الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدنية والإسلام السياسي

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2020 / 6 / 24
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


من المناسب جدا أن نقرأ بحرفية تجربة الإسلام السياسي في محاولته لفهم دور الدولة ومفهوم المواطنة وحقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها من الإشكاليات الفكرية والأجتماعية ومن جذورها , وأن لا نكتفي بالنقد وتوجيه التهم والشتائم وأعتبار أن خطيئة الإنسان كلها يتحملها الفكر وأسس التنظير بمعزل عن المؤثر الذاتي والموضوعي عليه ,فمهما يكن الأمر الذي نتفق معه أو نختلف به لا بد أنه يمثل مساحة واسعة من قراءة تستند إلى معطيات ومقدمات ونظرية فكرية سابقة , قد يكون أخطأ أو عجز المفكر السياسي عن إستيعابه بالشكل المطلوب أو عرفها كما هي في حقيقتها , القراءة النقدية العلمية والأكاديمية المجردة هي وحدها من تمنح نوعا من التقييم الأصولي لهذا الفكر وتسجيل الجوانب الإيجابية أو السلبية فيه وتعيين مسارات التوافق والإنحراف مع نظرية الإسلام الكلية للوجود .
المدني والديمقراطي واليساري والعلماني عندما لا يقرأ الفكر الموافق والمخالف ويحاول أن يفهم لماذا فشل الفكر هنا ولماذا نجح هناك وما هي الأسباب والعلل ودراسة المتناقضات والمقدمات سيتحول بالتأكيد إلى مثيل أخر وصنف درجة ثانية من سلفية الفكر والعقيدة , القراءة والإطلاع والفهم لفكر الأخر ضروريا ليس فقط للمواجهة ولكن للتحصين الذاتي والاستفادة من نتائج القراءة في البناء الفكري أيضا , صحيح أن التجربة السياسية للإسلام السياسي لم تنتج فقط من مصدرها الفكري الطبيعي وحده بأعتباره المنبع وهي الدين والعقيدة الإسلامية ولكن قبل ذلك وبعده هي معطى إنساني متأثر بالبيئة والمفاهيم المستوطنة في الواقع , ولذلك مثلا نشهد أختلاف في التعاطي مع ذات المفهوم بين القراءة العربية في الجزيرة مثلا وأخرى نشأت في بلاد الفرس أو الترك مع وحدة المضمون الأساس .
من أهم مرتكزات الفكر التطوري الحديث أنه لا يستبعد من رؤيته ولا يقبل أحادية الصورة لا بالقراءة ولا بالواقع , وهنا يصبح من الواجب على الفكر المدني الذي هو رديف لمعنى القبول بالتطور وبالقبول بفكر الأخر طالما لا يمثل إقصاء أو لا يتبنى الأحادية أن ينظر بعين الفحص والنقد والتمحيص كل الأفكار المطروحة في الساحة , ويدخل معها في حوار مهم قد يجر الطرفان لنقطة التقاء وسطية على الأقل من غير الراديكاليين من الطرفين ,هذا التلاقي والالتقاء مهم وأساسي في بناء حالة من السلم الفكري والتواصل المعرفي دون الاصطدام والتناحر , وقد يتحول في بعض مشتركاته إلى قواعد بناء وقواعد مشروع قادر على أن يحول مفهوم القبول إلى قاعدة والحوار إلى قانون .
عليه ولغرض البدء بحوار فكري متعدد الأطراف والرؤى يجب أن ننطلق من عدم إقصاء أحد يرغب ويؤمن بالحوار كمبدأ أساسي , والمبدأ الأخر والذي يشكل الجانب الأخر من القضية هي دراسة حالات الرفض وبيان علاقتها البنيوية بالفكر الرافض والممتنع عن المحاورة , والبحث عن أسباب الرفض وعلل التبرير المقدمة من ممثلي هذه الأفكار , وهل لها صلة حقيقية بالقاعدة الفكرية أم مجرد رفض منفصل عن أساسيته ومعطياته ومقدماته المؤسسة , هذا واجب المدني والديمقراطي وليس من حقنا أن نفرض على الأخر أن يقرأ أفكارنا أو يحاول فهمها بالواقع وبالنظرية , لأننا بذلك نتساوى في المعيار التوصيفي ونتخلى عن شعارنا المدني أنني أقبل بك شريكا في الحوار والتواصل طالما أنك مؤمن بهذا الطريق بغض النظر عن موافقتي أو معارضتي لأفكارك , وهذا حق إنساني محترم ومقنن بالديمقراطية الليبرالية التي تجمع ولا تفرق بين الناس .
ومن هنا كتب الكثير وأستعرض الكثير من مثقفينا وكتابنا عن أوجه القصور وفشل الحراك المدني في التأثير الواضح على سير الحدث السياسي العراقي مقارنة بالمستوى الفاعل والأداء الملموس ممثلا بالشارع المصري , كما طالب الكثير من الأشخاص من الذين استوعبوا التحليل والتشخيص هذا وأعتبروه ناقصا أو غير مكتمل بغياب رؤية عمل ومنهج سياسي فاعل , الوصف والتوصيف وعرض المشكلة وبيان أوجه الفشل والنجاح جزء مما يسمى بالمراجعة النقدية التي يجب أن تنضج تحت ظروف واقعية ومن خلالها ومن بين ما يمكن أن نستوعبه ندرك كخطوة أولى أهمية وجود حل يتناسب مع الواقع ويستجيب له بمستوى يمثل قفزة وتجاوز حقيقي لإشكالية الواقع , عليه وبد أن فهمنا أساس المشكلة العراقية التي نلخصها بالنقاط التالية يصبح مشروع إعداد رؤية الحل أمرا ممكنا وواضحا .
1.الخلط بين مصلحة العراق العليا وبين هدف حماية المكون الذي ينتمي له السياسي .
2. تعميق ممارسة البعض من القوى السياسية للشأن الديني من خلال المؤسسة السياسية وأعتبار الأولى أولى من الثانية في المراعاة .
3.الكثير من القوى السياسية تحاول عرقلة مفهوم وجدية فرض أسس المواطنة لمصلحة هدف أخر من خلال أعطاء أمتيازات وحقوق ومنافع لفئة مقابل بقية المجتمع تحت عناوين مخصوصة , وهذا يهدم الشعور الجمعي بالمساواة بين المواطنين .
4.حرص المكونات السياسية على زج أعضائها وتابعيها في المراكز والمناصب السياسية دون الشعور بالمصلحة العليا للبلد وأعتبار أن المكسب السياسي منه يمثل إقرارا لها بالحق ولا يمكن التنازل عنه مما تسبب بصعود وتسلق أشخاص غير مهنية ولا متناسبة مع الوظائف والمراكز التي يشغلونها مما سبب فشلا مستمرا في أداء الحكومة والمؤسسات العامة .
5.سكوت السلطة بكل أوجهها على أنتهاك القانون والدستور والعمل على جعل ذلك مبدأ أساسي من مبادئ السياسة العراقية تحت شعار أهمية الحفاظ على العملية السياسية .
6. العمل على تعطيل والتسويف في عمل بعض القوانين والمؤسسات القانونية أتاح للقوى السياسية المزيد من فرص النهب والسلب والتخريب , مثل مؤسسة الرقابة المالية وقانون بيع وإيجار أموال وعقارات الدولة ,وإفشال مؤسسات كانت تمثل الواجهة الصحيحة في بناء الدولة مثل هيئة التخطيط المركزي وديوان المحاسبة وهيئة التقييس والسيطرة النوعية وغيرها من المؤسسات الضابطة .
إن ما ذكرناه يمثل خطوات عملية مارسها السياسيون وصناع القرار بهدف ضرب قوة النظام القانوني والإداري والرقابي ليمكنهم من ضرب البنية التحتية للمجتمع العراقي وصولا إلى تحطيم العراق دولة وإعلانه فاشلا مما يتوجب مع ذلك تقسيمه كدويلات متقاتلة وتابعة لقوى اقليمية ودولية متنافسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا