتفاح والأجاص والمشمش والدراق والطماطم واللوزية والبرتقال والليمون، واشجار الجوز والتين والزيتون ، وجنائن الحنطة والشعير والذرة الصفراء ذوات الجدائل الناهضة نحو السماء،
وكذلك الشوندر السكري وسهول القطن اللواتي تحرسهن الأيائل وبنات آوى وأسراب القطا واليمام .
وأحيانا تراه يطل من أعلى آثار الرصافة ينظر إلى الشمال حيث يتهدى النهر سابحا بعفويته وكبريائه العظيم، تزين له الاسماك مجده فرحة بقدومه وبهائه الجليل،
حارسُ النهر الذي يرى،يستحم برذاذ الماء وبَلَلِ الغيوم، ويتعطر برائحة ِالشيحِ والقيصومِ والنعناعِ والزعترِ البري وقرنفل الفراتيات .
هو صاحب الصوت الجميل والطلة البهية، الذي يحمل عصاه دائما مغنيا : أغاني العتابا والموليا والسويحلي والنايل والليمر والهجيْنيْ ، واغاني البيدر والحصاد،
هو مع الريح (مشمئلٌ وميمنٌ ومنجمٌ ومأرضٌ)، وله عشق وهواً لايحده ليل ولانهار، حارس النهر لاينام.
شبابته الريح ومجده نجيمات السماء، وسائده ذوائب الأشجار ولحافه الغيوم، أحيانا يرى( شيبا ًأسوداً) يتخاتل بين الأشجار البعيدة والوديان ومزارع القطن ،
حارس النهر منسجم مع روح المكان الذي تآلف مع وجدانه وكينونته وهو يَرى ولايُرى
من سرمد الأيام يحرس. النهر والمدينة وناسها ويلاعب الأطفال ، ويطعم الحمام واليمام، ويظل في أعماقه سؤال.
………………….
: الشيب هو حيوان مفترس أمه الضبعة عندما يستولدها ذئب
16/6/2020 .Nederland








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة