الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انصهار في ذات تائهة .

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2020 / 6 / 19
الادب والفن


تتردد في نشر خواطرها ، حتى على شبكات التواصل... فهي فتاة عربية ، سليلة ثقافة ترى في بحث الأُنثى عن توأم روحها ، خروجٌ على التقاليد ....!! ولأنها لا تُريد لذاتها التي تتوق للإنصهار في بوتقة الوجد ، ان تتحول الى " سيرة شعبية" ، فإنها تتردد... لكن لا بدّ وأن يأتي هذا اليوم ، الذي تتخطى فيه هذا الحاجز الوهمي ..
ورغم أن خواطرها عميقة ، قوية السبك ، لكنها لا تثق بإبداعها ، وترى أن تُبقي ما تجود به قريحتها ، مطويا في خزانة اللذين يتوقون للإلتقاء بغتة، بمن سيحمل معهم لحظات السعادة المرجوة ...
قررت أن أشارككم هذه الخاطرة التي "تُعبّرُ" عنها أجمل تعبير ، آملاً أن تنال استحسانكم ودعمكم ، وسأكون وسيطا بينكم وبينها .. واليكم الخاطرة ...
سلامٌ عليكَ يا روحًا ملَكَتْني وملَأَتْني، يا روحًا آوَتْني وداوَتْني، يا روحًا أحبّتني فأحيتني!
أمّا بعد؛
فقد انتظرت أن يأتيَني رجُلٌ على مقاس أحلامي تمامًا، أن يأتي كما أريده وأتمنّاه، رجلٌ حنون حتّى في غضبه، يحتويني حتّى في خلافاتنا، يعلم أنّ المشاكل لا تعني أن يكون قاسيًا أو حادًّا.
أن يراني كما أرى نفسي، أن يرى ما أراه أنا بداخلي، أن يريدني كما أنا، بشغبي وطفولتي، وقوّتي وعنادي، أن يقرأ كتاباتي دون ملل أو اعتياد.
كنت أريده رجُلًا يُظهر لي حُبّه، أن يكون ضعيفًا أمامي ولا يخشى أن يقول ما بداخله، أن يعترف بِحُبّه دائمًا دون كبرياء، كنت أريده أن يحتضنني دائمًا، أن يكون دافئًا ويفتح لي ذراعيه في كلّ الأوقات وبدون أسباب، أن يكون دقيقًا يركّز معي أنا فقط! أن يلاحظ أحمر شفاهي وإهمالي لأظافري، أن يميّز عطري ويُدمن رائحتي، أن أكون عالمه الخاصّ، العالم الّذي يهرب إليه دائمًا من ضجيج العالم الخارجيّ.
أن أكون الأقرب والأفضل لديه، أن يختبئ بداخلي حتّى من أفكاره، أن يكون رجُلًا مُحبًّا ودافئًا، حتّى لا أسَعَ غيره ولا يسعه أحد غيري، أن يكون الفراغ الّذي خلّفه العالم بي وكأنّه كان محفورًا على مقاسه تمامًا، كنت أريده أن يحفظ كلماتي الّتي أظنّ أنّها ليست مهمّة، أن يحبّ صوتي الّذي لا أحبّه، أن يحبّني! أن يرى الجمال الّذي لا أراه أنا في نفسي.
كنت أريد حُبًّا لا يُمكن تكذيبه، أن أُحِبّ لدرجة ألّا أذكر أنّي في حياتي كلّها أحببت أحدًا كما أحبّه، أن يكون الأوّل والأوحد في قلبي. أن يُشعِرَني أنّني مسافةٌ بين جسدين: جسد أُقيمُ فيه، وجسد أخطّط للانتقال إليه.
أن أستثنيَه دائمًا وكأنّه الجميع، أن أحبّه باللّغة العربيّة الفصحى، لغتي ولغته، لغة يدرك معناها جيّدًا وتُدهِش قلبه الّذي أُحِبّ. أن أُعيد قراءة محادثتي معه للكثير من المرّات لأنّ فيها كلمةً لامست قلبي، أو ربّما كلمات، أو كلّها! أن أسمع الملاحظات الصّوتيّة منه مرّة واثنتين وثلاث لضحكة ظنّ أنّها عابرة بينما كانت أُعجوبةً بالنّسبة لي! أن أتأمّل صورته دون مراعاتي للوقت المُهدَر عليها، أن أُسرِف في مشاعري بكلّ ما يخصّه لأنّه الأقرب إلى قلبي!
أن يُشعرني أنّي مميّزة فعلًا! أن أكون أهمّ ما يهمّه في حياته، وأولى أولويّاته، وأشاركه بأدقّ تفاصيل يومي. وأن أُفرِط في حُبّي له دون خوف لأنّي على يقين أنّه لن يبخل عليّ بالمشاعر في المقابل. أن يفهم حُبّي ويتفهّم غيرتي، وألّا يتوقّع منّي أن أكون مهذّبة حين أغار، وأن يعرف أنّ غيرتي لا تعني الشّكّ! بل تعني أنّه ارتقى إلى المرتبة الّتي لا يُسمح لأحد أن يمسّه بها، وهي منزلة أرقى من الحُبّ وأرقّ بنظري! أن يفهم أنّ غيرتي ما هي إلّا دفاع عن ممتلكات قلبي.
أن يُدرك أنّي امرأة لا يمكن استبدالها بأخرى، أن يُقدِّر أنّه لو أضاعني وفرّط بي فلن يجد من تُشبهني، وأنّه سيمضي بقيّة حياته يجمع بقايا صورتي من ألف امرأة أخرى، لكنّه لن يتمكّن من جمعي لِيُعوِّض غيابي!
أن يعي أنّ أكثر ما أحتاجُه بعد يوم طويل، سيّء، مُزعِج، صاخب، مُتعِب، مُعقّد، ثقيل ومليء بالمشاحنات، حضنًا يحتويني فأذوب فيه كقطعة جليد، فيُهدّئ من رَوْعي كطفلة صغيرة، حضنًا يجعلني أشعر أنّي في أكثر الأماكن طمأنينة.
كنت أريد رجُلًا مُحِبًّا، لا يلمس قلبي شيء أعمق من حُبّه! أن يجعلني أنسى الخوف على نفسي، وأخاف من الضّرّ يصيبه فيؤذيني، أن أرجو من الله لُطفًا بقلبه لا يقوى عليه بأس ولا ضرّ. كنت أريد ألّا أملّ حديثي معه، ولا يملّ هو من محادثتي، أن "أتغابى" حين يجيب على أسئلتي المفهومة إجاباتها ضمنًا، فيفهم فعلي هذا بأنّه ما هو إلّا بهدف التّعمّق في تفاصيل إجاباته. أن يجلس معي أربعين دقيقة يستمع لكلّ شيء في حديثي، وعندما يهمّ بالمغادرة، أسأله عن عمره فيجيب "أربعون دقيقة" ثمّ يمضي في طريقه.
كنت أريده أن يراني دافئة بشكل قد يصيبه برغبة في البكاء، أن تذوب قسوته الّتي شكّلتها الأيّام في لحظة واحدة ويغوص في حضني كطفل يحتضن أمّه ليكُفّ عن البكاء. وعندما أسأله كيف حالك؟ يجيبني "بدونك حالِك"، وإن أراد أن يزيدني عشقًا وهيامًا به يجيب "حالي منصوب بابتسامتك".
أن يجعلني أصدّق تلك الرّسالة الخامسة الّتي تلقّيتها ذات مرّة وتقول بأنّ الله خبّأني لمن يشبهني، فقد كنت أؤمن أنّ الحُبّ لا يجمع المتشابهين، بل يجمع المختلفين دائمًا، كاثنين بينهما فارق العمر، أو أحدهما يعشق الاهتمام والآخر يحتويه البرود، أو يغيّر أحدهما نفسه من أجل الآخر بينما الآخر لا يتغيّر ساكنًا، اثنين أحدهما له ماضٍ والآخر يُحِبّ لأوّل مرّة! أريده أن يشبهني لدرجة تجعلني لا أصدّق أنّه موجود حقًّا. أن يجعلني أُحبّه غاضبًا، ومعاتبًا، ومسالمًا، ويُحبَّني هو بكلّ حالاتي الّتي أظنّ أنّه لا يحبّني بها، كما أفعل أنا معه. ويجعل قلبي يؤمن به، وبأنّه الشّخص "الصّحّ" في الوقت "الصّحّ" في القلب "الصّحّ"، ويعانق قلبي بوصال لا أذبل بعده أبدًا!
أن يجعلني لا أتمنّى سوى أن أكون معه فقط، إلى وقت لا نهاية له، أن أكون معه إلى أن ينتهي العالم.. أن تكون النّقطة الأهمّ في حياتي أن يبقى أثره إلى أطول وقت ممكن. أن أُحِبّ قيودي معه أكثر من حرّيّتي بدونه، ألّا يقترن حُبّي له بمبادئ، فالحُبّ هو أن يكون لك مئة سبب للرّحيل ولكنّك لا ترحل، وأن تكون كلّ الأشياء قابلة للتّعديل من أجله!
أن أطمئنّ معه وبه مهما مررنا بظروف سيّئة وعصفت بنا الحياة، أن يكون هو الوحيد الّذي يلفت انتباه قلبي، وأن أكون أنا هنا دائمًا لأجله، وحين يحارب الأيّام وتقسو عليه الحياة، يجدني هنا لأكتب عنه بِحُبٍّ في كلّ مرّة. وأن يكون بلسمًا لكلّ آلامي ومرهمًا شافيًا لجميع أوجاعي.
كنت أريد رجلًا يعانقني بعُنف حين أعترف له أنّي من الأشخاص الّذين لا يُطاقون في نهاية الأمر، وأنّي من الّذين يشعرون أكثر ممّا ينبغي، ويفكّرون أكثر من اللّازم، ويحتاجون لكلمات معيّنة يسمعونها، ولا كلمات وتصرّفات تدهشهم بسهولة، وأنّي من تلك الفئة الّتي ترفض الأشياء المتكرّرة والكلمات المُعادة والوجوه المتشابهة.
أن يرى وجهي وطنًا دافئًا حين أبتسم، وأن يشعر وبطريقة ما أنّ أمان الكون كلّه يقيم بين ملامحي، أن يرى ابتسامتي فتّاكة ويظنّ أنّي أستمدّها من أكثر الأشياء صدقًا في العالم، وأن يرى أنّ أكثر الأشياء صدقًا في العالم هو قلبي، مثلًا! وعندما لا يعرف إلى أين يذهب، أن يتّجه نحوي.
كنت أريد شخصًا لا يمرّ ذكره إلّا وابتسمت له وكأنّه العيد والآخرين أيّام، وأن تكون لي في الحياة حياةٌ تسكُن وتستكين به، وألّا ينجو منّي يومًا ولا من أشيائي الّتي تُبقيني مألوفةً لديه، وأن يتعثّر بي دائمًا وأبدًا. وأن يفهم أنّي في أوّل لحظات صحوي من النّوم أكون كالأطفال لا أقوى على مواجهة العالم، بل أحتاج أن أستلقيَ في حضنه قليلًا لأستمدّ الطّاقة حتّى أبدأ نهاري كما يجب. وأن يجعلني أشعر عندما أقف إلى جانبه أنّي لا أودّ التّحرّك حتّى لو فاتني العالَم، وأن يراعي جنوني وطَيْشي، وأن يقبل أنّ كلّ نوافذ قلبي لا تُطِلّ إلّا عليه فيتحمّل تعلّقي المُفرَط به.
ولكي يرسو الإنسان على برّ، عليه أن يجرّب أكثر من ميناء، وفي رحلة إبحاري في عواصف الحياة، أصبحت أنت رياحي التي تحرّك سفينتي، فحين التقيتك، صرت أنت مرساي ومينائي، كنت منطفئة وأضأتني، جعلتني أُشعّ وأتوهّج دائمًا وأنا برفقتك، جعلتني لا أملّ صحبتك أبدًا، جمعت في خصالك كلّ ما ذكرتُه وكلّ ما غفلت عنه! وكأنّ الله في حياكتك فصّلك لتناسبني وتجيب على جميع متطلّباتي.
لن يفهمني أحد، فأنا أتحدّث عن شيء قطعت فيه آلاف الأميال تفكيرًا ولم يمشِ فيه أحد خطوة واحدة!
لن يشعر بي أحد، فأنا أشرح شعورًا جال في قلبي كلّ ليلة ملايين المرّات، ولم يطرق قلب أحد ليلة واحدة!
ليس ذنبهم..
بل هي المسافة الهائلة بين التّجربة والكلمات!
والآن قُل لي..
أما آن لهذه الكتلة العملاقة، الّتي تملك شمسًا وقمرًا وخمسة محيطات، أن تصنع لنا مكانًا صغيرًا لنلتقي؟!
2020/03/25








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Jeries Alam شكرا صديقي
قاسم حسن محاجنة ( 2020 / 6 / 20 - 14:35 )
تحياتي واحترامي
الفت انتباهك الى انني انشر لصبية لم تجرؤ بعد على نشر انتاجها
يومك سعيد

اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي