الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديان و الطوائف المتشددة في سورية

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 6 / 21
المجتمع المدني


دين الدّولة هو الإسلام لا يعني بأي حال أنه يقتصر على الإسلام السّني، من وجهة نظري فإن إيران قد تكون أكثر تشدداً من السّعودية ، ربما العكس أيضاً، كلاهما يستعمل الدين كوسيلة ، وطالما نتحدّث عن سورية فلا بد من استبعاد إيران ، و السعودية، حيث يعتبر النظام السوري الطائفي أن جميع السّنة إرهابيين، وهو يحارب الإرهاب.
قبل أن ندخل في العمق أرغب أن أسأل: هل يوجد علمانيون في سورية ، بالنسبة لي لا أعرف من هم العلمانيون، أعرف أن هناك دين علماني يؤمن بنظرية دارون التي لم يثبت صحتها، ومع هذا سوف أتجاوز هذا الموضوع ، و أفترض أنه يوجد علمانيون ، فمن هم؟
سوف أضرب مثالاً: دعيت إلى مكتب الحزب الشيوعي في القامشلي كي ألقي محاضرة عن المرأة، لم أكن شيوعية في ذلك الوقت، لكن أعادوا الصلة بي من باب أنهم قد يكسبونني. اشترطت أن يتم تقديمي باسم الأستاذة المحامية، و ليس باسم الرفيقة. طبعاً جميع الحضور أعرفهم ، و يعرفونني بدءاً من أعضاء المنطقية، و انتهاء بزوجات الشيوعيين الذين يحضرون المناسبات من أجل أزواجهم، طبعاً الرّجال كلّهم علمانيون بمعنى أنهم لا يصومون، ولا يصلون، يشربون الخمر، يؤمنون بحريتهم الشخصية، و أغلب النساء لا تسمع من كثرة ترداد الشّعارات على مسامعهن، أغلبهن لا ينتخبن أزواجهم في الانتخابات الحزبية ، وهذا سر قاله لي بعضهنّ.
تحدّثت يومها من ضمن ما تحدثت عن المهر، كان الرجال يرغبون بإلغاء المهر لأنه رجعي، أرجو أن تتأنوا في سماع رأيي:
كان في ذلك الزمن عرف عند الأكراد،" و أغلب الشيوعيين في القامشلي أكراد " أن يكون مؤخر المهر 500 ليرة سورية ، و المقدم حسب الاتفاق والعرف حيث يدفع العريس المهر لوالد العروس فيجهزّها، أحياناً يحتفظ بقسم منه ، تدور الأيام، ويستولي الزوج على طوق الذّهب أو الإسوار الخاص بزوجته بحجة ضيق ذات اليد، لكن هذا لا يمنع أن الطلاق بيد الرجل، و أنه قد يدفع تلك الخمسمئة ليرة في المحكمة ويطلق بسهولة، وهذا ما حدث مع إحدى صديقاتي، فبعد أن وصلت إلى عمر الخمسين طلقها زوجها ، وبقيت صفر اليدين. يبدو أن النساء ارتحن لطرح موضوع المهر فسألتني إحداهن : هل تؤمنين بالمهر، وكان أبو وليد عضو لجنة منطقية ينتظر إجابتي، قلت للمرأة : ليس للمهر قيمة لأنه بمرور الوقت تنخفض قيمة الليرة ، يجوز أن يكون المهر بالذّهب لو أردتم، لكنّ الزواج شركة، وهذه الشركة تحتاج إلى بناء. لا ضرورة للمهر على أن يكون للمرأة نصف بيت الزوجية مثلاً. انتفض الرفيق، وقال: تحرضين النساء علينا!
يريدون أن يلغوا المهر، و الدولة دينية، و الزواج وفق الشريعة، أي أن تصبح المرأة سبيّة يرمونها بين ليلة وضحاها. تلك أمثلة فقط عن العلمانية الخالية من الإنسانية.
التعصب الديني عند الأقليات يعادل التّعصب الديني عند الأغلبية ، أحياناً يفوقه، لكن تحت اسم العلمانية .تقوم الأقليات من الطوائف بالترويج إلى أنها علمانية ، تلك العلمانية هي نفسها التي مارسها الشيوعيون سابقاً ، هي علمانية غير إنسانية لناحية المرأة ، وهنا لا أتحدث عن الحجاب كون الكثير من العلمانيين نساؤهم محجبات ، وفي سورية ليس الحجاب حرية شخصية أبداً، و ليس إكراهاً فهناك بيئات محجبة مئة في المئة . المرأة في أغلب الأحيان تتحجب باختيارها لأن خياراتها في الحياة كخيار صديقتي في المهر، مع الزمن يصبح الحجاب جزءاً من جسدها.
في المقابل: بعض الأقليات لا يحجبون نسائهم فهل هم أكثر تطوراً؟ بثينة شعبان غير محجبة، وكذلك أسماء الأسد، وسوزان نجم الدين . هل تعتقدون أن هؤلاء النساء هن أكثر تنوّراً من المحجبة. نحن ننظر إلى موقف المجتمع تجاه المرأة ، وهنا يمكن القول أن المرأة غير موجودة أصلاً ، وربما لا ترث عند بعض الأقليات. إن كانت المرأة من محردة مثلاً فلن تكون محجبة، و ليس بالضرورة أن تكون متمدنة، أو لها حقوق ، و إن كانت من حلب، فسوف تكون محجبة لأنّها ضمن بيئتها، قد لا تحظى بحقوق.
حتى في الدول العلمانية ، رغم وجود المساواة ، بل أكثر من ذلك فإن بعضهم يعتز أن حكومته نسوية كالسويد، لكن الرجل الحقيقي يبقى رجلاً فالمساواة لا تعني تغيير الجنس، و يقدّم الحلي لزوجته ، يرعى الأطفال معها، وفيما عدا الاستثناء قد يتفاهمان حول مستقبل الأطفال لو أرادا أن يفترقا.
لن يكون هناك علمانية في دولة دينية طائفية كسورية، فالعلمانية هي خيار كالروحانية، لن نصل إلى هذا الخيار إلا إذا بنينا مجتمعاً مدنياً يتعلم الأطفال
فيه الإنسانية ، يتم تربيتهم منذ أعوامهم الأولى على حبّ البحث عن الحقيقة. أي أن الأمر يحتاج إلى أجيال حتى يختار الفرد علمانيته أو دينه ، هذا لن يتم في سورية ، ولا في أي مكان من الوطن العربي ، فالعلمانية في الوطن العربي تعني أن تمجد طائفتك ، و تلعن الإسلام ، كما أن تخلف الكثير من المسلمين بلغ أوجه، هم يسمون أنفسهم ثواراً ، ويطالبون بالدولة الإسلامية ، و نحن أين نحن؟
نحن لسنا من أولئك ولا هؤلاء. نحن في القاع كرة يتقاذفها الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من دون تعقيب
john habil ( 2020 / 6 / 22 - 08:28 )


حيث يعتبر النظام السوري الطائفي أن جميع السّنة إرهابيين، وهو يحارب الإرهاب
أعرف أن هناك دين علماني يؤمن بنظرية دارون التي لم يثبت صحتها،
لتعصب الديني عند الأقليات يعادل التّعصب الديني عند الأغلبية ، أحياناً يفوقه، لكن تحت اسم العلمانية .تقوم الأقليات من الطوائف بالترويج إلى أنها علمانية
المرأة في أغلب الأحيان تتحجب باختيارها لأن خياراتها في الحياة
بعض الأقليات لا يحجبون نسائهم فهل هم أكثر تطوراً؟ بثينة شعبان غير محجبة، وكذلك أسماء
الأسد، وسوزان نجم الدين . هل تعتقدون أن هؤلاء النساء هن أكثر تنوّراً من المحجبة
سيدتي : الأستاذة المحامية ..
لا تقفزي بين الأحداث بوثبات طويلة ، ولا تنتقلي من فكرة إلى أخرى قبل أن تشرحي وتوضحي ولا تصدري أحكاماً مسبقة قد ترفضيها لاحقاً
المجتمع العربي مجتمع ديني عنصري وليس علماني أوديمقراطي ،يجب أن توضع النصوص المقدسة على الرفوف وتتحول السلطة التنفيذية إلى القوانين المدنية وخلع كل جبة وعمامة وحرقها بالنار .. والإنسان في هذه الأيام عصر الذرة والفضاء والتكنلوجيا والنت إنسان واعي ويشارك في الحياة الإنسانية بقدر كبير من المسؤولية


2 - لقد وصفت الواقع
Nadia Khalouf ( 2020 / 6 / 22 - 16:02 )
لم أقل أن المجتمع علماني، و إنما انتقدت ظاهرة الطائفية تحت اسم علمانية. هل تريد شرحاً مفصلاً .
. لكل ظاهرة. نحن إذن أمام موسوعة
برأيي المتواضع سوف يستمر الوضع ، تغيير المجتمع عن طريق الحرق غير وارد، ربما عن .طريق التأهيل، وهذا يلزمه أجيال .


3 - الحجاب مقياس للتطرف
johnhabil ( 2020 / 6 / 22 - 19:50 )

لم يمضي عقدين من الزمن على رحيل الإستعمار عن البلاد العربية حتى انتشر الفكر والوعي في المجتمع وبدأ الناس يتعاملون مع العلم والمعرفة والمجتمعات المتطورة يسلاسة وإدراك وبعيداً عن النصوص المقدسة ومن أجل حصانة وعدالة وتعليم المرأة والسعي من أجل حريتها ومساواتها بالرجل غاب عن الشارع ( الحجاب ) حتى الثمانينات
.. فهبت عاصفة الرمال الخليجية بعد أن سالت الأموال عليهم من آبار البترول والغازليعيدوا غزوات الأمس والسيطرة على الشعوب العربية بواسطة الدين وهكذا بوجود تلك الشرعية الدينية و وضع المرأة المزري وفرض الحجاب سيستمر الوضع لألف سنة أخرى أو الثورة وحرق تلك الجبة والعمامة لإنها ء شرعيتهما


4 - تعريف الثورة
johnhabil ( 2020 / 6 / 22 - 19:57 )

الثورة : هي التغيير الجذري للحياة الإحتماعية والإقتصادية والسياسية الفكرية
أهل الجبب والعمايم والشيوخ ودور الفتاوي دمٌروا سوريا وحرقوا اقتصادها وقتلوا وشردوا أهلها ونشروا الرعب والفساد الإخلافي عن طريف المجاهدين والدواعش ونكاح المجاهدات واللواط بين المؤمنين (( كي تتوسع الأدبار لإحتواء كبسولات التفجير )) عبر الخليج والدول الإسلامية مروراً ب حدود الخلافة الإسلامية ( تركيا) .. هؤلاء ليس ثورة
لأن سوريا لم تكن محروقة قبل عام 2011 لكن الدين هو من حرقها ؟

اخر الافلام

.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في


.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع




.. رئيسة -أطباء السودان لحقوق الإنسان-: 80% من مشافي السودان دم


.. إسرائيليون يتظاهرون عند معبر الكرامة الحدودي مع الأردن لمنع




.. الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا