الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان المسلمين ليست حركة بل طائفة

طلال الشريف

2020 / 6 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإخوان المسلمين، لأنها جماعة شغلت تاريخ المنطقة والعالم قرابة قرن من الزمن ولا تزال، وإنتشرت في كل دول العالم بدرجات متفاوتة، ولهذا لابد أن، ومن المفترض، أن تشغل عقل أي مفكر أو متابع أو أي مواطن في الشرق أو الغرب أو في أي بقعة في هذه الدنيا، ولأن جماعة الإخوان هي جماعتنا في الوطن العربي أي مركز نشأتها ومركز إنطلاقها ونموها هي مصر أرض الأنبياء وأرض الفكر، أي مركز العالم العربي والإسلامي والكون، أي ونحن هنا في هذه البقعة ، وأصحابها،أولى الناس بها، والمفترض أننا أكثر فهما لبيئتنا وفكرنا، وقد نفهمها أكثر عمقا من غيرنا، فالأب يعرف أولاده أكثر من أي بشر آخر . ولما لا وجماعة الإخوان لا تزال حتى اللحظة عنصرا فاعلا سلبا أو إيجابا فيما يتفاعل على الأرض العربية، وآخرها المشكلة الليبي، وسبقتها كثير من الدول كان الإخوان مشتبكون مع واقعها بدءا بمصر ومرورا بسوريا والعراق واليمن وكل الدول العربية والإسلامية، وشريط طويل من الفعل المشتبك أعجب أم لم يعجب غيرها، توافق معها أو إختلف معها أو عليها الآخرون.

الأسئلة تتوارد للذهن بشكل سريع ومتعدد عن كل هذه الضجة المتواصلة طوال قرن سببتها جماعة الإخوان المسلمين، تعلو ضجتها وتخفو، لكنها متواصلة وحاضرة، فما هي هذه الجماعة؟ ولماذا تواجه كل هذا الصدود والإشتباك وتبقى وتستمر ولا تنتهي؟ سؤال لابد من كل ذي عقل التفكير به، لأنها لا تشبه الجماعات الأخرى والحركات والأحزاب التي سادت ثم بادت، أو حركة أو حزب أنجز هدفه وإنتهى وعاد هادئا بين أهله دون هذه الضجة المتواصلة لجماعة الإخوان المسلمينثالتي كلفتنا الكثير من الجهد والوقت والإتشغال والخسائر.

لماذا ظهرت جماعة الإخوان؟ وما الذي أظهرها؟ وكيف تواصلت واستمرت حتى الآن؟
هنا لابد من إشغال العقل مرة، ومن زاوية العقل، وليس من زاوية درج عليها كل من حاور الإخوان قديما وحديثا، إنطلاقا من زاوية الفكر الأصل الإسلامي، الذي تتبناه هي ومحاوريها، وهو فكر ديني إسلامي سني أو شيعي لا فرق في منطلقات الجماعتين الأكبر في هذا الفكر ، واستمروا يتحاورون أو يشتبكون في نفس البيئة والحديث والآية والقياس أو حتى الإجتهاد في نفس منطلقات الفكر.

هنا أناقش ببساطة علمية بعيدا عما سبق، وأتساءل، لماذا ميز الإخوان المسلمين أنفسهم كجماعة سنية بتسمية خاصة؟ وبالتاكيد بفكر خاص ، حتى وهي جزء من الجماعة الأكبر أي السنة؟ وماداموا تميزوا بفكر يدعون أنه مميز ولذلك تشكل له أتباع وأنصار، فهو إما فكر جماعة دينية تصحيحية أو إصلاحية أو تطويرية لفكر الجماعة الأكبر، أي السنة، أو هي حركة سياسية تبغي الحكم والسلطة ترفع شعار الدين.

وبعد ما قارب القرن لم تنجح جماعة الإخوان المسلمين في الوصول للسلطة العامة بمعنى حكم دول السنة، وهل كما تقول الجماعة بسبب أنظمة الحكم وقمعها لهم؟ أم أن المجتمعات السنية لم تقبل بها؟ أنا أقرب لأن المجتمعات السنية لم تنصرها لحيثيات كثيرة، وإلا لهبت كل جماعة السنة للإنضواء تحت رايتها ومبكرا، أو أن الفكر السني بجماعاته المتعددة تاريخيا وحديثا يعاندها وله مناظير أيضا كجماعات داخل الجماعة الأكبر ترى في فكرها هي، أي تلك الجماعات المتعددة أنها أفضل من جماعة الإخوان، وهنا لي رأي في سبب عدم إكتمال مشروع الإخوان المسلمين.

حركة الإخوان المسلمين تحتاج مراجعة خارج نطاقها الديني الذي لم يتطرق له أحد قبل ذلك، بمعنى، لو ابتعدت هذه الجماعة عن ما نظرت له وهو سياسي منطلقا من الديني ولذلك صارعت على الحكم وحملت ثقلين كبيرين أعاقا تتويجها، الأول كما قلنا من معارضتها من جماعات السنة الأخرى والثاني إقحام نفسها في السياسة ومحاولة الوصول لسدة الحكم في الدول المنتشرة بها سواء كبر هناك حجمها أو صغر فإن هدفها الوصول للسلطة، وهذا الهدف السياسي أجهدها وأخر نموها لو استمرت بشكل دعوي فقط كجماعة تتحول لطائفة دعوية لا تعمل في السياسة بل تقوم على تجديد وتصحيح وإصلاح وإجتهاد لحال جماعة السنة الأكبر ، ولكانت خلال القرن الماضي قد حازت على إعجاب الكتلة السنية الكبيرة ودون ضجيج واشتباك وملاحقة، وحينها يكون الثقل إكبر وأكثر تأثيرا حتى في السياسة،أما وإن إستمرت جماعة الإخوان في نهجها فستبقى مشتبكة مع الجميع، (إنظروا لجماعة شهود يهوه كيف عملت منذ زمن طويل ودون ضجيج أو إشتباك عنيف مع المسيحيين واليهود كما الصهيونية المسيحية التي تدخلت في السياسة على الأقل في القرن الماضي، ورغم أن حركات كثيرة أو طوائف في المسيحية كانت تحاورت بالعنف الشديد فترات غابرة في التاريخ، لكن هؤلاء جماعة شهود يهوه أو الهو هوبا تزداد أعدادهم باطراد ودون سلطة أو حكم)، وليسوا كما الصهيونية المسيحية وكيف عملوا بالإنجيل والسياسة ففجروا الخلافات وداسوا على حقوق الشعوب كالشعب الفلسطيني ليقيموا مجمتع القدس اليهودي على حساب الآخرين تماشيا مع معتقداتهم وتفسيراتهم بمتلازمة ظهور المسيح في المجتمع اليهودي ودولة اليهود وهم ينجزون صحيح، ولكن هي مقامرة حتى لو نجحت آنياً فلن تستمر وسينكسرون في لحظة عدم تقدير بشرية وتدخل في مشيئة لا يعرفها إلا الله بظهور المسيح.

نعود للإخوان المسلمين،الكل يعرف ما رسخ في الأذهان الإخوانية من أن الحاكمية إلا لله وأنهم كجماعة يمثلون إمتدادا لله على الأرض وهم بذلك أولى من غيرهم بالحكم، فالسنة كلها تؤمن بالحاكمية لله وأكثر فهم يؤمنون بالملكية الإلهية لكل الأشياء والمخلوقات، وليس فقط الحكم، وكذلك الولاء والبراء ليس مقتصرا على جماعة الإخوان إلا لو كان الولاء والبراء لجماعة الإخوان وتنظيمهم، وتلك مشكلة فكرية أكبر من السياسة، ،

إعملوا ما دمتم تميزتم، وميزتم أنفسكم، كطائفة دينية دعوية، حتى يصبح كل السنة إخوان، إذا كان هذا ينهض بالدين والسنة ويصلح حالهم، والتسميات عبر التاريخ كثيرة مادام الفكر السني هو الأساس وفكركم يقويهم ويجمعهم.

إذا كان فكر جماعة الإخوان ظهر للإصلاح فهذا جيد، وإذا كان الذي أظهرها هو ضعف جماعة السنة أو تحللهم وإبتعادهمعن موجبات ومعاملات وعبادات وأنتم تريدون السراط المستقيم فهذا أيضا جيد.

أما كيف تواصل الزخم الإخواني ولازال قويا حتى الآن؟ فهذا في تقديري أن به ما يغري ويقنع ويجلب الكثيرين، ولا أدري إن كان من بُدٍ هنا من طرح اسؤال الذي يعيدنا لنقطة الصفر ، هل لستمرار جماعة الإخوان وحيويتها هو نتاج مزج الدين بالسياسة كجركة سياسية ترفع شعار الدين وتنطلق من محدداته؟ أم يأتوا الناس إليها لأنها فقط حركة دينية تسد فراغا سنياً يقبل عليه الناس؟ أم أن حركة الإخوان المسلمين لا هذا ولا ذاك ، بل هي مدعومة بجهات خارجية تراها الأفضل لتمثيل السنة بفكرها المعتدل ولهذا تحافظ هذه الجهات على استمراريتها، ولأن بريطانيا لعبت وتلعب دورا هاما في احتضان الجماعة مبكراً. والدفاع عنها منذ النشأة التي قيل وقيل وقيل الكثير عنها، فقد قالوا أن بريطانيا حين كانت عظمى ومع سقوط الخلافة العثمانية هي من بثت الروح في مشاريع ثلاث، واحدة منها جماعة الإخوان لمنع قيام الخلافة الإسلامية، في نفس الوقت الذي بثت بريطانيا الروح في جماعة ثانية، هي جماعة القومية العربية لكي لا تقوم قيامة للقومية العربية، ورمت المشروعين في الأرض العربية ليبقى الإشتباك دائرا حتى النهاية، ويقال أيضا أن بريطانيا هي من أطلق المشروع الثالث، وهو المشروع الصهيوني في المنطقة لنفس الغرض كي لا تقوم قيامة لليهودية أيضا، وتبقى هى المسيحية المتحكمة في منطقة الأديان، وتظل المشاريع الثلاثة مشتبكة طوال الوقت لإضعاف الجميع والمنطقة بمجملها للسيطرة عليها من مركز السيطرة الذي مازال فاعلا في بريطانيا ويتحكم في كل شيء رغم ظهور دول أخرى مثل أمريكا وروسيا والصين بشكل أقوى ؟

لا ندري صحة تلك الأقوال فهي أقاويل.. والأهم هي المراجعة الدائمة فلا شيء ثابت على الأرض إلا المتغير.

.. دلونا بدلونا فقد يعجب وقد لا يعجب كثيرين ولكن كما قلت منذ البدء جماعة الإخوان هي جماعتنا في الوطن العربي ونحاول الفهم ، وما نطرحه ليس مسلم به بل رأي تجمع بالوقت وخرجت تلك التساؤلات وقد تكون غياب المعرفة الكاملة لدقائق الأمور والمعلومات المؤكدة سببا للتحليل وقد تكون تساؤلات مفيدة للإخوان ولغيرهم..
ملاحظة هامة:
هذا رأي يتعلق بجماعة الإخوان وليس بمقاومة حماس وغيرها لكي لا يأخذ أحدا بتفكير سطخي بأنه دوران أو إلتفاف على المقاومة فالمقاومة في حماس الإخوان المسلمين وفي فلسطين هي ضد المحتل وهي مشروعة وعندما تتحرر فلسطين وتبقى حماس خارج منظمة التحرير سنقول لها إذهبي للدعوة أفضل، ولو أنه لو حماس تقاوم تحت إطار وطني ودون إلتزام لجماعة مختلف عليها زمنا طويلا هي جماعة الإخوان المسلمين لكان إنجازها أفضل وأقوى وبعيدا عن الصد الذي تواجهه كحركة دينية وفرع من حركة أكبر لها من يناويئها في الواقع الفلسطيني والعربي والعالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو