الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يجعلُ السلبية الفكرية تُخيم على عُقول الناسِ!

بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)

2020 / 6 / 18
المجتمع المدني


يوماً بعد يوم تطرأُ تغييراتٍ إيدولوجية وإجتماعية على مُجتمعنا، بعضها يُغير من طرق التعامل والتفكير للناس مع المواضيع من حولهم، وبعضها الاخر يصطدم بالعادات والتقاليد ليشكل إنقساماً حاداً مابين مؤيدٍ ورافض لهذا الحدث او ذاك، وهذا الأمر يعتمد على مدى تقبل فئةٌ معينة من الشعب لموضوعٍ ما مقارنةً مع فئةٍ أخرى متبانية معها في طريقة التفكير والتقبل للأحداث، فمنهم من سيأخذ الامور من زاوية إيجابية كنوع من التغيير وكسر الروتين، في حين الأغلبية سيتجهون نحو الرفض من زاوية إن هذا الحدث ومجرياتهُ ما هي إلا دخيلة على مجتمعنا ولايمكن قبولها، بغض النظر عن هل فعلاً إطلعوا على كل إبعادها أم مجرد الرفض لانها غربية عنهم، وهذا الرفض هو تجسيد للسلبية الفكرية التي تنخر في جسد المجتمع منذ سنين طوال وسبب في تأخرهُ في مجالاتٍ كثيرة.
إن السلبية الفكرية ليست مرضاً بحد ذاتها بقدر التمسك بها كأنها الحل الأوحد والأمثل في تقبل الأمور، والجدير بالذكر فأن السلبية في التفكير لم تكن وليدة لحظةً معينة، بل كانت بفعل الاضطهاد والغبن التراكمي الاجتماعي ولسنوات طويلة، سواءً كان يُمارس من قبل الحكومة أو النظام ضد فئاتٍ معينة من الشعب أو ما يُمارس ما بين فئات الشعب نفسها من زاوية طبقية ومركزية وحتى المدنية منها، الأمر الذي يترتب عليه نتائج يتمحض عنها فكرة أو قاعدة مشتركة لعدة فئات مجتمعية متباينة الفكر، تتلخص بقبول الأخبار والنتاجات السلبية فقط دون الخوض في تفاصيها او حتى صحتها من مصادر موثوقة أو لا، بمقابل التشكيك بكل ماهو ايجابي والمطالبة بمصادر ودلائل مع القناعة بأن وراءهُ دوافع ومؤامرات خفية، وخير مثال على ذلك هو خبر إيجاد علاجٍ لفايروس كورونا من قبل روسيا وأمريكا و أخيراً بريطانيا، فأن الغالبية العظمى قد طالبوا بمصادر وتأكيداتٍ، وشككوا بمصداقية هذه الاخبار والوسائل الناقلة لها، في حين يصدقون الأخبار الاخرى السلبية والتي تتحدث عن تطوره -كورونا- أو إمكانية بقاءه الى سنة 2021 مع العلم بأنه نفس الوسائل تنقلها!
الأمر لايتوقف عند أخبار كورونا بل تعدى ذلك ففي بعض الاحيان أي أعمال تطوعية تقوم بها جهة أو مؤسسة معينة تقابل بالتنمر والتشكيك بنيتهم في العمل وإنه بالتاكيد هناك لعبة أو اجندة يراد تنفيذها من خلال هذه الاعمال، وإن هذه السلبية التي يراد منها الشك والتمحيص في كل صغيرة وكبيرة من حولنا يقابلها بأنه لا أحد يتحرك لأجل كومة نفايات على قارعة طريق لشارعٍ سكني أو امام مدرسة!، والكل ينتقد هذا الفعل وكأن النفايات جاءت من كوكب زحل!
ولو أردنا البحث أكثر لوجدنا بأن الموضوع ما هو إلا إثبات رأيٍ إجتماعي -إنتقادي- اكثر من ماهو فعل على أرض الواقع، ينبت من وجهة نظر إثبات الذات وفراسة في الفكر وفهم الأمور، والأكثر خطورة هو المنقادين خلف هذه الافكار ونشرها على إعتبار إنه أمر إيجابي وتحذيري للبقية كتوعية لما يدور حولهم، وبالتالي فهو تثبيت لفكرة مهما فعلنا فلن نحصد سوى الملامة والتهميش أو سرقة الجهود، مما يؤدي الى مانراه اليوم من حالة الكسل الجماعي التي يعاني منها المجتمع.
ولغرض محاربة وتقنين هذه الظواهر السلبية لابد من التوعية المجتمعية وكذلك البساطة في طرح الأفكار الجديدة ذات الطابع الايجابي البناء، والذي يهدف الى خلق بيئة آمنة تحدها الثقة من كل الجوانب وكذلك تعزيز الروح الانسانية في التعامل ونبذ السلبية أو تحجيم وجودها من خلال التركيز على الجوانب والاخبار والنتاجات الايجابية الملموسة وخير مثال على ذلك التركيز على إرتفاع حالات الشفاء من فايرس كورونا وكذلك الاخبار التي تشير الى إنه تم التوصل الى علاجات ولقاحات له، وأيضاً نشر القصص الانسانية والتطوعية والتي تعيد ثقة المواطن بالمواطن وكذلك المواطن مع المجتمع الذي يعيش فيه، وكذلك تعزيز أواصر الثقة مابين فئات الناس المختلفة وجهود الحكومة الخدمية، وهذا يتحقق من خلال جرعات مُركزة من الايجابية تُجابه ما ينشر من سلبية في المجتمع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي او الراديو او التلفزيون، حيث إن الايجابية هذه سيتمخض عنها مجتمع متكافل عابر للحدود الدينية والمناطقية وحتى العشائرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا