الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثلية الجنسية من زاويةٍ أُخرى

بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)

2020 / 6 / 24
حقوق مثليي الجنس


ما إن يسمعَ البعضُ من الناس جملةُ (مثليةٍ جنسية)، حتى يتراوى لهم حفلات صاخبة مملوءة بالشذوذ الجنسي ولنفس الجنس -ذكور أو أناث- ليثوروا ضدهم ويشتموهم، ويدعون الى نبذهم إذا ما دعوا الى قتلهم أصلاً، لأنهم سبب فساد المجتمع، كونهم السبب في سوء الخدمات العامة، والسبب في أنظمةٍ صحية مُتهالكة، أو حتى سبباً في جعل بعض الناس يقتاتون من الأزبال بقايا الطعام لسد رمقهم. ووو.. الخ
لكن مهلاً من بنى هذه الفكرة الخاطئة عنهم وحولهم لشماعة تعلق عليها مشاكل المجتمع المغيب فكرياً!، والجواب هو (الاعلام الموجه) بالدرجة الاساس الذي يتعمد بأن يظهرهم بالشكل التافه والمائع، دمية بشرية مُتعطش للجنس فقط، كل شيء سلبي وشاذ ومادي منسوب اليهم بطريقة أو بأخرى، حيث عمل التلفاز والسينما كونهما أشهر وسائل العرض ومن خلال الأفلام والمسلسلات على تثبيت هذه الافكار المُقيتة ولسنوات مُتعافبة بشكل جرعات، من خلال تناول موضوع المثلية بشكل نمطي وجنسي فقط لا إنساني، في الاعمال الفنية وغيرها، الامر الذي يجعله تراكمي ليتحول بمرور الوقت الى شيء طبيعي من ناحية محاربته وإزهاق روحه، بدل الإنصات له أو حتى مُحاولة مساعدته، وأيضاً السوشيال ميديا تلعبُ اليوم دوراً أكبر من بعد الاعلام، من حيث التحريض والشتم من خلال الحسابات الوهمية، وكذلك تداول مقاطع لتعنيف وضرب المثليين والداهية الكبرى مشاركته كأنه بطولة وأسلوب حياةٍ وواجب، وليس كأنهم بشراً وأرواح من الانساني إحترامها وإحترام إختلافها، ولكن ما نشهده اليوم من سيء الى أسوء، بسبب حالة اللامبالاة والعنف التي تشهدها مجتمعاتنا مؤخراً.
لو تمعنا اكثر بهذه الفئة -المثليون- أي ننظر الى جوهرهم وليس مظهرهم الخارجي، لوجدانهم خلاف ما يتم الترويج عنه في الميديا وشبكات التواصل الاجتماعي، فهم طيبون ومُسالمون الى أبعد حد، ولا يحملون ضغائن بحنايا قلبهم، بل العكس تجدهم إجتماعيين وسباقين في المبادرات الاجتماعية، عكس البعض من يدعي الإستقامة وداخله أظلم وأسود أشبه بمدخنة من القرن 19، حتى مشاكلهم الخاصة تجدها بسيطة مقارنة مع مشكلتهم الأُم إلا وهي عدم تقبلهم من المجتمع أو البيئة التي يعيشون فيها، ولعل أبرز مزاياهم المغيبة هي إنهم لا يتعاملون بوجهين بقدر التعامل المباشر، وينذبون هذا الشيء على إعتبار ما الذي يجعلني أُغير من شخصيتي وأسلوب حياتي لأجل إرضاء الغير بعكس البعض الذين يشجعون على مبدأ الاقنعة والوجوه المتعددة للوصل الى الأهداف المرجوة، ولعل الصراحة وعدم التصنع في اسلوب الحياة أحد اهم الأسباب التي تجعل المثليين تحت خط النار من بعض فئات المجتمع المغيب قكرياً والرافض بأن يتقبل إختلاف الناس معهُ بطريقة حياتهم بشكلٍ قطعي، تحت بند العادات والتقاليد والتي تصور أي تعديل أو إختلاف في إسلوب الحياة بأنه معيب وفي بعض الاحيان (حرام!)، ولابد من صده، وبذلك نجد مجتمعاتنا الشرقية على وجه الخصوص تضم فئات كبيرة من الناس ينطبق عليها مُصطلح (copy+paste)، أي الإستنساخ في إتباع إسلوب حياة، حياة بلا رأي أو إعتراض أو حتى تغيير نحو الأفضل، تتبع فقط ما يصدر لها من أوامر مُجتمعية تقليدية مقيتة تدعو للعنف والقتل والتشريد لمجرد الإختلاف في الرأي أو التفكير المنطقي او حتى في أسلوب الحياة لا اكثر!.
المثليون هم بشر ولهم أحاسيس ومشاعر، وليسوا مجرد دمى للمتعة أو التنمر، ولا يحق أن تتم مصادرة حقوقهم في التعبير عن أنفسهم بالشكل الذي يليقُ بهم، فنمهم الفنان والطبيب والمهندس والطيار الخ..، ولا يجب حصر المثلية الجنسية وربطها بهوس الجنس فقط، تاركين كل الجوانب الإبداعية الاخرى لدى المثليين، وهذه المهمة لاتنجز بيوم وليلة وإنما تتم من خلال تناولها كقضية إنسانية مصيرية، والتركيز عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك التلفزيون والسينما، وبشكل جُرعات على غرار الطريقة التي بثت وثبتت الفكرة النمطية الخاطئة عن المثلية، كون منصات التواصل الاجتماعي والتلفزيون والسينما أدواتٍ ذات تأثيرٍ مباشر على الناس وسلوكياتهم في فهم الأمور من خلال المادة التي يتم تناولها في الأعمال الفنية، وخاصة الحياتية والاجتماعية منها على حدٍ سواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة: أي غارة إسرائيلية على رفح توقع شهداء وجرحي لت


.. لحظة اعتقال مواطن روسي متهم بتفجير سيارة ضابط سابق قبل أيام




.. واشنطن: طرفا الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب


.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش




.. برنامج الأغذية العالمي: السودان ربما يشهد -أكبر أزمة غذائية