الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديوان تشوه لا إرادي - 8/1

أحمد عبد العظيم طه

2020 / 6 / 21
الادب والفن


الباب الأول


" عــــــــــــــــــــــــواء "













الذئب إنسان في هيئة مختلفة













الخفاء

حين تتخفى لا أحدَ يراكَ
وأنت حزينٌ لذلك
صدقني .. إنّك حزينٌ لذلك
غير أنك تُقنع داخلكَ المريض
وعقلكَ المذهون
بأن الوضعَ ممتعٌ هكذا
وهكذا حُجة البليد في الحياة تكون

فاصعد من خفاءكَ أيها التعس ,,
وتيقظ لنحبك المحتوم بلا جريرةٍ
وبلا نواحٍ يصحبك
ويجعلك تعيد تقييم نفسك هامسًا
" ها هم ينوِحُون عليَ..ها هم ينوِحُون عليَ "
فاصنع جريرتكَ,واصعد من خفاءكَ
هذا الذي أهدرت أظافرَك وروحَك
في صناعتهِ الثقيلة

هذا الخفاء الذي يُشبه جُحراً
عميقاً,ضيّقاً,رطباً
في جبلٍ من الطين اللدن
لا يأتيه الضوء من بين أي شيء
ولا من خلفه
وهو في الظلام مفرد ووحيد
.. ذلكُم جبل الطين
أما عن الجُحر فحدث أنكَ به
كحيوان جبان الروح
ضعيف النفس والبنية
واهن الأنفاس من فرط التخفي
والخيالات المرعبة
والوحدة التي تحول الذكر إلى أنثيين.

فاصعد أيها المخفيُّ بمبرركَ القديم
مبرركَ الخرب كمصباح خربته الريح
وأنضبت زيته المناقير
بيد أنك مازلت تستضيء به
ولا تعلم أنكَ أعمى
يستضيء بمصباح خرب

* تنويه أخوي :
عندما تصعد
ستدرك أن الجُحر هو الجبل
والجبل هو الظلام
والظلام هو عينيك المقفلتين اللزجتين
فافتح عينيك بتؤدة
وامسح وجهك بالماء
ثم انظر في ساعتك
إنها الخامسة صباحاً..
وسينهار الخفاء بعد ساعة من الآن
فبادر أنت بجلبها من الخارج
ثم تسكعها – الساعة –

* تنويه حقيقي :
المجازات كلها كاذبة
والواقع قيد الواقع
والناصح صنو المنتصح
فالزم خفاءك .. واستعذ بالله
من وضح النهار وزحام النفوس

* تنويه فقط :
هذه ورقة وهذا قلم
وتلك أفكار برأسك
التي لابد أن تمتلئ بشيء
مادمت حيا تأكل وتقرأ
إن الوضع طبيعي على الإطلاق
فدخن سيجارتك غير مستاء لشيء
إن الوضع طبيعي على الإطلاق..
فقط لا تنوه مرة أخرى.
*تنويه أخير :
بينك وبين الجنون خمسةَ عشرَ مترًا
فاستقم
واشمخ بأنفك
وهندم منامتك
ثم تمتع بالطبيعة والمشي.









المنطقة النائية

كم أدري أنكِ مُبهظةً
كم أدري أنكِ نائية
وبعيدة جداً عن الحياة
وتافهة بالمرّة في الأرض
وفقيرة كالفقر
كم أدري عنكِ من شيء يحزن
ويقسّي القلبَ عليكِ حتى يكرهكِ

وكم أكرهكِ
وأشفق منكِ علي من فيكِ

ولكم حاولت أن أخرج من بين أرجلكِ
أيتها العنكبوتة اللزجة
وكنت تتقفلين عليّ كأنكِ بلا منفسٍ

أيتها النائية الملعونة بالبعد
قد عَمِلَكِ البعداء فالتعِنوا بكِ
لكأنكِ النحس يمسكُ بلبابِ داخلكِ
فلا يتركه إلا قتيلاً
لكأن الزمن لا يمر بكِ غير صدفة
ككسيح جائل
فمن يحتمل هذا الخسرانَ المبينَ غيري
إن الملاعين الآخرين لا يدركون شيئاً
ويسفهون ما أقوله..
يخالونه هذياً
ويضحكون ضحكاً مقيتاً
شديدَ زرقة اللون وملعوناً كمثلكِ
فأصمت أنا
وهم يستدركون: مصيركَ جهنم
فأعلم
أني
لست مُغادركِ أبداً ،،,


النعيب

أيتها السماء التي تَعَرّتْ
وألقمتني الحقائق حجرًا حجرًا
..إنه ينْعَبُ داخلي

أيتها الأرض التي
ما وطأتها إلا زورًا وبهتانا
حتى التشوه والاكتمال
..إنه ينعب داخلي

ذلك الخراب الذي لا يغادر
كأنه أثر الحرق باقيًا
لا يغيره الشفاء ولا الكِبَر

إنه ينعب داخلي
وله صوت أسمعه بسمعي
وإنه الخوف بعينه ..
هذا يخيفني من نفسي
أن تسمع أُذني صوت نعيب
يأتي من الداخل
لا أراه بعيني
ولا يسمعه أحد غيري

هو يُطلق النعيب,ويعرف أنني أفهمه
وأنه يخيفني
ويكاد يميتني بالفعل
عندما يقترب
كصوت شيء يقترب

الفرار ... !!
لم أستطعْ الفرارَ
فهو يأتي من الداخل صريحاً
مؤكداً بنعيبٍ له سمتُ الوجودِ الحيِّ
ونعرة التجبر
ويحمل عليّ المعنى مجرداً كطعم الماء
مفهومًا مثل العبارة
فأسمع مرغماً قلقاً,إلي حدّ الترصد للظهور
الترصد الفزع لأن يقترب الصوت
إلى درجة أن يظهر الفاعل
حتماً أنا لا أدرك فزعي
فحين أدركه لا مناص عن
إحدي النهايتين الأبديتين للفزع
الجنون
أو الموت.

لا شيء يأتي عبثاً ،
لاشيء يأتي بلا مقابل ,
الحياة والموت ،
المرض والعافية ،
اليقين والشك باليقين ,
سكينة قد حلَّت..ونعيب قد ثار

فيا ربي الرحيم
تغمد خرابي
بما تُعَمِّر به الأنفس الصالحة
من عمرانك
أو مُد يدك لتنزع سكينتي
كما تنتزع الحياة ممن لا يستحقونها
فإنهما لا يجتمعان..
هذا الخراب ذو النعيب الثائر
وتلك السكينة التي من طبعها
الهدوء.
الهدوء.








أنا أَعلَمُكِ أيتها الكتابة

من سيقرئكِ أيتها الفاجرة..؟
أيتها المجهدة لأصابعي ورأسي
وحتى ذكري الهائج دوماً عليكِ
قولي لي من سيقرئكِ ؟
وماذا سوف يجني إذا قرأ حتى ..؟
قولي لي وسأعود لمعاشرتك
والنوم عليكِ,والسهر فوقكِ
ذلك رغم فجركِ وفحشكِ
وبطش إجهادكِ بي..إنما قولي
إن كنتِ حقاً لحماً ودماً و"تهيؤات"

قولي لي,وها أنا كلّي أعضاء مصغية
كوطواط زنيم
بيد أنك - وأسفاه علي ذلك -
كحجارة داعرة,وصماء أيضاً,ولا تقول...
فالحجارة الداعرة,لا تقول شيئاً...
وأنتِ كمثلها..
لا تقولين من سيقرئكِ وماذا سيجني !!
وكل الذين هم آدميون
قد باتوا كلاباً نظيفة أو كتبة حقراء.

أما عن الكلاب النظيفة
فهي نظيفة وعجماء جداً,فلا تكتبكِ أو تقرئكِ
ولها ذلك عذراً جميلاً,وجهلاً بديعاً.

أما عن الكتبة الحقراء
فحدث أنهم حقراء وكتبة
لا يقرؤون سوى ما استوى أمامهم منكِ
شرط أن يكونوا هم دالقوا الحبر عليكِ
فكلٌّ يقرأ فقط دلقته..ثم يمضي
غير آبهٍ بدلقة جاره
هذا الذي دلق ومضى أيضاً
وها أنا بعد هنيهة واحدة ..
سأقرأ دلقتي هذه وأمضي
دون أن أجني شيئاً,سوى إجهاد كبير
من أثر فحشكِ وغوايتكِ
وفجر مفاتنكِ العارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد