الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستكلف أزمة سد النهضة أبي احمد جائزة نوبل للسلام أم ستكون حليفاته إسرائيل امريكا والصين داعمة له؟!

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2020 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام في (11 تشرين الأول/ أكتوبر 2019) تقديرا لجهوده الرامية إلى تحقيق السلام والتعاون الدولي وخاصة مبادرته لحل النزاع الحدودي مع الجارة إريتريا
وقد استعادت إثيوبيا وإريتريا بالتالي العلاقات الدبلوماسية في تموز/ يوليو 2018 بعد سنوات من العداء وبعد حرب حدودية استمرت من عام 1998 إلى عام 2000.
هل تخلى رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد عن جائزة نوبل للسلام بالتسبب عن قصد بإندلاع أزمة دولية لا أحد يدري بعقباها؟
أبي أحمد الذي اتسم تاريخه بعمله المسلح فقد التحق بالعمل المسلح عام 1990 مع رفاقه في "الجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو"، إحدى جبهات الائتلاف ضد الحكم العسكري لنظام الرئيس "مانجستو هايلا ماريام" حتى تم إسقاط حكم الأخير، وأكمل مسيرته بالتحاقه بقوات الدفاع الوطني الإثيوبية (الجيش) عام 1991، فى وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية، وتدرج بها حتى وصل إلى رتبة عقيد عام 2007. وقد بدأ أبي أحمد عمله السياسي التنظيمي عضوا في الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، وتدرج إلى أن أصبح عضوا في اللجنة المركزية للحزب، وعضوا في اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم في الفترة ما بين 2010 - 2012.
كما انتُخب عضوا بالبرلمان الإثيوبي عن دائرته في 2010. وخلال فترة خدمته البرلمانية، شهدت منطقة جيما بضع مواجهات دينية بين المسلمين والمسيحيين، وتحول بعضها إلى عنف، وأسفرت عن خسائر في الأرواح والممتلكات.
ورغم نبوغه العسكري إلا أنه فضل أن يغادر وكالة أمن شبكة المعلومات الإثيوبية (إنسا) عام 2010، ليتفرغ للسياسة بصورة رسمية ومباشرة.
فهل عاوده اشتياقه لطبيعته العسكرية وحبه للتسلح في تزمته بموقفه حيال نفخ الكير بأزمة سد النهضة؟!
الغريب أن تاريخه العسكري لا يؤهله للحصول على جائزة نوبل للسلام إلا إذا كان اختياره لتلك الجائزة ثمنًا لموافقته على المضي قدمًا بمشروع سد النهضة لمصلحة إسرائيل وكان يحتم عليه التلويح بكل ما لديه وما ليس لديه لتلك الغاية؟
على الرغم من التصريحات الإسرائيلية بهذا الخصوص "في ضوء الشائعات الأخيرة بشأن مساندة إسرائيل في مشروع بناء سد النهضة الإثيوبي نود أن نوضح الحقيقة – دولة إسرائيل تتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية مميزة مع كل من مصر واثيوبيا، ولكن إسرائيل لا تسهم ببناء سد النهضة الإثيوبي بأي شكل من الأشكال.
نحن دائمًا ندعم بالقيام بالمفاوضات المباشرة وبالحوار بين البلدين ونأمل أن يوجد حل يفيد مصر وإثيوبيا تحت الرعاية الأمريكية وصندوق النقد الدولي."
ولم تكن في الحقيقة الأزمة المصرية الأثيوبية وليدة اللحظة حيث كانت الحملة المصرية على الحبشة أو الحرب المصرية الإثيوبية، وهو صراع بين الخديوي إسماعيل والإمبراطور يوحنس الرابع إمبراطور الحبشة (إثيوبيا حاليا)، في الفترة بين 1868 إلى 1876. وتضمنت الحملة معركتين؛ جوندت في 16 نوفمبر 1875 وجورا في 7-9 مارس 1876. وانتهى الصراع بانتصار إثيوبيا. معركة غوندت 1875 ففي ديسمبر/كانون أول عام 1874 توجهت قوة مصرية قوامها 1200 جندي من ميناء كسلا تحت قيادة الضابط السويسري مونزينغر واحتلت كيلين، ولكن مع احتجاجات إثيوبيا انسحب الجيش غير أنه خلف حامية وراءه لحماية بعثة كاثوليكية رغم وجود تلك البعثة في المنطقة لأكثر من 40 عاما دون حماية.
فيما دعمت الصين والأمم المتحدة، الدعوات الموجهة لإثيوبيا والتي تتطالبها باستئناف المحادثات حول خطتها لبدء ملء سد النهضة، مشروع الطاقة الكهرومائية، والصين هي أكبر شريك تجاري لإثيوبيا، وتشير التقديرات أيضًا إلى أنها قدمت أكثر من 16 مليار دولار من القروض للدولة الواقعة في القرن الأفريقي، بما في ذلك ائتمان بقيمة 1.2 مليار دولار لبناء خطوط النقل التي ستصل بالمشروع، وستساعد الكهرباء المولدة من السد في تشغيل خط سكة حديد ممول من الصين يربط إثيوبيا –الدولة غير الساحلية- بالموانئ في جيبوتي المجاورة.

بين الاستحواذ ونظرية المنفعة المشتركة:
في حين كانت المبادئ الأساسية التي أقرها القانوني الدولي عام 1961 فيما يتعلق بحقوق وواجبات الدول المنتفعة بالأنهار الدولية والتي تضمن وجوب التعاون في استغلال النهر الدولي وعدالة توزيع مياهه ووجوب التعاون والتشاور في بشأن المشاريع المقترحة.
بدأت إثيوبيا بالفعل عملية بناء سد النهضة في نهر النيل الأزرق قرب الحدود الإثيوبية السودانية، في 2 أبريل 2011، الأمر الذي جعل من مصر الخاسر الأكبر، التي تخشى من أن يؤدي تنفيذه إلى تقليل كميات المياه المتدفقة إليها.
ولمّا لم تكن أزمة سد المهضة مزحة فسد النهضة الأثيوبي يمثل تهديدا وجوديا لمصر حيث تواجه مصر عجزا مائيا يقدر بنحو 20 مليار متر مكعب من المياه في الوقت الحالي (تبلغ موارد مصر المائية 60 مليار متر مكعب، والاستهلاك 80 مليار متر مكعب، حسب تصريحات لوزير الري والموارد المائية الحالي) حيث يتوقع الخبراء أن يُنقص سد النهضة حصة مصر من المياه بنحو 5 إلى 15 مليار متر مكعب سنويا.

السيناريو الحقيقي وليس المحتمل الذي ستعانيه مصر في حال نقصت حصة مصر بمقدار 10 مليارات متر مكعب سنويا وليس 15 مليار مكعب !
بوار 1.8 مليون فدان من الأراضي الزراعية، ما سيؤدي إلى فقد 1.3 مليون فرصة عمل من إجمالي 6 ملايين و500 ألف مشتغل في قطاع الزراعة والصيد (يمثل العاملون في قطاع الزراعة والصيد 25% من عدد المشتغلين في مصر البالغ 26 مليونا عام 2017 حسب أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء).
زيادة عدد العاطلين من 3 ملايين و500 ألف عاطل (حسب إحصاء 2017) إلى 4 ملايين و800 الف عاطل، بنسبة زيادة قدرها 38%.
يحتاج توفير فرص عمل بديلة لعدد 1.3 مليون نحو 600 مليار جنيه (قدر البنك الدولي تكلفة فرصة العمل الواحدة من 25 إلى 30 ألف دولار، وقدرت الهيئة العامة للتنمية الصناعية متوسط تكلفة فرصة العمل الواحدة في القطاع الصناعي في مصر بنحو 326 ألف جنيه -قبل تعويم الجنيه عام 2016- أي ما يعادل 35 ألف دولار).
خسارة نحو 100 مليار جنيه من الناتج المحلي الإجمالي (بلغت مساهمة قطاع الزراعة والصيد في الناتج الإجمالي نحو 498 مليار جنيه عام 2017-2018، تمثل 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي).
نقص كبير في المحاصيل الزراعية سيؤدي إلى زيادة الأسعار، واللجوء للاستيراد لسد النقص في السلع، مع ما يتبع ذلك من انخفاض قيمة الجنيه، وزيادة العجز التجاري.
نقص كبير في مدخلات الإنتاج الخاصة بقطاع التصنيع الغذائي، مع ما يتبعه من إغلاق للمصانع، واللجوء للاستيراد.
تأثر القطاع الصناعي الذي يعتمد بشكل كبير على استهلاك المياه مثل قطاعات الأسمدة والحديد وغيرها من الصناعات.
مصر التي تخشى من انخفاض مؤقت من توافر المياه نظرا لفترة ملء الخزان وانخفاض دائم بسبب التبخر من خزان المياه حيث يبلغ حجم الخزان حوالي ما يعادل التدفق السنوي لنهر النيل على الحدود السودانية المصرية (65,5 مليار متر مكعب) . ومن المرجح أن تنتشر هذه الخسارة إلى دول المصب على مدى عدة سنوات، وفي مرحلة ملء الخزان يمكن أن يُفقد من 11 إلى 19مليار متر مكعب من المياه سنوياً، مما سيتسبب في خسارة مليوني مزارع دخلهم خلال الفترة من ملئه.
ليس هذا فقط بل ستؤثر على امدادات الكهرباء في مصر بنسبة 25 % إلى 40 %، في حين يجري بناء السد حالياً . وقد بلغت حسابات الطاقة الكهرومائية في الواقع أقل من 12 في المئة من إجمالي إنتاج الكهرباء في مصر في عام 2010 (14 من أصل 121 مليار كيلو وات في الساعة) حيث سيحدث انخفاض مؤقت بنسبة 25% من إنتاج الطاقة الكهرومائية وسُيترجم إلى انخفاض مؤقت في إنتاج الكهرباء الإجمالي المصري لما هو أقل من 3%.
كما سيساهم سد النهضة الإثيوبي الكبير إلى خفض دائم في منسوب المياه في بحيرة ناصر، إذا تم تخزين الفيضانات بدلا من ذلك في إثيوبيا. وهذا من شأنه تقليل التبخر الحالي لأكثر من 10 مليارات متر مكعب سنويا، ولكن سيكون من شأنه أيضاً أن يقلل من قدرة السد العالي في أسوان لإنتاج الطاقة الكهرومائية لتصل قيمة الخسارة لـ100ميجاوات بسبب انخفاض مستوى المياه بالسد بمقدار 3م
فما السيناريو المطلوب لحل الأزمة التي لا تخدم غير الجانب الأثيوبي؟
وحيث أن المشكلة اليوم تكمن في فترة ملء الخزان، حيث تريد إثيوبيا ثلاث سنوات، وتريد مصر من سبع إلى عشر سنوات، ومن مصلحة الجميع الوصول إلى حل وسط، وهو فترة الست أو سبع سنوات
وما يضير الجانب الأثيوبي لو وافق على الحل الأسلم.
وهل سيكون الرهان على فشل السيناريو العسكري المصري؟!
أم من مصلحة إدارة ترامب الإبقاء على النار في الهشيم كي يبقي على تدخله المسفر بالشأن المصري؟
وهل نحتاج إلى جائزة نوبل أخرى للسلام كي نطوي قضية سد النهضة بتوافقية ثلاثية...؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س